إسرائيل تنتهك القانون الدولي بفرض قيود على حرية الحركة والتنقل

إسرائيل تنتهك القانون الدولي بفرض قيود على حرية الحركة والتنقل
بقلم رئيس التحرير
تحكم قوات الاحتلال قبضتها وسيطرتها على الضفة الغربية و باتت أشبه بسجن كبير من خلال تقسيم الضفة الغربية إلى كنتونات معزولة عن بعضها عن بعض وتحيط بها الحواجز والبوابات وقد أصبحت جزءا أساسيا من سياسة الاحتلال الإسرائيلي التي تهدف إلى السيطرة على حركة الفلسطينيين والتنقل بين مدنهم وقراهم، حيث تعد الحواجز المنتشرة على مداخل المدن والقرى الفلسطينية نقاط تفتيش دائمة تعرقل حركة المواطنين الفلسطينيين بشكل يومي، وتُعطل حياتهم في مختلف المجالات ووسيلة لإذلالهم.
إن عدد الحواجز المعززة بالعناصر البشرية لا يتغير تقريبا. بالإضافة إلى ذلك، فقد أغلقت إسرائيل طرق الوصول إلى الشوارع الرئيسية بواسطة مجموعة من الحواجز المجسمة، من بينها أكوام التراب، المكعبات الإسمنتية، البوابات الحديدية والقنوات. في أحيان متقاربة، يتغيَّر عدد الحواجز طبقا للظروف السياسية والأمنية، وقد وصل عددها لغاية مطلع عام 2025 إلى حوالي 900 حاجزا.
إن الحواجز المجسمة التي تمنع مرور السيارات تماما، تقطع أوصال الضفة الغربية إلى مناطق منفصلة، والتي يمكن المرور فيما بينها فقط من خلال أحد الحواجز المعززة. وتتغير حدة التقييدات المفروضة على من يرغب بالمرور عبر هذه الحواجز، من حاجز إلى آخر، ومن آن إلى آخر:
في جميع الحواجز تقريبا، يُطلب من المسافرين عرض بطاقات الهوية الخاصة بهم، وفي بعض الأحيان يقوم الجنود بإجراء التفتيش في السيارات وأحمال المسافرين.
ومن آن إلى آخر، تفرض إسرائيل حظراً جارفاً يتم بموجبه منع كافة سكان منطقة معينة من المرور سيرا على الأقدام عبر الحواجز المعززة، أو عوضا عن ذلك، منع مرورهم بواسطة السيارات. ينتشر هذا التقييد بصورة خاصة في الحواجز الموجودة في محافظة جنين ونابلس.
إن أحد الأهداف الرئيسية لهذه السياسة هو الحفاظ على أمن المستوطنين. وعلى ضوء عدم قانونية المستوطنات ذاتها، فان الإجراءات المتخذة بحق الفلسطينيين تشكل خرق فاضح لكافة القوانين والمواثيق الدولية فقد نصَّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أهمية حرية الحركة والتنقل لكافة الأفراد دون أدنى تمييز بينهم، حيث نصّت المادة 13 من الإعلان على: “لكل فرد حرية التنقل واختيار مكان إقامته داخل حدود كل دولة، ويحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه”. وعليه، فمن حق كل فرد أن يتنقل بحرية دون الحرمان من هذا الحق أو الانتقاص منه. كما أكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة 12 على أن الحق في الحركة هو حق لكل إنسان مقيم بصفة قانونية داخل إقليم دولة معينة، وفي اختيار مكان إقامته ضمن ذلك الإقليم، وله الحرية في مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده، ولا يجوز حرمان أحد من حق الدخول إلى بلاده. وتأتي اتفاقية حظر التمييز العنصري لتؤكد على أن حرية التنقل وفقاً للمادة 5 من الاتفاقية التي نصت على الحق في حرية الحركة واختيار مكان الإقامة داخل حدود الدولة وخارجها وحق كل فرد في مغادرة البلد التي يقيم بها ومغادرتها وقت شاء والعودة إلى أي بلد يريدها ومغادرتها.
لقد دأبت إسرائيل من خلال سياستها وأنظمتها على ممارسة أشكال عديدة من التمييز العنصري ضد الشعب الفلسطيني بما في ذلك حريته في الحركة والتنقل، حيث عملت على تخطيط وتنظيم سياساتها وبنيتها التحتية بطريقة عنصرية تخدم حركة المُستعمرين الإسرائيليين وتعمل على تضييق حركة الفلسطينيين. ومن المهم ذكره هو أن إسرائيل ومن خلال هذه السياسات والأنظمة تهدف إلى تضييق الخناق على الفلسطينيين ودفعهم إلى التفكير في الهجرة والرحيل عن الأرض، حيث تأتي الإجراءات ضمن العقيدة الصهيونية الهادفة إلى السيطرة على أكبر مساحة من الأرض بأقل عدد من السكان الفلسطينيين. وقد عملت إسرائيل على تقييد حرية حركة الفلسطينيين من خلال القيود العسكرية المتمثلة في عشرات الحواجز العسكرية، حيث تهدف هذه الحواجز إلى عزل مدن الضفة الغربية عن بعضها البعض، بالإضافة إلى التحكم بدخول الفلسطينيين إلى القدس وداخل الخط الاخضر.
وعليه، فان إسرائيل تنتهك القانون الدولي من خلال انتهاكها لحق التنقل الوارد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية التمييز العنصري والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، حيث تُعتبر كافة السياسات والإجراءات السابقة جزءاً من مجمل الانتهاكات التي تفرضها إسرائيل على حرية الحركة والتنقل.