مقالات
صيرورة إنزلاق اليقين في سوريا إلى الإيمان! متى يتوقف؟ بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -سوريا –
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -سوريا -

صيرورة إنزلاق اليقين في سوريا إلى الإيمان! متى يتوقف؟
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -سوريا –
إنزلاق قوى التغيير في سوريا من اليقين إلى الإيمان،تحملنا توضيح مفهوم الانزلاق في اللغةالعربية:زَلَقَ)فلاناً ببصره زلقاً:نظر إليه نظرة المتحفظ،حتى كاد يزيله موضعه[….] زلّق المكان :جعلَهُ زَلفاً[…]انزلق):زَلِقَ[….]الزلاًقة) الموضع التي لاتثبت عليه القدم.-المعجم الوجيز-مجمع اللغة العربية-مصر العربيك-القاهرة-ص-290.
ُهدا التوضيح اللغوي التي تتعمده المقاربة من الوضع السوري،في أعقاب الثامن من كانون الأول،يريد أن يحدّد
ويوضح معاني الكلمات والمفاهيم،التي سيكون لها نصيبها في روية صيرورة ما تم انجازه في المجتمع السوري من تغيرات،إنطلاقاً من سؤال،هل مسيرة هذه التغيرات تجاوبت وتلامست مع التحديات التي يتعرض لها المجتمع السوري،بكل مكوناته، وعلى قدم المساواة والعدل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي،والأمن بكل مضامينه ومحدداته،أم أنّ هذه التغيرات، ظلت في أبعادها البنائية،بحدود وإطار إيمان القوى التي أنجزت هذه التغيرات،ومستوى اقترابها وابتعادها عن يقين الشارع السوري،بكل تنوعاته البنائية؟
نعترف مقدماً أن متابعة هذه التغيرات،قائمة على مايقوله الإعلام المرئي والمسموع،بكل تنوعاته وثقافته السياسية وما لها من خلفيات،محلية واقليمية ودولية؛ إذن فهي ينقصها الدراسة والمتابعة الحقلية الميدانية،ولكن هذه المعرفة الإعلامية،سنحصنها ،بمستوى عال من التدقيق،والاعتماد على
ما قمت به خلال حياتي البحثية،إذا جاز هذا التعبير،من دراسات عن قرب وبعد ،ومن متابعة جادة للواقعات البنائية في حياتنا وعروبة جغرافيتنا.
أشرنا في مداخلاتنا عن صيرورة التغيير الذي قامت به وأنجزته قوى التغيير،بما عليه من تنوع في المنظمات الجهادية،التي تحملت على عاتقها التغيير،وما تستند إليه هذه الجماعات من عصبيات،توحيدية وانقسامية،في سياق الصراع بين مستويات القربى التي تخص كل عصبية،من عصبيات هيئة التحرير.
وتساءلت مقاربتنا هل كل هذا التغيير،مقروناً بزمنه وظروفه انتقل من مستوى إيمان هذه الجماعات به وبفعالياته البنائية وجدواه في الاستجابة لنقل للأزمة البنائية للمجتمع العربي السوري،بكل تنوعاته ومالها من إتجاهات ونزعات مقياس سلامتها،ارتباطها وتجاوبها مع السلم والأمن الوطني المطلوب للسلامة الاجتماعية،نقول هل انتقل من مستوى إيمان هذه الجماعات به،إلى اليقين الشعبي الجماهيري،والاستعداد لغمض العين عن نواقصه؟
وفي كل مرة منّ مداخلاتنا ومقارباتنا،للواقعات البنائية،نتنصت لما يقوله الشارع السوري،في الجامعة والمدرسة والمقهى والحديقة،ونصغي للمعاني التي يسمي بها الظواهر والواقعات المجتمعية،وما يخلص من ذلك كله إلى النتائج البنائية.لن نذهب في كل مرة عن سؤالنا،عن بناء الجيش العربي السوري بناء يستوعب كل محدداته وشروطه وضماناته الوطنية التي تبعده عن السياسة والتحزب،والشللية الجهوية والطائفية
وتجعله حضنا للوطن وسلامته،وحمايته من كل ما يخص سلامة الحياة السورية،بحيث يكون ضمانة مجتمعية تتكر فيه مآسي وويلات نصف قرنا ونيف من دفع ضريبة الدم المستباحة،طوال كل تلك الفترة.
إذا؛لتقل بكل اختصار تقبله موضوعية القول السليم والمعافى،إن تلك التغيرات لم تنتقل من ايمان من قام به،ومنطق رغبته في القول،ولم تصل إلى يقين الشارع السوري،الذي يزيل به هذا اليقين همومه ومخاوفه،وينجزه من حافة الفقر التي طالت نسبة عاليه من الشعب السوري،ويقنعه بأنّ هذا التغيير سيجلب له الأمن والسلامة الوطنية،وحكومة انتقالية ممثلة لكل الشعب السوري بتنوعاته وأحزابه،ومنظماته المدنية،
وكهرباء تزيل العتمة التي عاشها ولايزال أكثر من عقدين،ويبشره برفاه وعدل اجتماعي،ويغنيه عن النقص الأمني والغذائي الذي هو فيه. و………..إلخ
واستناد المقارنة على مايجري الآن في مدن الساحل،وتداعياته،ومخاطره على الأمن الوطني والسلامة المجتمعية،تخبرنا بأن التغيير الذي تم من يوم الثامن من كانون الأول،وحتى هذه اللحظة،وما قدم لنا من مشاهد وحوادث تحيلنا،إلى زمن حكم آل الأسدوعصبته الأمنية ومجالس شعبه،ومنظماته الشعبية
المفصلة حسب نوازعه الاستبدادية المتوحشه،وما كانت تلك الصور وواقعاتها في الإعلام تنتج ثقافة الخوف والكراهية الاجتماعية.نقول إن تلك الصور والمشاهد لانزال نراها حتى الساعة،ونسمع بها في أحداث مدن الساحل،كما يسوغها ويقدمها الإعلام العربي والأجنبي.
ويبقى سؤال المقاربة مشروعاً متى يصل التغيير في إنجازاته من قناعة وإيمان قوى التغيير، به ، إلى يقين كل مكونات البناء الاجتماعي به،وإلى متى يتوقف إنزلاق هذا اليقين وفعالياته البنائية، إلى مستوى إيمان قوى التغيير به.
د-عزالدين حسن الدياب