رئيسيالافتتاحيه

القمة المصرية الفرنسية الأردنية ودعم  فرص التوصل لتسوية في غزة

القمة المصرية الفرنسية الأردنية ودعم  فرص التوصل لتسوية في غزة

بقلم رئيس التحرير

زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر، والقمة الثلاثية  التي عقدت مع الرئيس عبد الفتاح السيسي و الملك عبد الله الثاني، جاءت  في توقيت بالغ الأهمية لمناقشة الأزمات التي تمر بها دول المنطقة خاصة في ظل التطورات الدولية والإقليمية وأن الأوضاع التي تعصف في المنطقة  ، وعلى رأسها استئناف الحرب على غزه والأوضاع في سوريا وليبيا والسودان ، تمثل تحديات تستلزم تنسيقًا مكثفًا بين الدول الفاعلة.

مخرجات القمة المصرية الأردنية الفرنسية   التي احتضنتها القاهرة  جاءت لتؤكد على إدانة استئناف الحرب في القطاع مرة أخرى، والمطالبة بإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع في ظل تفاقم الوضع  الإنساني والذي وصل إلى مستويات كارثية تنذر بما يفوق كافة التوقعات.

كما دعا القادة الثلاثة لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 19 يناير/كانون الثاني الماضي والذي نص على ضمان إطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين، وضمان أمن الجميع، كذلك التأكيد على أن حماية المدنيين وعمال الإغاثة الإنسانية، وضمان إمكانية إيصال المساعدات بالكامل، التزامات يجب تنفيذها بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

وفي ذات السياق شددت القمة  على ضرورة احترام الوضع التاريخي القائم للأماكن المقدسة في القدس،  وأعرب القادة في بيانهم  عن رفضهم لتهجير الفلسطينيين من أرضهم وأية محاولة لضم الأراضي الفلسطينية، مع التحذير من الوضع الإنساني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، داعين إلى وقف كل الإجراءات الأحادية التي تقوض إمكانية تحقيق حل الدولتين وتزيد التوترات.

وبخصوص الخطة المصرية العربية المقدمة لإعادة إعمار غزة، جددت الدول الثلاثة دعمها الكامل لها، كما ناقشوا آليات التنفيذ الفاعل لها فيما يتعلق بالأمن والحوكمة في جميع الأراضي الفلسطينية، مع التنويه إلى إبعاد حماس عن المشهد الفلسطيني، وأن تكون إدارة القطاع تحت مظلة السلطة الوطنية الفلسطينية الممكّنة، بدعم إقليمي ودولي قوي.

انخراط فرنسا كممثل عن أوروبا في الملف الفلسطيني يحمل من الدلالات السياسية ذات التأثير والبعد الدولي والإقليمي ويزيد من  دعم الموقف المصري الأردني الرافض للتهجير، وتبعث برسالة ما، قوية كانت أو ضعيفة، للمجتمع الدولي والإدارة الأمريكية بأن الاستسلام لرؤية ترامب على طول الخط مسألة ليست موضوعية وقد تتعرض لبعض العراقيل.

ويشكل اتصال ترمب محاولة شن هجمة مرتدة ، خلال اجتماع القادة الثلاثة في القاهرة، حيث  أجرى الرئيس الأمريكي اتصالًا هاتفيًا مشتركًا بهم جميعًا، ناقش خلاله المستجدت المتعلقة بالمشهد في غزة، حيث أوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، السفير محمد الشناوي، أن الاتصال تناول سبل ضمان وقف عاجل لإطلاق النار في قطاع غزة، مع تأكيد ضرورة استئناف وصول المساعدات الإنسانية بالكامل، والإفراج الفوري عن جميع الرهائن والمحتجزين.

القادة خلال الاتصال شددوا على أهمية تهيئة الظروف اللازمة لتحقيق أفق سياسي حقيقي، وتعبئة الجهود الدولية لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، واستعادة الأمن والسلام في المنطقة، وتنفيذ حل الدولتين، كما اتفقوا مع ترامب على مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق بحسب تصريحات  المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية.

الرئيس الأمريكي أكد على هامش الاتصال حرصه على تعزيز الأمن والاستقرار الدوليين، إذ لم يكتف بالحديث عن غزة فقط، بل طالب بضرورة الإسراع بتحقيق السلام في أوكرانيا بما يتماشى مع القانون الدولي، في رسالة مباشرة حاول خلالها ترسيخ صورته التي يحاول دوما تصديرها بصفته رجل السلام الساعي لإضفاء التهدئة ونزع فتيل الحروب وفرض الاستقرار بالقوة.

الرئيس الأمريكي ترمب استقرأ  من هذا الاتصال إصرار القرار العربي تحديدًا ومن بعده الأوروبي، ممثلًا في فرنسا، على رفض مخطط التهجير، وزيادة حدة الاحتقان الشعبي التي بدأت تتجاوز الخطوط الحمراء، حيث عاد الزخم العالمي للقضية الفلسطينية مرة أخرى عبر التظاهرات التي عمت شوارع العالم استجابة لدعوات التظاهر والإضراب التي دعت إليه القوى المناصرة والمؤيدة  للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره .

بغض النظر عن وجود ربط بين الحراك الفرنسي العربي وبين التراجع النسبي في نبرة ترامب بشأن مقترح التهجير في غزة من عدمه، إلا أنه لابد من البناء على التحرك الفرنسي واستثماره  بكافة تطوراته، حيث يواجه الرئيس الأمريكي وإدارته ضغوطًا داخليه ودوليه وإقليمه لوضع حدود للتمادي الإسرائيلي وتهديدها للامن والاستقرار الدولي 

الرغبة الأوروبية الطامحة في استعادة دورها ونفوذها وانخراطها في قضايا الشرق الأوسط والأخص   الملف الفلسطيني يمكن استثماره والبناء عليه  نحو التغير للموقف الأوروبي من داعم ومنحاز  لإسرائيل  لموقف يكون أكثر موضوعيه ومتوازن في الوقت ذاته لصالح أمن واستقرار المنطقة ودعم حل القضية الفلسطينية حل عادل يفضي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني .

وفي الختام فان .. فإن القمة في حد ذاتها وبمفردها لا يمكنها من تحريك المياه الساكنة عبر الدبلوماسية الناعمة   ، ، غير أنها وفي سياق التطورات الأخيرة من الممكن أن تكون عامل مؤثر في فرض التهدئة، إذا ما تخلى القرار العربي نسبيًا عن دبلوماسيته الناعمة، منتقلًا ولو بخطوات طفيفة نحو الدبلوماسية الخشنة، وإخراج أوراق الضغط التي بحوزته من ثلاجة المقاربات.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب