صحيفة إسرائيلية..لزامير المؤمن بـ”جدوى الضغط العسكري”: “اللي يجرّب مجرب عقله مخرَّب”

صحيفة إسرائيلية..لزامير المؤمن بـ”جدوى الضغط العسكري”: “اللي يجرّب مجرب عقله مخرَّب”
مع تسلمه مهام منصبه، صرح رئيس الأركان بأنه “يرى المخطوفين أمام ناظريه”. الفريق إيال زامير لم يقصد المزاح: حسب أحد التقارير، فقد قرر تعليق صور المخطوفين في مكتبه. في لقائه مع عائلات مخطوفين، قال إن إعادتهم “واجبي الأسمى، وعلى رأس اهتمامي. إذا ما أنهيت منصبي دون إعادتهم جميعاً، أكون فشلت في المهمة”.
لكن خطاب زمير المفعم بالعطف والالتزام بموضوع المخطوفين يبدو ثانوياً مقارنة بأقواله القاطعة في موضوع الحاجة “إلى هزيمة حماس” من خلال “ضربة ساحقة”. وكما يمكن لنا أن نفهم من كل مقابلة صحافية منحها الناجون والناجيات من الأسر، فإن أي ضربة لفظية كهذه وغيرها تترجم عملياً إلى تعذيب وتنكيل، فيما كانت هجمات الجيش الإسرائيلي هي الأمر الذي عرض المخطوفين للخطر أكثر من أي شيء آخر. وبعامة، فإن صيغة “بالضغط العسكري وحده نعيد المخطوفين” انكشف عريها مرة تلو الأخرى. زمير، الذي لم يكن على المريخ في هذا الزمن، بقي على حاله: حسب تحليل رون بن يشاي في هذه الصحيفة، فإن رئيس الأركان لا يرى تضارباً بين تقويض حماس وإعادة كل المخطوفين. يقف الهدفان لديه في رأس سلم الأولويات، وهو مقتنع بأن ضغطاً عسكرياً قوياً وسريعاً جداً سيؤدي إلى تسوية تحقق الهدفين”.
إحساس لطيف أن يكون “مقتنعاً” رغم أن الواقع أظهر مراراً بأن لا أساس لهذه القناعة. وعليه، لا غرو أن المخطوفين الذين عادوا والعائلات التي لا تزال تنتظر يبدون أقل قناعة: اضطر بعضهم للسفر إلى البيت الأبيض ليطلب الرحمة على حياة مواطنين إسرائيليين تضحي بهم دولتهم. فهمت الإدارة الأمريكية أيضاً بأن عليهم الاهتمام بمواطنيهم الذين علقوا في هذا الجحيم، وهم يتحدثون مباشرة مع منظمة إرهابية نكراء. وثمة إسرائيليون وإسرائيليات قلقون أقاموا خيمة احتجاج خارج قاعدة الكريا. القاسم المشترك في كل هذا هو عدم ثقة تامة بفكر زمير الذي ينسجم مع رفض عنيد من جانب الحكومة ورئيسها للوصول إلى اتفاق يعيد كل المخطوفين حتى بثمن إنهاء الحرب.
بعامة، كما يعطي زمير انطباعاً، فإنه يبدأ ولايته مع عناق جارف لوعي “هذا وذاك”: استئناف الحرب بقوة زائدة وإعادة المخطوفين على حد سواء؛ وتجنيد احتياط مكثف لـ”هزيمة حماس”، ونسب امتثال عالية تجاه نوايا الحكم، والخوف على سلامة المخطوفين مع التآكل الرهيب؛ وكذا فتح لواء دبابات جديد، مع جيش يبحث عن المقاتلين يجندهم، وتحويل الخدمة النظامية إلى كابوس على نمط روسيا، وإيمان بأن المجتمع الإسرائيلي سيندفع مع تسوية مشوهة؛ و”جيش الشعب” وكذا جيش يحرس مؤمنين على مدخل “قبر الحاخام ايشي” في لبنان، رغم عدم التأكد بأن العبقري من عهد الأمويين هو المدفون هناك.
لكن “هذا وذاك” هو أحد الأسباب التي جعلتنا نصل إلى هذه اللحظة الرهيبة التي يضطر فيها أبطال وبطلات مثل إيلي شرعابي وليري الباغ، بأن ينحوا إعادة التأهيل الطويلة والمعقدة التي يحتاجونها جداً، كي يشرحوا للجمهور الغفير بأنه لا يوجد “هذا وذاك”. وبدلاً من أن يستغل زمير الإجماع الشاذ من حوله ليقول الحقيقة بنفسه دون رتوش ومواجهة التداعيات، ها هو يسوق أوهاماً وكأن بوسعه النجاح مع صيغته الكاذبة إياها. وعليه، فإذا ما تبين مرة أخرى بأن الضغط العسكري لا يعيد مخطوفين أحياء، فلن يكون رئيس الأركان هو من فشل في مهمته: بل من أفشلها.
عيناب شيف
يديعوت أحرونوت 10/3/2025