الصحافه

“شاباك” في خدمة نتنياهو.. رجال قانون: علمتنا تجربة بن غفير أن الوسط العربي هو المستهدف

“شاباك” في خدمة نتنياهو.. رجال قانون: علمتنا تجربة بن غفير أن الوسط العربي هو المستهدف

حن معنيت

في الرسالة القصيرة التي أرسلتها المستشارة القانونية للحكومة لرئيس الحكومة نتنياهو، التي أبلغته حظر البدء في إجراء إقالة رئيس “الشاباك” رونين بار، أوضحت له بأن “منصب رئيس الشاباك ليس منصب ولاء لرئيس الحكومة”. وأشار بار نفسه في الرد على بيان إقالته بأن “توقع رئيس الحكومة لواجب الولاء الشخصي يناقض المصلحة العامة، وهو توقع باطل من أساسه وغير قانوني”. والخوف الكبير لمن يحبون الديمقراطية أن نتنياهو سيعين بدلاً من بار شخصاً مطيعاً له لا للقانون والجمهور. وهكذا يستكمل رئيس الحكومة السيطرة على جهاز الأمن العام (“الشاباك”).

رجال قانون تحدثوا مع “هآرتس” حذروا من أن قوة “الشاباك”، المتجسدة في التعقب واختراق الخصوصية وإجراء تحقيقات، قد يستخدمها نتنياهو ويسيء استخدامها فيعرض النظام الديمقراطي للخطر ومثله حريات المواطن في إسرائيل. هذا الأمر يسري بدرجة أكبر عندما يدور الحديث عن حقوق الضعفاء أو عن حقوق الذين يعارضون السلطة والذين ينتقدونها.

البروفيسور عميحاي كوهين، زميل كبير في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، ومحاضر في الكلية الأكاديمية اونو، يؤكد أن منطلق النقاش توقع يقول إن رئيس “الشاباك” سيكون مخلصاً وسيمتثل لرئيس الحكومة فقط

البروفيسور عميحاي كوهين، زميل كبير في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، ومحاضر في الكلية الأكاديمية اونو، يؤكد أن منطلق النقاش توقع يقول إن رئيس “الشاباك” سيكون مخلصاً وسيمتثل لرئيس الحكومة فقط، وه ما يناقض مطالب هذا المنصب كما هي في قانون “الشاباك” من العام 2002. فالمادة 4 (ج) في هذا القانون تنص على أن “الجهاز سيعمل بصورة رسمية؛ ولن تلقى عليه مهمة المضي بمصالح حزبية – سياسية”. يقول كوهين إن “لرئيس “الشاباك” صلاحية في القانون ليضع حدوداً لصلاحيات رئيس الحكومة والمستوى السياسي” – تقييد ينبع من أن لدى “الشاباك” صلاحيات وقدرات مهمة داخل الدولة. لذلك، هناك خوف من أن يستخدمها رئيس حكومة سياسياً. “بن غوريون استخدم “الشاباك” لملاحقة خصومه السياسيين”، واضاف كوهين بأن رئيس “الشاباك” السابق، يورام كوهين، وصف في مقابلة كيف طلب منه رئيس الحكومة التحقيق في تسريبات، وكيف وضع أمامه حدوداً واوضح له بأن الأمر ليس في إطار وظيفته. “كلما كان رئيس “الشاباك” خاضعاً أكثر وينفذ ما يطلبه منه رئيس الحكومة، فهو بذلك لا ينفذ واجبه حسب القانون”، قال البروفيسور كوهين.

المحامي غيل غان مور، مدير وحدة الحقوق الاجتماعية في جمعية حقوق المواطن، قال إن الإغراء الذي لدى رئيس الحكومة، الذي هو سياسي قبل أي شيء آخر، باستخدام صلاحيات “الشاباك”، هو إغراء كبير على خلفية قوة هذا الجهاز. وقال غان مور، إن قانون “الشاباك” ضبابي ويتضمن تعبيرات كثيرة يمكن تفسيرها بشكل واسع. لذلك، يمكن تفعيل “الشاباك” لأهداف. فالمسافة بينها وبين الإحباط والمس بأمن الدولة، كبيرة. “مثلاً، “الشاباك” هو المسؤول عن كشف أسرار الدولة”، وأضاف غان مور: “هذا الأمر قد يترجم إلى توجيه من رئيس الحكومة للشاباك، لملاحقة صحافيين نشروا معلومات محرجة ضد الحكومة”. “الشاباك” أيضاً هو المسؤول عن حماية رئيس الحكومة وشخصيات أخرى، يبدو أن هذا الأمر قد يسمح بإعطاء توجيه للقيام بملاحقة متظاهرين، بذريعة أنهم يعرضون أمنها للخطر.

وأضاف غان مور أن مفهوم “الحفاظ على أمن الدولة” الذي يظهر في القانون أيضاً، هو مفهوم عام وغامض، وهناك خشية من أن يطلب من “الشاباك” الانشغال بمواضيع مدنية، مثل مكافحة الجريمة في المجتمع العربي، بذريعة أن منظمات الجريمة تتاجر بالسلاح مع تنظيمات إرهابية أو تتعاون معها. هكذا، يتم إدخال نشاطات “الشاباك” إلى مجال مدني كلياً. “إضافة إلى ذلك، قد يأمر رئيس الحكومة “الشاباك” بالتحقيق أو التجسس على أحزاب المعارضة أو جمعيات بذريعة منع النشاطات السرية، وهو مفهوم ضبابي آخر يظهر في القانون، وربما يشمل صوراً كثيرة من معارضة السلطة”. وحسب قوله، الخطر أن رئيس “الشاباك”، المنتخب على أساس الولاء السياسي، سينفذ المهمات المشكوك فيها هذه بدون تردد.

المحامية سوسن زاهر، المتخصصة في حقوق الإنسان وتمثل العرب في المحكمة العليا، قالت إن معظم المجتمع العربي يعتقد أن المس بسلطة القانون وحقوق العرب موجودة، ونشعر بها بدون صلة بإقالة بار. “تم التعبير عن المس بحقوق العرب في سياسة ممأسسة في إسرائيل، التي ترى أن المواطنين العرب والفلسطينيين اعداء، وتسمح بسهولة بالمس بحقوقهم”، قالت زاهر. وحسب قولها، هذا الأمر واضح جلياً في ملاحقة “الشاباك” للعرب، واعتقالهم إدارياً استناداً إلى أدلة سرية في أيدي “الشاباك”، وفي تدخل “الشاباك” في التعيينات في الوزارات الحكومية.

زاهر، التي كانت نائبة مدير عام مركز عدالة لحقوق الأقلية العربية، قالت إن “العرب في الأصل هدف سهل للسلطات”. ولكن حسب قولها، “هذه مقاربة ستتفاقم إذا كان رئيس “الشاباك” مخلصاً لرئيس الحكومة. المقارنة المناسبة بالنسبة لي هي إعطاء بن غفير، وزير الأمن الوطني السابق، فرصة لتولي مسؤولية الشرطة والسيطرة عليها”. وقالت إن المواطنين العرب هم أول الضحايا جراء استيلاء بن غفير على الشرطة. “حظر عليهم في أكثر من حالة، التظاهر ضد الحرب في غزة، وتم التحقيق مع كثير من العرب بلا مبرر بسبب تصريحات لهم في الشبكة. حسب زاهر، إذا كان من الممكن حتى الآن تسليط الضوء على المس بالمواطنين العرب وتوفير الحماية لهم، “فإن سيطرة رئيس الحكومة على “الشاباك” ستؤدي إلى وضع أكثر ظلامية وصعوبة. أنا وبحق لا أعرف إلى أين يمكن أن نصل”، لخصت أقوالها.

غان مور، ذكر بأن الخطر الكامن في سيطرة سياسي على “الشاباك” لا ينعكس فقط في إساءة استخدام قوة الجهاز، بل أيضاً في منع استخدامه. حسب قوله، بإمكان رئيس الحكومة الضغط على رئيس “الشاباك” لمنع إجراء تحقيق أو القيام بعمل بطريقة معينة لا تساعده سياسياً. “مثلاً، نشر أن “الشاباك” اشتكى من امتناع الشرطة عن استخدام صلاحيتها ضد المستوطنين المشاغبين الذين يمارسون الإرهاب ضد الفلسطينيين”، قال غان مور. “إذا حدث شيء مشابه في “الشاباك”، فلن يكون هناك من يحبط الإرهاب اليهودي. رئيس “الشاباك” الذي سيتم انتخابه على أساس الولاء السياسي، لن يصمد أمام الضغط”.

يذكر كوهين بأنه على المستوى الملموس، هناك مواضيع على طاولة بار – ونتنياهو يخشاها. الأول، هو تحقيق “الشاباك” في علاقات مستشاري رئيس الحكومة مع قطر. والثاني، المعلومات التي لدى “الشاباك” عن موقف المستوى السياسي قبل الفشل في 7 أكتوبر. هو يقول إن “هناك أمراً بمنع النشر بشأن قضية العلاقات مع قطر”. ولكن فيما يتعلق بالمعلومات التي لدى “الشاباك” عما فعله المستوى السياسي قبل 7 أكتوبر، فثمة “شعور غير لطيف، بأن رئيس الحكومة غير معني بالتحقيق في هذه الأمور”. حسب قول كوهين، رئيس “شاباك” مثل رونين بار، يصعب على نتنياهو أن يطلب منه عدم نشر المعلومات، “مقابل رئيس “شاباك” آخر، مطيع، ويسمح بمعالجة متساهلة”.

لـ “الشباك” كجهاز وقائي، صلاحية كبيرة للتجسس وتعقب مواطني الدولة وسكانها. وهو مخول أيضاً بتنفيذ عمليات تنصت سرية على أي شخص بمصادقة من رئيس الحكومة وبدون تدخل قاض. ويحصل رئيس الحكومة على نتائج التنصت. الآن، لم ينحصر التنصت على المكالمات الصوتية، بل يمكن تنفيذه أيضاً بواسطة برامج تجسس مثل بيغاسوس. “الشاباك” يمكنه الاطلاع على قاعدة البيانات الخاصة باتصالات كل مواطني إسرائيل، حتى الذين يستخدمون البنية التحتية للاتصالات في إسرائيل. قاعدة البيانات تتيح لـ “الشاباك” رسم صورة شخصية واسعة لكل مواطن، والوصول إليه غير مرهون بواجب الحصول على أمر قضائي. يقول غان مور إنه “إذا أراد رئيس الحكومة، فيمكنه استغلال تأثيره على “الشاباك” للتجسس على خصوم سياسيين ومعارضين للنظام وحراس عتبة بهدف جمع معلومات عنهم تخدمه سياسياً”. ويضيف غان مور بأن المتابعة المبالغ فيها للمواطنين مع المس بالخصوصية، قد تتم أيضاً من خلال الاعتقاد بأنه الأمر الصحيح الذي يجب فعله، كما حدث في فترة كورونا. كما نذكر في حينه، أجبر رئيس الحكومة “الشاباك” على استخدام قدرته على التعقب للعثور على مكان مرضى كورونا ومكان من اتصل معهم، من أجل إدخالهم إلى العزل. وإذا لم يكن كل ذلك كافياً، فثمة اقتراح حكومي يريد توسيع صلاحياته. وهذا وجد تعبيره في مذكرة قانونية نشرت قبل سنة تقريباً، فيها صلاحيات لجمع معلومات عن جهات خاصة لاستخدام برامج تجسس والقيام بتفتيش مواد الحواسيب.

وأشار غان مور إلى أن مراقبة “الشاباك” ضعيفة، وأنها ترتكز بالأساس على المراقبة الجارية للمستشارة القانونية للحكومة ورجال طاقمها. ولكن ذلك يتم بأثر رجعي ويرتكز إلى تقارير “الشاباك” نفسه. إضافة إلى ذلك، هناك رقابة برلمانية، لكنها تتم بأثر رجعي أيضاً، والواقع يعلمنا أنها غير ناجعة.

يقول غان مور: “تكمن الأهمية الإضافية في أن من يترأس الجهاز سيتبنى نهجاً مهنياً ورسمياً، إضافة إلى خوف شديد من أن يتعلق الأمر بشخص اختير على أساس الولاء السياسي”.

هآرتس 18/3/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب