مقالات

ما بين الوحدة والتفكيك، سياسة الغرب الشرسة بقلم: رامي صايغ، يافا

بقلم: رامي صايغ، يافا

ما بين الوحدة والتفكيك، سياسة الغرب الشرسة

بقلم: رامي صايغ، يافا

لا يُخفى على أحد نيّة دول الغرب في إبقاء السيطرة على بلاد وموارد الشرق وأفريقيا، لطالما كانت هاتين المنطقتين مستضعفتين ولا حول لهما ولا قوّة في الفترة الأخيرة. هذا هو مسار الحياة، فالتاريخ يعيد نفسه منذ سيطرة الامبراطوريّة الرومانيّة على مناطق شاسعة وواسعة تمتد على أجزاء كبيرة في أوروبا وآسيا وأفريقيا، وحتى الامبراطوريّة البريطانيّة التي لم تغب الشمس عن أراضيها (التي احتلّتها بالقوّة) آنذاك.

ولكن، على الرغم من تجربة التاريخ، لا بد أن نشير أن لكل قوّة حدود ولكل امبراطوريّة نهاية وأن الغطرسة الغربيّة ستنتهي يومًا ما وذلك لأسبابٍ معيّنة أهمها وعي الشعوب ووحدتها ضد الطغيان والغطرسة كما حصل من بعد وَهن الامبراطوريّات التي ذكرتها من قبل.

نشهد منذ عقود، سيطرة الولايات المتّحدة وحلفائها الأوروبيين على الساحة السياسيّة ولا سيّما في فلسطين، قلب الوطن العربيّ المنزوع منذ عام 1948 بشكل رسميّ وذلك لفرض سيطرتهم على أهم منطقة في المشرق العربيّ دون مقاومة ولتسنح لهم الفرصة بالسيطرة على قناة السويس والبحر العربيّ لتمتد نحو المحيط الهنديّ والشرق. هذه السيطرة تعود للوحدة بين دول الغرب (غرب أوروبا، الولايات المتحدة، كندا وأستراليا) والتي بدورها تحارب كل وحدة أينما تواجدت، إليكم الأمثلة التاريخيّة من العالم العربيّ:

  1. محاربة الوحدة العربيّة بين مصر وسوريا عام 1958م.
  2. دعم اتفاقيّة أوسلو عام 1993 التي فكّكت فلسطين إلى أجزاء وسلخت فلسطينيو الداخل عن قضيّتهم الأم.
  3. احتلال العراق عام 2003 وسلخ محافظة كردستان العراق عن الدولة الأم وإعطائها حكم ذاتي باقٍ حتى يومنا هذا.
  4. زرع الفتنة في اليمن وتقسيمها إلى جنوب وشمال وشن حرب شعواء عليها منذ أكثر من عشر سنوات.
  5. تقسيم السودان إلى شمال وجنوب عام 2011.
  6. تقسيم ليبيا إلى شرق وغرب حتى لو لم تنشأ دولة جديدة حتى الآن.
  7. دعم انفصال الصحراء الغربيّة عن المغرب.
  8. تفكيك سوريا في هذه الأيام التي نعيشها.

ولكي نوضّح أكثر هذه السياسة يجب أن نشير إلى أن الغرب يحارب الوحدة حتى في أوروبا، ففي عام 1991 نشبت الحرب الأهليّة اليوغوسلافيّة بدعم من الغرب الذي رأى أن وحدة السلافيين في شرق ووسط أوروبا ستشكل خطرًا على الهيمنة الغرب أوروبيّة التي تعاملت مع إسبانيا بالعملة المناقضة (ازدواجيّة المعايير) إذ يتم دعم إسبانيا بمحاربتها الانفصاليين من كتالونيا والباسك وغيرهم من الولايات المتعدّدة، وأنا متأكّد أنه تتم نفس المعاملة مع المحافظات الألمانيّة التي تحلم بالانفصال عن الدولة الفدراليّة لا سيّما في محافظة بافاريا الغنيّة والتي بفضل غناها ما زالت ألمانيا دولة قويّة اقتصاديًا وصناعيًا في أوروبا.

لا ننسى أيضًا دعم الفوضويين في فنزويلا وكولومبيا على مدار السنين وذلك لإضعاف وتفكيك تلك الدولتين الغنيتين والمناهضتين للإمبرياليّة الأمريكيّة التي تشجّع الانفصاليين أينما تواجدوا، ففي سريلانكا استمرّت الحرب الأهليّة بين الشمال والجنوب ثلاثين عامًا ما يعني وبوضوح بأن تكون الولايات المتحدة الأمريكيّة ومعاونيها ما وراء ذلك (سبب الحرب الدولار وأسياده).
 كما وما زلنا نشهد دعم القطب الأوحد تايوان للانفصال عن الصين ولا نستغرب ضلوعها في الفتن اللاّمتناهية في الدول الأفريقيّة كالسودان وكونغو والصومال وكينيا وأثيوبيا وغيرها من الدول الأفريقيّة المستضعفة والمُستعمَرة من دول الغرب والصين ولكن بحلّة غير عسكريّة مثلما كان في القرنين التاسع عشر والعشرين.

لا بد أن ينقلب السّحر على السّاحر وأن تتفكّك بريطانيا حليفة الولايات المتّحدة بفضل الحركة الانفصاليّة الحُرّة في اسكتلندا، الأمر الذي سيشجّع حركات انفصاليّة أخرى في أوروبا وحتى في عقر الولايات المتّحدة، إذ تتواجد حركة انفصاليّة حقيقيّة في ولاية كاليفورنيا الغنيّة ولربما هنالك حركات أخرى في ولايات غنيّة.
وختامًا، برأيي إنّ صراع القوّة لا بد أن يتغيّر يومًا ما ولربما عن قريب، فمن يعلم؟ لأن التاريخ يعيد نفسه دومًا فلا تبقى امبراطوريّة خالدة بتاتًا، كذلك التفكّك لا بدّ أن يحصل في السّنوات القريبة وذلك بسبب التغييرات الجيو- سياسيّة والإقتصاديّة والعسكريّة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب