مقطع من دراسة(التنوع واستقلال الحيز الثقافي)-الروائي يوسف يوسف (فلسطين)

لم يكن المفكر الفرنسي غوستاف لوبون، يقصد كما قد يتوهم البعض، الدعوة للعزلة والانفصال بين الشعوب ، عندما تحدث فقال بأن كل شعب يحمل في كيانه العقلي ، نواميس حياته في الوجود. هو لم يقصد هذا لأنه ليس من السذاجة ، بحيث يعتقد بأن الناس يمكنهم الاستغناء عن بعضهم ، والعيش في جزر متباعدة لا يجمعهم رابط قوي. وفي اعتقادنا فإن اللذة العظيمة التي شعر بها الأمريكي رالف لينتون وتحدث عنها ، عندما اكتشف بأن ما كان يظنه إبداعًا أمريكيا صرفا مائة في المائة ، لن يكن كذلك ، إننا تؤكد هي الأخرى صحة فرضية التنوع الثقافي ، الذي من بين أهم خصائصه ، إثراء الحياة البشرية ،والمضي بهم إلى أفضل مراتب الحضارة ، التي لا يمكن أن يصنعها شعب من الشعوب بمفرده ، بصرف النظر عن المكانة العقلية التي وصل إليها ، درجة وعيه ، على اعتبار أن ما اكتشفه لينتون ، يفيد بأن تلك الأشياء التي كان يعتبرها أمريكية ليست كذلك . وقد أنتجتها مجتمعات عديدة ، ليست أمريكية خالصة ، وأنها من جهة أخرى ، سبقت كولمبوس المخادع مكتشف أمريكا بقرون ، أو حتى بالاف السنين ، وهذا يعني بأن أية محاولة لاختزال الثقافات ، والشعوب ، إنما هي محاولات فاشلة ، وذلك لأن الثقافة من بين جميع ما أنتجه الانسان ، لا يمكن اختزالها ، مهما تنوعت الأساليب للوصول إلى هذا الهدف المقيت،.