… وهذه إخفاقاته

… وهذه إخفاقاته
سقوط غادة عبد الرازق
لم ينجح «شباب امرأة» (بطولة غادة عبد الرازق، يوسف عمر ـ سيناريو وحوار محمد سليمان عبد المالك ـ إخراج أحمد حسن) في جذب المشاهدين، رغم الشهرة الواسعة للفيلم الذي عرض عام 1956 (بطولة تحية كاريوكا)، إذ جاء مسلسل الـ15 حلقة بلا هوية واضحة، تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً. اعتاد الكاتب محمد سليمان عبد المالك الاقتباس عن أفلام قديمة وكتابة سيناريوات لمسلسلات عنها مثل مسلسل «إمبراطورية ميم» (2024) الذي عرض كفيلم عام 1972. لم تنجح هذه المسلسلات لكنها كانت أفضل حالاً من «شباب امرأة». ورغم أنّ غادة عبد الرازق قدمت شخصية شعبية هي «نعمة الله» في مسلسل «عائلة الحاج متولي» (2001)، إلا أنها في 2025 قدّمت الشخصية بطريقة تمثيل قديمة جداً، ويبدو أن الفارق بين تقديمها للشخصيتين أن غادة وقتها لم تكن نجمة وكانت تستمع إلى كلام المخرج محمد النقلي، فأدت الشخصية جيداً، بينما بدا واضحاً في «شباب امرأة» أنّها هي التي تقود العمل وليس المخرج أحمد حسن. سقط المخرج أيضاً في اختبار تقديمه المسلسل المعتمد على القصة القديمة بأجواء حديثة، فتاهت الأحداث بين الزمنين، وأصبح المسلسل هزلياً بينما الأحداث تراجيدية.
الرايتينغ مهما كان الثمن
عندما يكون هدف العمل الفني الوحيد تحقيق مشاهدة عالية من دون أن يُعطي الصنعة أهمية كبرى، فيكون قد أخفق رغم انتشاره الجماهيري. وهذا ما حدث مع «نسمات أيلول» للمخرجة رشا شربتجي المعروفة بدقتها في اختيار النصوص وعملها على الصورة والأداء. في هذا الموسم، قررت خوض تجربة العمل الكوميدي الذي وقع في مطبات كثيرة، أولها الاستسهال على صعيد النص والأداء وأسلوب الكوميديا المعتمدة على كوميديا الإيفيهات والنكات المناسبة للنشر على السوشال ميديا. وحتى في محاولة خلق الشخصيات كأنماط كوميدية، جاءت أقرب إلى الكليشيهات مثل طريقة كلام نادين تحسين بيك المغتربة التي تتحدث الإنكليزية مع العربية المكسرة. على صعيد الحكاية، اعتمد المسلسل مبدأ الحلقات المنفصلة المتصلة، ولم يناقش مواضيع مهمة في الكثير من الحلقات، فجاءت الكوميديا شكلاً بلا مضمون. وبالعلاقة مع الواقع، كان بعيداً من البيئة الذي يحاول التعبير عنها، فهذا ليس الريف السوري، رغم الصورة البصرية الجميلة التي نقلتها كاميرا شربتجي في فضاء المسلسل الريفي. شوهد المسلسل لأنه اعتمد على عناصر الانتشار في زمن السوشال ميديا، لكنه لم ينجح على صعيد الشكل الفني والمضمون.
هنيدي يتعثر مجدداً
يريد نجم الكوميديا المصري محمد هنيدي أن يكرّر نجاح مسلسله «أرض النفاق» (2018)، لكنه فشل رغم تقديمه أكثر من فيلم بعده، وصولاً إلى مسلسل «شهادة معاملة أطفال» الذي لم يعد هنيدي إلى مكانته كأحد أهم وأشهر ممثلي الكوميديا العرب. رغم أن هنيدي نجح في أعماله التي تعتمد على شخصيات مثل المحامي عبد الستار الكف التي يقدمها في المسلسل، إلا أنّ العمل خيّب آمال الجمهور في الضحك من أداء أحد نجومه المفضلين بسبب الكتابة والإخراج. «شهادة معاملة أطفال» (تأليف محمد سليمان عبد المالك ـــ إخراج سامح عبد العزيز، وبطولة صبري فواز وسما إبراهيم) يمثل نقطة جديدة في عثرات هنيدي، فقد اعتمد على مؤلف لم ينجح سابقاً في كتابة دراما كوميدية. وحين قدم سليمان عبد المالك مسلسل «فراولة» لنيللي كريم عام 2024 (إخراج محمد علي)، تراجعت أسهم نيللي. فالكتابة لجمهور يقدم آلافاً من النكات والإفيهات يومياً عبر منصات السوشال ميديا أصبحت مهمة صعبة. أما سامح عبد العزيز ورغم أنه أخرج لهنيدي «أرض النفاق»، فيبدو أنه تعامل مع «شهادة معاملة أطفال» بطريقة أقل احترافية، فهو مخرج أعمال درامية وكوميدية مهمة، لكن بصمته لم تكن ظاهرة هنا.
موت الدراما المشتركة؟
كانت شركة «صبّاح إخوان» تعوّل كثيراً على المسلسل المشترك «نفس» (كتابة إيمان السعيد وإخراج إيلي السمعان). فالعمل هو الأول الذي جمع الممثلة اللبنانية دانييلا رحمة مع الشركة المنتجة، وكان المشروع المشترك الوحيد الذي شارك في السباق الرمضاني. لكن النتيجة جاءت مخيبة للتوقعات، وخرج المسلسل باهتاً شبيهاً بالأعمال التركية المدبلجة إلى اللهجة السورية، حتى إنّه أسوأ منها. تطرّق «نفس» إلى فتاة كفيفة تدعى نفس (دانييلا)، تقع في حبّ غيث هو صياد سوري (معتصم النهار). أعاد المسلسل اجترار قصة حب الشاب الفقير والفتاة الثرية، وقدّم حكاية مملّة وضعيفة مع إخراج باهت. ثم وقع العمل في الكليشيهات التي تكرّس صورة أهل البقاع وكأنهم خارجون عن السلطة والقانون. كان لافتاً تراجع أداء الممثل السوري عابد فهد في مسلسل «نفس»، الذي لعب دور أنسي. لم يترك فهد أيّ أثر في العمل، فخسر شعبية واسعة، ليخرج المسلسل بخفَّي حنين من السباق الرمضاني، ويطرح تساؤلاً: هل يُنهي «نفس» موضة المسلسلات الرمضانية المشتركة؟.