رئيسيالافتتاحيه

القاهرة مركز الحراك الفلسطيني: جهود مصرية لتوحيد الموقف قبل المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار وضغوط أميركية على تل أبيب

القاهرة مركز الحراك الفلسطيني: جهود مصرية لتوحيد الموقف قبل المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار وضغوط أميركية على تل أبيب

بقلم: رئيس التحرير  

تشهد القاهرة حراكًا دبلوماسيًا مكثفًا بقيادة المخابرات المصرية، في محاولة جادة لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي تمهيدًا للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. الحراك المصري يسعى إلى بلورة موقف فلسطيني موحد يضمن إدارة القطاع بشكل مؤسسي، وتسهيل إعادة الإعمار، وتحديد مستقبل سلاح الفصائل، بالإضافة إلى دور القوات الدولية وفق ما يعرف بـ”خطة ترامب للسلام”.

في هذا الإطار، اجتمعت عدة فصائل فلسطينية مع رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وشملت الاجتماعات وفودًا بارزة من حركة فتح، من بينهم نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ ومسؤول المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، إلى جانب وفد حركة حماس برئاسة خليل الحية رئيس المكتب السياسي. وتركزت اللقاءات على أهمية تثبيت وقف إطلاق النار، وضمان الالتزام ببنود الاتفاق، والبدء الفوري بإعادة إعمار غزة، بينما جددت الفصائل الفلسطينية التزامها بوقف أي خروقات محتملة من الاحتلال الإسرائيلي.

في الوقت نفسه، تمارس الإدارة الأميركية ضغوطًا مكثفة على تل أبيب لمنع أي خطوات أحادية قد تقوض الاتفاق الهش. فقد شدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس على رفض أي محاولة لضم الضفة الغربية، مؤكدين التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار، وهو موقف يعكس تقدير واشنطن للعلاقة مع السلطة الفلسطينية ويدعم جهود تحقيق الاستقرار والشرعية الدولية.

على الصعيد الإنساني، تدرس واشنطن خطة لإعادة هيكلة آليات إيصال المساعدات إلى غزة لضمان تنفيذ بنود اتفاق 19 يناير 2025، والتي تتضمن إدخال 600 شاحنة يوميًا تشمل الغذاء والوقود والمستلزمات الطبية، موزعة عبر الأمم المتحدة والهلال الأحمر، مع ضمان حرية الحركة بين الشمال والجنوب. كما تركز الخطط على إصلاح البنى التحتية الحيوية، مثل محطات المياه والصرف الصحي والمستشفيات والمخابز، وتشغيل محطة توليد الكهرباء، بالإضافة إلى توسعة المخيمات لاستيعاب النازحين وإدخال معدات إزالة الركام.

اللقاءات في القاهرة ركزت أيضًا على تشكيل لجنة للإسناد المجتمعي لإدارة القطاع، وتحديد موقف وطني موحد تجاه مجلس السلام الأميركي ومستقبل سلاح المقاومة، بما يشكل قاعدة عملية لوحدة فلسطينية فعالة، توازن بين التوافق الداخلي والدور الإقليمي والدولي.

تواجه إسرائيل ضغوطًا غير مسبوقة من البيت الأبيض لمراقبة خطواتها وضمان التزامها بالاتفاق، فيما تظل قدرة الفصائل الفلسطينية على الحفاظ على التوافق الوطني واستخدام الفرصة التاريخية لإعادة الإعمار اختبارًا حقيقيًا لقدرتها على إدارة المرحلة المقبلة. إذ يظل المشهد الفلسطيني أمام مفترق طرق: إمّا بناء واقع وطني جديد قائم على الوحدة والإعمار، أو العودة إلى دائرة التصعيد والصراع، بما يضاعف الأعباء الإنسانية والسياسية على القطاع.

في المحصلة، تعكس التطورات في القاهرة، وضغوط واشنطن على تل أبيب، وخطط المساعدات الإنسانية، مساعي متواصلة لإرساء استقرار هش لكنه حاسم، يوازن بين الوحدة الفلسطينية، والتزام إسرائيل، واستعادة الخدمات الأساسية، بما يمهد لمرحلة سياسية لاحقة قد تعيد تشكيل المشهد الفلسطيني على أسس استراتيجية واضحة ومستدامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب