مُلتقى «سبعين»: صيدا تحيا بالثقافة والفن والموسيقى

مُلتقى «سبعين»: صيدا تحيا بالثقافة والفن والموسيقى
افتتح وليد العاصي ملتقى «سبعين» كمكافأة نهاية خدمة منحها لنفسه بعد بلوغه السبعين. حينها، اتخذ الناشط قراره بالتقاعد من العمل كخطّاط ومصمّم لوحات إعلانية.
وفي صيدا (جنوب لبنان) التي ينتمي إليها بالولادة والعمل والتجربة السياسية والثقافية والاجتماعية، حوّل ورشته إلى ملتقى ثقافي. ورغم أن المؤسّس ورفاقه من جيل السبعين، لكنهم فتحوا أبواب «سبعين» لكل الفئات العمرية وجهزوا أنشطة متنوعة بدءاً من جلسات الصحة النفسية وصولاً إلى «الكورال» والموسيقى.
في مستودع يقع في الطبقة السفلية من أحد المباني في صيدا، توزعت المساحات بين ركن لارتشاف القهوة ومكتبة تتسع لأكثر من ثلاثة آلاف كتاب وجدران تلوّنت بإعلانات صمّمها وخطها العاصي. الزرع الذي يتدلى من الزوايا والرفوف يتلاقى مع صخب الألوان الربيعية التي تسم شعار الملتقى. أجواء تضجّ بالحياة عن عمد، لتشكل حيّزاً منفصلاً عن صخب المدينة وتلوثها البيئي والسمعي والبصري.
خلال جائحة كورونا عام 2020 التي أجبرت الناس على الانعزال في منازلها، كان روّاد المقاهي والمنتديات من بين الأكثر تأثراً بفرض حظر التجوال والاختلاط. العاصي الذي يصنّف نفسه من روّاد مقاهي الرصيف منذ صباه، عانى من الحالة السجنية التي فرضتها الجائحة. كان يلجأ إلى ورشته حيث يصمّم اللوحات الإعلانية ويصنعها. وأحياناً، كانت الورشة تتحول إلى مقهى بديل للأصدقاء الذين أقفلت أمامهم المقاهي والأرصفة. وعلى نحو تدريجي، صارت الورشة الملتقى هي الملجأ.
واستناداً إلى تجربته في الشأن العام، قرر العاصي استثمار مساحته في إطار إغناء صيدا ومنطقتها ثقافياً. أثمر تعاونه مع عدد من المتطوعين والأصدقاء والأقرباء عن افتتاح الملتقى قبل نحو عام. كان جهد إثراء المكتبة العامة فيه أول الاختبارات. جُمعت الكتب من خزائن المنازل لتوضع بين أيدي الطلاب والشباب المهتمّين بالمطالعة. وعبر المبادرات الفردية، تأسّس محترف للرسم وصفّ لتعليم الموسيقى والغناء الجماعي ونادي السينما.
وعلى غرار المنتديات المناطقية المستقلة، يرفض «سبعين» التمويل الخارجي ويعتمد على التبرّعات الفردية. لكنه لا يفصل دوره الثقافي عن تأثيره التنموي والبلدي والسياسي والوطني. خلال أزمة النزوح إلى صيدا بعد تصاعد العدوان الإسرائيلي في 23 أيلول (سبتمبر) الماضي، شارك المتطوعون في الملتقى عبر دعم النازحين وتقديم المساعدات في مراكز الإيواء، وها هم يتحضّرون للعب دور في الانتخابات البلدية المقبلة في صيدا.