“لا أحصي الجثث”.. المفتش العام للشرطة متملقاً بن غفير: أعرف واجبي إزاء الوسط العربي

“لا أحصي الجثث”.. المفتش العام للشرطة متملقاً بن غفير: أعرف واجبي إزاء الوسط العربي
عيناف شيف
في الوقت الذي بدأ فيه المراسلون والمحللون يثبتون التاج للمفتش العام بعد تجرئه على قول إن الشرطة ستمتثل للقانون – نعم وصلنا إلى هناك – وحللوا -حسب جميع تعابير الوجه- شبكة علاقته مع الوزير، فإن منظمات الجريمة في الوسط العربي لن تسمح لهذه الاحتفالات بتشويش روتينها اليومي: 11 شخصاً قتلوا في الأيام الخمسة الأخيرة، وهذا ينطبق فقط عند كتابة هذه السطور. عندما يصل الأمر إلى حياة العرب في إسرائيل، فكل ثانية تحدد النسبة. بالإجمال، يبلغ عدد ضحايا القتل في هذا القطاع منذ بداية السنة 74 شخصاً مقابل 55 في الفترة الموازية من السنة الماضية (ملاحظة إحصائية: حتى لو اختلف الإحصاء أحياناً، فإن البيانات والعلاقة بينها متشابهة بما فيه الكفاية).
لكن يجب عدم القلق؛ ففي الجولة الشهيرة نفسها التي جرى فيها إعلان استقلال المفتش العام دان ليفي، فقد ساهم هو أيضاً في طرح ملاحظة مهمة: “أنا لا أحصي الجثث… أنا أعمل مع برنامج”. الخطة كما يبدو هي عدم إحصاء الجثث؛ لأن المفتش العام للشرطة قد لا يكون قادراً على مواكبة ذلك. أو ببساطة، سيكون من غير الممتع التحقق ما إذا كان المفتش العام للشرطة ليفي سيتذكر الرقم الذي سيأتي بعد 244، وهو عدد الأشخاص الذين قتلوا خلال سنة 2024 كلها، حيث تأثرت البيانات بالحرب. بهذا المعدل، يجب أن يتدرب على مناطق الـ 300 فما فوق.
إذا تنبه عدد قليل من الأشخاص لجملة “أنا لا أحصي الجثث”، فثمة عدد أقل استمعوا إلى تفاخر آخر للمفتش العام للشرطة حين قال: “أنا في أربعين سنة من الخدمة، أعرف بالضبط ما أفعله مع كل التجربة”
إذا تنبه عدد قليل من الأشخاص لجملة “أنا لا أحصي الجثث”، فثمة عدد أقل استمعوا إلى تفاخر آخر للمفتش العام للشرطة حين قال: “أنا في أربعين سنة من الخدمة، أعرف بالضبط ما أفعله مع كل التجربة”. في توثيق الأقوال يمكن رؤية الوزير بن غفير وهو يقف في الخلفية، وينثر ابتسامة سعيدة، بالضبط عندما قال المفتش العام للشرطة ليفي بأنه “يعرف بالضبط ما يجب عليه فعله”. قد نتفهمه: بن غفير، الذي هو ممن لم ينم ليله لكثرة قلقه على الجمهور العربي! سيتذكر بالتأكيد حين كان المفتش العام للشرطة قائد لواء الشاطئ، وعرف “بالضبط ما يجب عليه فعله”، لذلك فإن بيانات القتل في هذا اللواء الذي كان تحت قيادته، سجلت الارتفاع الأعلى مقارنة مع الألوية الأخرى.
القراء مدعوون لتخمين ما هو أصل معظم الضحايا. في موازاة ذلك، تم تصني هذا اللواء في المكان الأخير في مؤشر “المناخ التنظيمي”، الذي يفحص معايير، مثل: التآكل والثقة والرغبة في الاستقالة. وإذا كان المفتش العام قد لوح بمقولة “في كل تجربته” فالمطلوب هو الإشارة إلى أنه في زمن تعيينه كان المفتش الأقل تجربة في جهاز الشرطة.
بكلمات أخرى، إذا كان هناك شخص له سجل لا يثير الانطباع (على أقل تقدير)، يقول بأنه “يعرف بالضبط ماذا يجب عليه أن يفعل مع كل تجربته”، فمن الأفضل للعائلات المعيارية والبائسة، التي يحلق فوقها رعب الموت، أن تجمع أغراضها وتغلق بابها عليها. المؤمنون مدعوون أيضاً للصلاة، وحتى الملحدون يعترفون أن في ذلك منطقاً أكثر من الاعتماد على الشرطة برئاسة مفتش عام وصل إلى هذا المنصب، في وقت يتميز فيه بالأساس بما يهم السلطة، أي تنغيص حياة المتظاهرين.
بالمناسبة، لذلك توجد مفارقة في النقاش الذي وصل منذ ذلك الحين إلى مستوى “المواجهة” المغطاة إعلامياً بين المفتش العام للشرطة وبن غفير حول صحة الادعاء القائل بأن “الشرطة سقطت”. فرغم أن لهذا النقاش تأثيراً خطيراً على الديمقراطية، فإن ذلك ما زال صرخة تصل من جمهور عزيز يهتم كثيراً، لكن لديه عدد غير قليل من الميزات مقابل 20 في المئة من السكان. بالنسبة لهم، الشرطة “لم تسقط”، بل هي غير موجودة. هؤلاء ليسوا جثثاً لا يحصيها المفتش العام، بل هؤلاء كل الجمهور العربي.
واي نت 15/4/2025