مقالات
الدين في الفكرًالقومي العربي وأطروحات ميشيل عفلق أنموذجا بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -سورية-
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -سورية-

الدين في الفكرًالقومي العربي وأطروحات ميشيل عفلق أنموذجا
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -سورية-
لماذا العودة إلى الدين وإشهاره في الفكر القومي العربي من جديد ؟ولماذا اخترنا على وجه التحديد منً رحالات الفكر العربي ميشل عفلق؟
الدعاوي في هذه اللحظة من حياة الأمة العربية،بكثرتها ومقاصدها متنوعة ومتعددة ومتباينة الأهداف والخلفيات التاريخية،والأسباب السياسية،وما يجاورها من وازع طائفي وشعوبي،لن ندخل في حوار أو نقد،أوفي دفاع عن هذه الفكرة،وتحزب لها،ويكفينا أن نلحظ الشعوبية الجديدة،فنأتي بها، لا لتشكيل أي موقف فكري منها،وإنما لتكون لحظة اختيار،وراء ماسمي؛ بحل حزب البعث العربي الاشتراكي،والمعتم على مايجب أنً يقال من توضيحات حول ما إذا كان حزب البعث هو الذي كان يقود الحكم في سوريا من يوم الانقلاب المؤامرة في 23- 2-1966 وماتلاه من أحداث وانقلابات،أكملت النهاية المتوقعة لتلك المؤامرة،التي أسقطت ورقات التوت وعرت دعاتها من الاختباء وراء، ما أصروا على تسميته،بحزب البعث العربي الاشتراكي،ببعث حسب ادعائهم أمينه العام ومؤسسه ميشل عفلق،مطارد من تاريخ المؤامرة الشباطية،هو وكل من
تصدى بمواقفه النضالية لهذه المؤامرة،ومن ثم حكم بالإعدام في إعقاب ماسموه مغالطة “الحركة التصحيحية”وتوابعها،في مطاردة قواعد وقيادات البعث،وشمولهم بالأحكام التعسفية،التي شكلت البرهان والثوابت التاريخية،أن من قام بهذة الردة،جاؤوا إلى البعث في لحظات مظلمة،كان حله شرطا للوحدة بين سوريا ومصر أحد أسباب هذه الظلمة،التي آوت الردة.
ولايغيب عن بالنا ونحن نتكلم عن حل ما أسموه البعث،إلى اجتثاث البعث في العراق،من قبل حاكم العراق وراء العدوان الصهيوني،بريمر،وما بين هذه الأطراف من مشتركات تريد نهاية للبعث حزبا عربيا للأمة العربية،ولفكره وعقيدته،التي أعطت للثنائية القومية العربية،العروبة والإسلام،مكانها ومكانتها،التي أسست لصيرورة فكرية،ماعادت تقبل القسمة بينهما.،وهذا الموقف الفكري،هو خلاصة منطقية لإظهار قيمة الدين في حياتناالعربية،بشكل عام والدين الإسلامي بشكل خاص،عندما قال به رسالة خالدة،تقود معركة المصير العربي ،وهي تقوم بخطوات جهادية،على الدور الحضاري الذي يعد كلمة السر في هذه المعركة المصيرية. والدين كما قالت به مدرسة عفلق الفكرية،كانت تنطلق من رؤية استراتيجية مصيرية،ترى في الوطن العربي،عروبة جغرافيته،وجغرافيته العربية،بوصفها مكاناً ومكانة للشعب العربي،الذي كلف بدور حضاري وبرسالته الخالدة. هذه الرسالة التي تربط الحاضر العربي الراهن،بماضي الأمة،وتربط ماضيها بحاضرها ثم مستقبلها،كما قلنا بعروبة الجغرافيا هذه الجغرافيا التي تأتي لتشكل سكناً وتعايشاً مستداماً بين قوميتنا العربية والدين الإسلامي. ويبدا الأستاذ عفلق بقوله عن موقف البعث من الدين، من أنه”، شيئ أساسي في حياة البشر”
وعلى هذا الأساس يقول “إن موضوع الدين موضوع جدي لايمكن أن نحله بكلمة أو بحكم سطحي[……]ولكن يجب أن نفرق بين الدين في حقيقته ومرماه،وبين الدين كما يتجسد أويظهر في مفاهيم وتقاليد وعادات ومصالح في ظرف معين ومكان معين” ومن خلال هذا الفهم للدين أراد الأستاذ أن يشرعن موقفه من الفكر الماركسي عندما قال هذا الفكر بالالحاد،وجعله من أساسيات الثقافة الشعبية في الاتحاد السوفياتي”نحن لانرضى عن الإلحاد،ولانشحع الإلحاد ونعتبره موقفاً زائفا في الحياة، إذ الحياة معناها الإيمان،ولكننا ننظر إلى الإلحاد كظاهرة مرضية،يجب أن نعرف أسبابها لتُداوى.وانطلاقاً من هذه الفكرة،فإنه يرى أن “الدين في صميم القضيةالعربية،والمواطن العربي الذي نعمل على تكوينه.”
ومن هذه الفكرة أيضاً يرى الأستاذ أن الدين الإسلامي بالنسبة للعرب المفصح عن عروبة الجغرافيا،وثقافتها العربية،”وذلك لأن الدين أيضاً بالنسبة للعرب قد أفصحً في الماضي عن الرسالة العربية التي تقوم على مبادئ إنسانية”.ثم يمضي مبينا حضور الدين الإسلامي في عروبة الجغرافيا”وفي حياتنا القومية حادث خطير،هو حادث ظهور الإسلام حادث قومي وإنساني وعالمي فيه عظة بالغة فيه تجربة هائلة،”وهو كذلك لأنّ “الإسلام عند ظهوره هو حركة ثورية ثائرة على أشياء كانت موجودة؛معتقدات وتقاليد ومصالح.”ويخلص من هذه الرؤية بأننا يجب أن نقرأ الإسلام وتجربته في الحياة العربية،على أنها “استعداد دائم في الأمة العربية،إذا فهم الإسلام “وهذة النظرة إلى مكانة الإسلام في الحياة العربية،يدعو الأستاذ العرب إلى قراءة حياة الرسول العربي من داخله” حتى الآن كان ينظر إلى حياة الرسول من الخارج،صورة رائعة وجدت للعجب بها وتقديسها،فعلينا أن نبدأ بالنظر إليها من الداخل[…]واليوم يجب أن تصبح كل حياة هذه الأمة في نهضتها الجديدة تفصيلاً لحياة رجلها العظيم .كان محمداً كل العرب ،فليكن كل العرب اليوم محمداً”
ومن هذه الدعوة وبخلفياتها،التي ترى الرسول العربي بهذه المكانة في حياة الأمة العربية،فهي تراه في الوقت نفسه من خلال مكانة الدين ودوره في هذه الحياة.*
*_هذه الدراسة محاولة لملمة أوراقها يوم كتبت لتكون مكملة ومتمة لكتابنا- العروبة والإسلام في فكر ميشل عفلق،لكن الظروف التي مرت بها حياتنا،في ظل نظام لم يعرف التاريخ أكثر منه استبدادًا وعقلية أمنية طاغية،حكمت علي أن إفقد بعض أوراقها،فجاءت هذه الدراسة على النحو التي هي عليه.منوهة عن قصد وبصيرة بعين عربية،أن الشعوبية الحديدة،تريد للإسلام غربة وقطيعة مع عروبة جغرافيته،ومع التيار القومي العربي،الذي قال بالتلاقي المصيري بين الإسلام وعروبته،التي رأت في الإسلام مفصحاً عن المهام التاريخية للعروبة،يوم رأت فيه هوية ثقافية تاريخيّة لكونه أخذ دوره رسالة لها،في معركة المصير العربي.
د- عزالدين حسن الدياب