مقالات

” بيت حانون تحترق ” بقلم ، أ .خضير بشارات

بقلم ، أ .خضير بشارات

” بيت حانون تحترق “
بقلم ، أ .خضير بشارات
 
قطعت عصابة الاحتلال كل الطرق الممكنة للتوصل إلى اتفاق جديد مع المقاومة الفلسطينية فهي قبلت ما مضى تحت ضغط الإدارة الأمريكية الجديدة ، ظلت تهدد و ترفض لكل الحلول السلمية متجاوزة إرادة الإسرائيليين و أهالي المخطوفين الذين يطالبون بوقف الحرب و التوجه إلى المفاوضات لإعادة أبنائهم و إخوتهم و أزواجهم و كل المخطوفين في أيدي المقاومة، و راوغت المؤسسات الدولية، و تعالت على كل القرارات التي تدعو إلى وقف إطلاق النار ، تجردت من الإنسانية، أظهرت كل وحشيتها و صبت كل حقدها و أفرغت صهيونيتها على الشعب الفلسطيني الأعزل منذ ما يزيد عن سبعة عشر شهرا ،فور انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق راحت العصابة الصهيونية تعلن عبر الأخبار أنها ستضرب غزة ، من جهة أخرى توغلت في سوريا و لبنان و قصفت مواقع حيوية في داخل العمق العربي ، تخلخل محور المقاومة بل لم يعد موجودا ، تم القضاء عليه ، تصفية كبار حزب الله ، و عودة سوريا إلى القطيع العربي زاد من توغل العدو و تغلغله في الجسم العربي ، فصارت الظروف مواتية و لو أنها جاءت متأخرة بالنسبة للكيان لضرب المقاومة و شل قدرتها العسكرية كما يدعى صناع القرار الصهيوني ، بدأت تضرب بشكل عشوائي الصيادين أو بعض المناطق فيرتقي شهيد هنا و إصابة هناك و هذا منسجم مع خط التسوية و المفاوضات التي تحاك بين الكيان و الدول العربية الراعية للمباحثات ، يرسل العدو رجال الأمن إلى مصر مرة و إلى الدوحة ثانية ليبقى ممسكا بخيوط منصبه ، و يراوغ بخبث مع وزراء حكومته و مع أهل المخطوفين ، يقيل مسؤول و يعين آخر ، يجري اتصال مع كبار قادة الاستعمار ، يخفي حقدا و شرا تجاه كل العرب و يعمل بأناة على تمزيق لحمتهم و هم يغرقون في كسب الذات و بيع الأوطان ،إنها الصهيونية المتعطشة لسفك الدماء، لا تراعي حرمة الأبرياء ، و لا تهتم لعواقب خرق الاتفاق، دنست الإنسان و الإنسانية ، تضرب بغبائها كل القوانين السماوية و لا ترضى بقبول القوانين الأرضية ، خارجة عن كل القيم و الديانات و الأخلاق ، لا مقاييس إنسانية تضمها ، و غير قادرة على أن تحترم الآخرين بل ترى نفسها أطهر من الأجناس البشرية الأخرى ، فتعمد على وحشيتها و قتل الآخرين بلا هوادة ، تصب جام حقدها و سمومها بين الشعوب و سدة الحكم لتضمن بقاءها، و تأمن استمرار كيانها الغاصب في جسد الأمة العربية ،
فكانت غزة ساحتها مرة أخرى صباح الثامن عشر من آذار ، فشنت ضرباتها الهمجية على كل الجغرافية في جنح الهدوء الذي ينعم به الغزيون، و هم في مأمن الهدن الموقع عليها في الدول العربية مع الكيان المسخ تحت إشراف شيطان العصر أمريكيا ، كل الحبر الذي دنسته الاجتماعات و الاتفاقيات لم يشفع لبراءة الأطفال ، و لم يتمكن من لجم يد الشر المتغولة في فلسطين، في حين يقف العالم أجمع لردع الفلسطيني الذي يطالب بحقه و بالطرق المشروعة التي اوجبتها هيئات الأمم المتحدة ضمن المواثيق الدولية و الإنسانية التي يتغنى بها مغول العصر المتمثل بدول الاستعمار الغربي و من يتبعهم من دول الردة العربية و الرجعية ، فتلك القوانين أثبتت كل التجارب و السنون أنها لا تطبق إلا على الطرف الأضعف و هو بطبيعة الحال الدول العربية و الإسلامية ، فبدورها أصبحت حقلا سهلا من خلاله يمرر الاستعمار سياسته،صبت الصهيونية نارها و غضبها على خيم النازحين في مختلف أماكن القطاع ، ضربت بقوة أعنف مما كان قبل وقف إطلاق النار ، فهي تريد القضاء على كل ما هو حي داخل غزة ، أحرقت الخيم و الناس فيها نيام ، الأطفال ينعمون بنومهم و كذا النساء و الرجال يستظلون بظل ما وُقع من حبر ، لا يعلمون أن الاحتلال مجرم و مجرد من كل قيم الإنسانية و ينقض العهود و لا يملك ما يؤهل قادته لاحترام المواثيق الدولية و حقوق الإنسان بل لا يعطون هم أهمية لكل ما هو خارج غطرسته و خارج عقيدة الأمن التي يعملون خلالها للقضاء على المقاومة أتى وجدت ، فالاحتلال يريد أن يُخرج المنطقة العربية من كل من يقف أمام سياسته التوسعية و الاستيطانية ، يعمل على إيجاد شرف أوسط جديد يخلو من السلاح ، فيقوم بنزعة من منطقة وراء الأخرى،كانت بيت حانون الساحة الأولى التي وصلت إليها الصواربخ فتحولت إلى قطعة من جهنم ، استفاق الناس إلى سحور رمضان و إذا بالحزام الناري يلتف حول غزة و أهلها و يتشتت شملهم ، فيرتقي الشهداء بالعشرات ، و يتكدس الجرحى في الحناطير نحو ما تبقى من مشافي إذا سمح لهم العدو بالوصول ، فهو يباغتهم بالقذائف الحارقة ، ليحرق ما تبقى لديهم من أمل العيش ، فتعلو أصوات النساء و يرتفع البكاء حارا مؤلما يشق دروب البرودة في فضاءات غزة الشامخة ، لتكون حمما بركانيا،على مدار ثلاثة ايام و المحرقة تنشر جمرها على بلدان و أحياء و مدن و مخيمات القطاع ، فكانت خربة العدس ، و حي الزهور شمال مدينة رفح ، و مدينة خانيوس و شرقها تحت وابل المتفجرات و تحت قرارات قادة العدو العسكرية لتركيع المقاومة و تقديم التنازلات بلا مقابل و لتفرج عن أسرى الاحتلال و بلا ثمن ، هيهات أن
يتحقق لهم ذلك ، كل ذلك في صمت عربي رهيب فهم لا يقدرون حتى على شجب الجرائم الصهيونية ، اختفت كل الأيدي التي حملت راية المفاوضات و دعت لوقف النار ، اختفت الدموع العربية و الأجنبية التي سالت من أجل حرية أسرى الاحتلال ، و بقيت غزة وحيدة تواجه الموت الذي هندسته دول الاستعمار و من تواطأ معها من
الدول الرجعية التي لا قدرة لها على رفض الاستعمار بل هي جزء من نتائجه منذ سنوات طوال ،
أعاد الاحتلال حربه المسعورة على غزة و نقلت ذلك كل وسائل الأخبار المحلية و العالمية و كشفت ساديته بكل تفاصيلها، أطفال يُحرقون في خيمهم الممزقة، امرأة تذر دموعها مدرارة على أبنائها الشهداء ، تكاد تفقد توازنها بل فقدت كل صوابها و هي تبحث عن الأشلاء عساها أن تجد قطعة منهم ، لتواريها التراب ، و تقيم عليها كعبتها ، و تكون ملجأها في و قت المناجاة ، طفلة تصرخ بكل ما تملك من عنفوان و تقول : قتلوا آمي ، أطلقوا على بطنها رصاصة و هي حامل و يتقطع الصوت مع نبرات الألم التي تختلط مع الدموع ، حزام ناري تشنه العصابات الصهيونية من مدافع الدبابات على بيت لاهيا و بلدتي عبسان و خزاعة ، ينصب النازحون خيمهم في ساحة الجندي المجهول بعد قصفهم و نزوحهم تحت نار العدو و برد الشتاء الذي عاد من جديد ، رجل يحمل جثمان ابنه و يقول و تغطي لحيته الدموع : و الله وحديدي ، و امرأة تطلب من التاس ، و تقول و هي تحتضن ابنها الشهيد : الدنيا صقعة هسا ببرد خليني أدفيه ، و تلطم على صدرها من هول الكارثة ، و تعجز عن القيام فقد هدها الألم ، ليواسيها من اعتادت جوارحه على الفقد أو من يتملك صبر الفقد ، طفلان لا يتجاوز عمر أحدهما سن الطفولة ، الولد يرفع يديه إلى السماء و يدعو الله أن تبقى أمه على قيد الحياة ، يا رب اتظل أمي عايشة ، و يتلفت حواليه عسى أن يأتي خبر حياتها ربما يأتي ، بجانبه تجلس الطفلة و هي تحمل ملابس الوالدة ، تتألم تحترق الأحشاء تعصر الملابس من عمق الجرح الذي ينزفي داخلها ، يربت الناس على عواطفهما ، يُسمع صوت من قريب و هو يقول : لا لا يا ستي ، ابترجع ابترجع إن شاء الله أمك ، مشاهد يبكي لها الصخر ، مشاهد تُحرك لها الحجارة من قساوة الحرق و القتل و قطع اللحم التي ناثرتها قذائف الاحتلال ، لكنها و بكل أسف لا تحرك مشاعر العرب و المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها ، فقدوا كل عناصر العروبة و الإسلام ، لا قيم يحملون ، و لا دين يجمعهم و يوحد كلمتهم ، اشتاتا هم، يرتعون في حظيرة الاستعمار ، يرافق ذلك هجوم بربري على مخيمات الضفة بعد آن اثخنوا جنين و طولكرم يتابعون حقدهم على مخيمي نابلس ، حاصروا مخيم العين ، تعزيزات تتقدم نحوه من مداخل المدينة المختلفة من حوارة من بيت وزن آليات تدخل و قناصة ينتشرون على سطوح المنازل ، أرتال من الجيش يملأ الشوارع و الحارات، يرتقي شهيد في صباح أيام رمضان المبارك ، إطلاق نار على الناس الأبرياء ، بدأ تهجيرهم تحت وقع السلاح ، تصدر عصابات الموت أمر النزوح، ليتدفق الأطفال و عائلاتهم خارج حدود المكان و أبعد من جغرافية الزمن ، اخرجوا إلى نابلس أو إلى مخيمات أخرى ، هكذا يقول الاحتلال عبر و سائله، امراة تشرح ما حل بهم جئنا مت مخيم جنين و ألبوم يريدون تهجيرنا من جديد أين نذهب؟ إلى متى هذا العذاب؟ أما آن للفلسطيني أن يرتاح ، أخذت الجرافات طريقها في تخريب المرافق العامة ، مزقت جسد المخيم، تجريف الشوارع ، رائحة المسيل تلوث الفضاء ، الآليات تعرقل حركة المارين ، تحتجز طلاب المدارس، تغلق مفارق الطرق كلها المؤدية إليه ، لا أحد يستطيع دخوله أو الخروج منه ، وقع تحت سياط العصابة الصهيونية، لا أحد يعرف متى يُفك القيد عنه ؟ سياسة عدواتية ضد المخيمات و سكانها بهدف التهجير و الاستيلاء على الأرض الفلسطينية بما يحقق أهداف الاستعمار في المنطقة ، قصف عنيف لازال مستمرا على إرادة الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده بهدف تذويبه في دول الشتات و إخراجه من فلسطينيته ، و لكنهم يتناسون أنه مزروع في أرضه كالزيتون و القمح ، كما فلسطين هي قطعة من قلبه و دفقات دمه ،
21_3_2025م ، الجمعة ، 11 : 01 ، صباحا ،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب