أهمية التحول من وضعية “السلطة” إلى “الدولة” في جدول أعمال المجلس المركزي

أهمية التحول من وضعية “السلطة” إلى “الدولة” في جدول أعمال المجلس المركزي
المحامي علي أبوحبله
دعونا نتوقف أمام مقترح الدكتور بكر ابوبكر رئيس أكاديمية حركة فتح وعضو مجلس ثوري سابق وجاء فيه ” بناء على إعلان الاستقلال عام ١٩٨٨ وقبول دولة فلسطين عضوا مراقبا في الأمم المتحدة عام ٢٠١٢ واستنادا لاعترافات دول العالم، ومقررات القمم العربية والإسلامية وتجسيدًا لدولة فلسطين القائمة بالحق الطبيعي والتاريخي والسياسي المرتبطة بقرار ١٨١ الذي قرر إنشاء دولتين يتم التالي:
١-تحويل “السلطة الفلسطينية” الى الوضع القانوني والسياسي كدولة فلسطين وذلك بالتعامل معها محليا وعربيا ودوليا.
٢-يعاد انتخاب الأخ محمود عباس رئيسًا لدولة فلسطين ويختار نائبًا له
٣-تتحول الحكومة الحالية “للسلطة” إلى حكومة انتقالية لدولة فلسطين لمدة عام.
٤-يتم المباشرة باختيار مجلس تشريعي للدولة خلال عام من تاريخه.”
هذا المقترح يجب أن يستحوذ على اهتمام المجلس المركزي وهو صاحب أعلى سلطه في اتخاذ القرارات ويجب وضع قراراته موضع التنفيذ ، خاصة أن دولة فلسطين تستمد مشروعيتها من القرار الصادر عن الأمم المتحدة 181 حيث صدر قرار التقسيم من الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 11-1947 بموافقة 33 دوله واعتراض 13 دولة وامتناع الباقي ، وكان هذا القرار 181 أوصى بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضي فلسطين إلى ثلاث كيانات جديدة
– تأسيس دولة عربية فلسطينية على45% من فلسطين.
– تأسيس دولة يهودية على 55% من فلسطين.
– أن تقع مدينتا القدس وبيت لحم في منطقة خاصة تحت الوصاية الدولية.
تم تجاهل القرار ولم يطبق ، مع أن قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة مجحف طبعاً بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية وغافل لمبدأ حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير ولم يطبق القرار في حينه لرفض الفلسطينيين لهذا القرار الظالم إلا انه أرسى شرعيه دوليه لإقامة دولة فلسطين على 45 % من أراضي فلسطين وأعطى لليهود 55 % ،ثمة أوساط فلسطينية وعربية تبدي تخوفها من أن يؤدي توجه م.ت.ف. إلى الأمم المتحدة لنيل العضوية الكاملة أو المراقبة لدولة فلسطين على حدود 4 حزيران67 .
وتوضح المكاسب السياسية التي سوف تتحقق من خلال عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة، حتى وإن اقتصرت على العضوية المراقبة التي يقود إليها تلقائياً – من خلال إجراءات يتخذها الأمين العام للأمم المتحدة – اكتساب مكانة «دولة غير عضو» («non member state») بحسب اللغة القانونية المستخدمة في الأمم المتحدة .
حصلت منظمة التحرير الفلسطينية على وضع «مراقب» في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22/11/1974 بموجب قرارها الرقم 3237.
وفي 15/11/1988 صدر «إعلان الاستقلال» عن الدورة 19 للمجلس الوطني الفلسطيني، الذي مهّد لصدور القرار الرقم 177/43 عن الجمعية العامة في 15/12 من نفس العام، والذي جرى من خلاله تغيير اسم «م.ت.ف» إلى «فلسطين»، وهو القرار الذي يأخذ علماً بإعلان الاستقلال ويؤكد على «ضرورة تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة سيادته على أرضه المحتلة منذ 1967»، حيث صوتت 104 دول لصالح هذا القرار.
لقد كان بالإمكان في هذه الدورة الحصول على وضع دولة مراقبة («دولة غير عضو»). لكن رئيس اللجنة التنفيذية – في حينها – اكتفى بتغيير اسم «م.ت.ف.» إلى «فلسطين» لتجنب ما من شأنه أن يعقد فتح قناة الحوار الرسمي مع واشنطن التي رهنتها بالألتزام الرسمي الفلسطيني بالشروط الثلاثة المعروفة: الاعتراف بالقرارين 242 و 338 + الاعتراف بحق “إسرائيل” في الوجود + نبذ العنف. وهذا ما حصل.
الانتقال من وضع مراقب لـ «م.ت.ف.» إلى وضع مراقب لـ «فلسطين» (أي لكيان سياسي لم تحسم صفته القانونية النهائية بعد) لم يمس بالمكانة التمثيلية لـ م.ت.ف.، ذلك أن قرار الجمعية العامة المذكور (177/43) أشار إلى «إعلان الاستقلال» الذي ينص على أن الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم يصبحون بشكل تلقائي مواطنين في دولة فلسطين.
وبهذا تستمر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بصفتها «الحكومة المؤقتة لدولة فلسطين» في تمثيلها للفلسطينيين ولحقوقهم ومصالحهم في العالم، أينما كانوا
اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تتمتع قانونياً وسياسياً بصفة «الحكومة المؤقتة لدولة فلسطين» وهي غير «الحكومة الفلسطينية للسلطة الفلسطينية»، أي سلطة الحكم الذاتي المحدود على قطاع غزة ومناطق محددة من الضفة الفلسطينية التي انبثقت عن اتفاقيات أوسلو.
و«الحكومة المؤقتة» هي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التي يترأسها محمود عباس بصفته أيضاً «رئيساً لدولة فلسطين» (الذي انتخب بهذه الصفة من المجلس المركزي في دورته الـ 21 في 24/11/2008)، وهي نفس الصفة التي كان يحملها الراحل ياسر عرفات الذي كان المجلس المركزي قد أنتخبه لها (في دورته المنعقدة في آذار،1989 )
وبالتالي ليست السلطة الفلسطينية هي التي ستتوجه إلى الأمم المتحدة بطلب الاعتراف بها كدولة، الأمر الذي كان سيؤثر بكل تأكيد على حقوق الفلسطينيين في الشتات سواء بالتمثيل أوفي حق العودة وتقرير المصير، بل هي م.ت.ف. بصفتها التمثيلية الشاملة وباعتبارها المعنية – بالمعنى ألحصري – بمتابعة إنجاز الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني: عودة، دولة، وحق تقرير المصير، وبما يتطابق مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
إن منظمة التحرير الفلسطينية هي التي سوف تتوجه إلى الأمم المتحدة بطلب الاعتراف والعضوية لدولة فلسطين التي أعلنها المجلس الوطني الفلسطيني في العام 1988، والتي تنص وثيقتها الدستورية المتمثلة بإعلان الاستقلال على كونها «دولة للفلسطينيين أينما كانوا».
إن اعتراف الأمم المتحدة بحدود دولة فلسطين القائمة على خطوط 4 حزيران 67 هو في الجوهر اعتراف بحق الشعب الفلسطيني في السيادة على هذه الأراضي، وبالتالي هو إقرار بنزع الشرعية عن الاحتلال الإسرائيلي لها، وهو لا يمس، بل يؤكد، الاعتراف الدولي بسائر الحقوق الوطنية غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة وحق تقرير المصير.
إن التقدم بطلب الاعتراف والعضوية (سواء كاملة أو مراقبة) لدولة فلسطين على حدود 4 حزيران لن يحرم أي فلسطيني من حقوقه، ولن يحرم م.ت.ف. من مكانتها، كما لم تحرمها من ذلك عضوية دولة فلسطين الكاملة، ومنذ عقدين من الزمن، في جامعة الدول العربية، وفي منظمة التعاون الإسلامي، وفي حركة عدم الانحياز والعديد من المنظمات الإقليمية والدولية.
إن اعتراف هذه الدول المنضوية تحت لواء هذه المنظمات الإقليمية والدولية بالدولة الفلسطينية لم ينتقص البتة من استمرار اعترافها بالمكانة التمثيلية لـ م.ت.ف.
بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
وبالتالي فإن توسيع نطاق الاعتراف الدولي بدولة فلسطين ليشمل الأمم المتحدة سوف يعزز المكانة التمثيلية لـ م.ت.ف.، وليس العكس.
ما سبق يعبر عن توجه وقرار الدورة الأخيرة (الـ 25) للمجلس المركزي (27 – 28/7/2011)، كما يعكس أجواء ومداولات اللجنة التنفيذية والقيادة الفلسطينية.
وهذا ما أكدت عليه مواقف الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين التي عبرت عنها تصريحات مكتبها السياسي، ومنها (في 27/9) ما دعا اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إلى إصدار إعلان واضح يرد على التخوفات والتساؤلات المثارة، ويؤكد على مغزى قرار المجلس المركزي المتخذ بهذا الشأن وبخاصة فيما يتعلق بالصيغة التي سوف يتخذها التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بدولة فلسطين.
إن تلبية المصلحة الوطنية وإزالة التساؤلات المثارة حول جدوى التوجه إلى الأمم المتحدة في آن معاً، يكون من خلال اعتماد الصيغة المتداولة حالياً في الأوساط القيادية الفلسطينية، والتي تقوم على العناصر التالية:
1 – بعد التأكيد على قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، واستناداً إلى القرارات 181، 242 و 338 وقرارات أخرى.. التقدم بطلب عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة على حدود 4 حزيران 67 بعاصمتها القدس؛
2- التأكيد على حق العودة للاجئين وفقاً للقرار الرقم 194؛
3- التأكيد على الولاية والمكانة السياسية لمنظمة التحرير؛
4- تعهد دولة فلسطين الوفاء بجميع الالتزامات التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة.
إن التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة بنتائجه المأمولة سوف يطلق أيضاً دينامكية متجددة لتحين حق العودة وللنضال من أجل تطبيق هذا الحق…
حسم مسألة الدولة الفلسطينية ككيان سيادي وقانوني، فضلاً عن إعادة القضية الفلسطينية إلى منبع نشأتها، فيصبح القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية هي المرجعية لأي اتفاق لاحق وليس اشتراطات “إسرائيل” .
انضمام فلسطين إلى الوكالات والهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة (بما فيها مجلس حقوق الإنسان ومنها منظمة الصحة العالمية، واليونيسيف، واليونسكو، والمجلس الاجتماعي الاقتصادي، ومحكمة الجزاء الدولية التي اعترضت واشنطن وتل أبيب بشدة على دخول فلسطين إليها، باعتبار أنه سيساهم بكف يد إسرائيل عن أبناء الشعب الفلسطيني وترابه الوطني بما في ذلك القدس، من خلال تفعيل دور القضاء الدولي.
دخول فلسطين في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وهي حكر على الدول، ما يفتح أمامها مجالاً قانونياً وسياسياً يساعد بشكل كبير على محاصرة سياسات “إسرائيل” الإحتلالية والاستعمارية.
وبالنتيجة، فإن انتقال فلسطين من «كيان» إلى «دولة» تحت الاحتلال هو خطوة رئيسية على طريق اكتساب العضوية الكاملة.
فضلاً عن ذلك فهو يفتح أمام النضال الوطني الفلسطيني أبواباً جديدة لمحاصرة إسرائيل وممارساتها، وزيادة الضغط عليها، وتفعيل قرارات الشرعية الدولية بشكل أفضل واتخاذ إجراءات عملية بهذا الشأن .
ان اعتبار دولة فلسطين دوله تحت الاحتلال من شانه أن يضع حكومة الاحتلال في مأزق ويحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه الدوله الفلسطينية تحت الاحتلال بعد اكتساب فلسطين للشرعية الدولية والاعتراف بحدود دولة فلسطين بحسب ما عرفتها الجمعية العامه للأمم المتحدة
مما يترتب على دولة الاحتلال التزامات قانونية تجاه سكان الإقليم المحتل، والتي نظمتها بشكل أساسـي ثلاثـة مواثيق دولية تتمثل في المواد(56،42) من قواعد لائحة لاهاي والمرفقة كملحق لاتفاقية لاهاي الرابعـة لعـام 1907 المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية والخاصة باحترام عادات وقوانين الحـرب البريـة، واتفاقيـة جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بحماية الأشخاص المدنيين في أوقات الحرب، والبرتوكول الإضـافي الأول لاتفاقيات جنيف الأربعة 1977.
وتفرض هذه الاتفاقيات التزامات قانونية وعرفية على دولة الاحتلال، لـذا يتوجب عليها الوفاء بالتزاماتها من خلال :
توفير الحماية للمواطنين في الأراضي المحتلة.
أولاً: تعـريف الاحتـلال عرفت المادة (42) من اللائحة الملحقة باتفاقية لاهاي لعام 1907 حالة الاحتلال ب “يعتبر الإقليم محتلاً عندما يصبح فعلاً خاضعاً لسلطة الجيش المعادي، ولا يمتد الاحتلال إلا إلى الأقاليم التي تقوم فيها هذه السلطة وتكون قادرة على تدعيم نفوذها”.
أما المادة الثانية المشتركة لاتفاقيات جنيف الأربعة تنص على انطباق الاتفاقيات “في جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي لإقليم أحد الأطراف السامية المتعاقدة، حتى لو لم يواجـه هـذا الاحـتلال مقاومـة مسلحة”.
على المجلس المركزي أن يأخذ بعين الاعتبار قرار قرار محكمة العدل الدولية الذي صدر الجمعة، الموافق 19 يوليو/حزيران 29024 والمتعلق بالعواقب القانونية الناشئة عن السياسات والممارسات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.
حيث وجدت المحكمة:
- أن استمرار تواجد دولة “إسرائيل” في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني؛
- أن دولة “إسرائيل” ملزمة بإنهاء وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة بأسرع وقت ممكن؛
- أن “إسرائيل” ملزمة بالتوقف فورًا عن جميع أنشطة الاستيطان الجديدة، وإخلاء جميع المستوطنين من الأرض الفلسطينية المحتلة؛
- أن “إسرائيل” ملزمة بتقديم تعويض عن الأضرار التي لحقت بجميع الفلسطينيين والفلسطينيات أو الأشخاص القانونيين المعنيين في الأرض الفلسطينية المحتلة.
في توضيح سياق الأسئلة المطروحة، أكدت المحكمة من الناحية القانونية أن الأرض الفلسطينية المحتلة (الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة) تشكل وحدة إقليمية واحدة يجب الحفاظ على وحدتها واستمراريتها وسلامتها (الفقرة 78).
أكدت المحكمة كذلك أن انسحاب “إسرائيل” العسكري من قطاع غزة لا يغير وضعها القانوني حيث أن غزة ما زالت تحت الاحتلال (الفقرة 94)، حيث تواصل إسرائيل ممارسة عناصر أساسية من السلطة على القطاع، “بل وأكثر منذ 7 أكتوبر 2023” (الفقرة 93).
وأشارت المحكمة، معترفة في تفتيت وتجزئة “إسرائيل” للشعب الفلسطيني، رغم أنه بموجب حق تقرير المصير، يتم حماية الشعب من الأعمال التي تهدف إلى تفريق السكان وتقويض سلامتهم كشعب (الفقرة 239). استند القرار على مبدأين أساسيين، هما حظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة، وحظر إنكار حق تقرير المصير.
في الترحيب بهذا القرار، نشير إلى أن طبيعة السؤال المطروح على المحكمة كان ذو محدودية زمنية مرتبطة بالاحتلال منذ عام 1967، وبالتالي فهذا القرار لا يحد بأي شكل من الأشكال من حق عودة اللاجئات واللاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948، بل هو خطوة هامة نحو تحقيق الحقوق الجماعية غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني.
وفي توضيح هام، أوضحت المحكمة أن الاحتلال “لا يمكن استخدامه بطريقة تترك السكان المحتلين في حالة تعليق وعدم يقين إلى أجل غير مسمى، مما يحرمهم من حقهم في تقرير المصير أثناء دمج أجزاء من أراضيهم في أراضي القوة القائمة بالاحتلال.”
وأكدت كذلك “أن وجود حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني لا يمكن أن يكون مشروطًا من قبل القوة القائمة بالاحتلال، بالنظر إلى طبيعته كحق غير قابل للتصرف.” (الفقرة 257).
ويؤكد قرار المحكمة أن شروط اتفاقيات أوسلو “لا يمكن فهمها على أنها تنتقص من التزامات “إسرائيل” بموجب القواعد ذات الصلة من القانون الدولي المطبق في الأرض الفلسطينية المحتلة،” (الفقرة 102) وهذا أمر ذو أهمية جوهرية.
حيث سعت “إسرائيل” وحلفاؤها يائسين لإيجاد غطاء قانوني لاستمرار افلاتهم من العقاب، ولجئوا مرارًا وتكراراً إلى اتفاقية أوسلو كوسيلة لدحض وإفشال جهود الفلسطينيين لتحقيق المساءلة. حيث شهدنا هذا مؤخرًا في المحكمة الجنائية الدولية، حيث سعت المملكة المتحدة إلى منع أو تأخير إصدار مذكرات اعتقال بتهم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت. يؤكد قرار المحكمة هذا رفض أي منطق أو مبرر لموقف المملكة المتحدة.
أكدت المحكمة أن “إسرائيل ليس لها الحق في السيادة أو ممارسة السلطات السيادية في أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة بسبب احتلالها. ولا يمكن للذرائع والحجج الأمنية لإسرائيل أن تتجاوز مبدأ حظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة.” (الفقرة 254)
في تحديد عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي، نظرت المحكمة في العديد من الانتهاكات الإسرائيلية التي لا تترك أي نتيجة أخرى متاحة سوى الاعتراف بأن الاحتلال غير قانوني. في ذات السياق، اعتبرت المحكمة أن “إسرائيل” تنتهك القانون الدولي المتعلق بحظر التهديد أو استخدام القوة، بما في ذلك حظر الاستيلاء على الأراضي الناتج عن التهديد أو استخدام القوة، وكذلك حق تقرير المصير.
حددت المحكمة مجموعة من الانتهاكات الإسرائيلية التي تشكل تمييزًا عنصريًا غير قانوني بما في ذلك: سياسة تصاريح الإقامة التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين والفلسطينيات في القدس الشرقية؛ والقيود التي تفرضها إسرائيل على حركة الفلسطينيين والفلسطينيات؛ وممارسة إسرائيل لسياسة هدم الممتلكات الفلسطينية كسياسة عقاب؛ وسياسة التخطيط الإسرائيلية المتعلقة بإصدار تصاريح البناء.
بعد إثبات أن تشريعات “إسرائيل”، والإجراءات الأخرى، تفرض وتخدم مبدأ الفصل شبه الكامل في الضفة الغربية والقدس الشرقية بين المستوطنين والفلسطينيين، خلصت المحكمة إلى أن تشريعات وإجراءات إسرائيل تشكل انتهاكًا للمادة 3 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي تحظر الفصل العنصري والأبارتهيد.
كان الرأي الاستشاري للمحكمة حول العواقب القانونية لبناء الجدار في الأرض الفلسطينية المحتلة ذو أهمية في تأكيد أن مشروع الاستيطان الإسرائيلي وبناء الجدار غير قانونيين، في تأكيد وجود التزامات قانونية على “إسرائيل” بوقف سلوكها غير القانوني وتقديم التعويضات، وأن هناك التزامات قانونية على الدول الثالثة لضمان احترام “إسرائيل” للقانون، وأن الأمم المتحدة يجب أن تتخذ خطوات لدعم ذلك. قدرة “إسرائيل” على تجاهل ذلك الرأي الاستشاري، وفشل الدول الثالثة في التحرك لفرض استنتاجات المحكمة، كان له تأثير مباشر وخطير على الشعب الفلسطيني.
ويأتي الرأي الاستشاري للمحكمة في ظل واقع يكشف النظام الكامل للأبارتهيد الاستيطاني الإسرائيلي وطبيعته الإبادية، حيث تستمر المجازر المتكررة بحق الشعب الفلسطيني في غزة وسط التدمير الكامل للبنية التحتية دون توقف.
وقد أقرت المحكمة إمكانية ارتكاب “إسرائيل” للإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين والفلسطينيات في غزة عام 2024، وذلك بعد جهود جنوب افريقيا لمحاسبة “إسرائيل” على انتهاكاتها المستمرة لاتفاقية “منع جريمة الإبادة الجماعية”.
كما وأمرت المحكمة “إسرائيل” ثلاث مرات في عام 2024 باتخاذ جميع الإجراءات والتدابير ضمن سلطتها لوقف جميع أعمال الابادة الجماعية في قطاع غزة على الفور، وتجاهلت “إسرائيل” بشكل صارخ أوامر التدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية، متابعة بذلك سياستها بعدم الامتثال لأوامر المحكمة ومنذ الرأي الاستشاري لعام 2004.
ووفق الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية باعتباره انتصاراً لحقوق الشعب الفلسطيني، وباعتراف المحكمة “بإساءة استخدام “إسرائيل” المستمرة لموقعها كقوة احتلال” (الفقرة 261).
نكرر الضرورة الملحة التي تقتضي أن تتصرف الدول الأطراف الثالثة، والمجتمع الدولي ككل، والأمم المتحدة، وفقًا لالتزاماتها القانونية لضمان إنهاء هذا الاحتلال غير القانوني، الذي يتميز بطبيعته المستمرة في الاستيلاء على الأراضي، والعنف، والتمييز العنصري، وذلك بشكل فوري وكامل وغير مشروط.
كما نريد أن نذكر المجتمع الدولي بأن فشله في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لن يؤدي إلا إلى تعزيز إفلات “إسرائيل” من العقاب و تشجيعها على الاستمرار في انتهاك حقوق الفلسطينيين وارتكاب الجرائم الدولية ضد الشعب الفلسطيني والتي تتوج حاليًا بالإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة.
لقد سبق وان قرر المجلس المركزي الفلسطيني في دورته الثلاثين إنهاء التزامات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية كافة تجاه اتفاقاتها مع سلطة الاحتلال (إسرائيل) وفي مقدمتها تعليق الاعتراف بدولة “إسرائيل” إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، نظرا لاستمرار تنكر “إسرائيل” للاتفاقات الموقعة وما ترتب عليها من التزامات وباعتبار أن المرحلة الانتقالية لم تعد قائمة.
وحتى يصار إلى تطبيق قرارات المجلس المركزي السابقة وتعليق الاعتراف ب”إسرائيل” والانفكاك الاقتصادي معها، ووقف التنسيق الأمني، جميعها تتطلب وضع استراتجيه وطنيه تتطلب إنهاء الانقسام وتوحيد الصف والموقف الفلسطيني واتخاذ إجراءات لاستعاده الوحدة الجغرافية الفلسطينية ، لتفويت ألفرصه على محاولات فصل غزه عن الضفة الغربية جغرافيا ضمن مسعى يقود لازدواجية التمثيل.
أضف إلى ذلك ضرورة إعادة إحياء مؤسسة منظمة التحرير الفلسطينية وخاصة الدائرة السياسية لمنظمة التحرير وضرورة اتخاذ موقف بخصوص دائرة المفاوضات لتضم أصحاب الخبرات إن قرارات المجلس المركزي وتوصياته يجب أن ترتقي إلى مستوى التحدي مع الكيان الإسرائيلي ، وان الحقوق الوطنية الفلسطينية غير قابله للمساومة وان الثوابت الوطنية الفلسطينية لا يمكن تجاوزها أو القفز عن أيا منها.
وأصبح من الضروري ضرورة استعادة أهمية القضية الفلسطينية لتعود تتصدر اولوية الموقف العربي الداعم للموقف الفلسطيني
كما بات مطلوب ترتيب البيت الفلسطيني واستعاده وحده شعبنا الفلسطيني وهذا لا يتحقق إلا بإنهاء الانقسام واستعاده النظام السياسي والاتفاق على برنامج سياسي وحدوي بسقف زمني يقود للخروج من المأزق السياسي وانغلاق أفق السلام وهذا بالفعل يتطلب قرارات وطنيه ترقى لمستوى التحديات إذن لنقل بات مطلوب صحوة ضمير من كل القوى الفلسطينية للخروج من واقع الانقسام لصالح توحيد الجغرافية الفلسطينية وتحقيق الوحدة الوطنية.
من هنا على الجميع أن يدرك ان معاناتنا تكمن في خلافنا وانقسامنا وتشرذمنا وهذه اكبر خدمه تقدم للاحتلال بمضمون نص المادة السادسه لصك الانتداب البريطاني على فلسطين القائلة “يجب وضع البلاد تحت أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية وأخلاقية خانقه لتكريس الوطن الإسرائيلي فوق فلسطين”!
فهل لنا أن ندرك المعاني والمفردات لهذا النص والمضمون لنخرج من مأزق الانقسام للوحدة الوطنية ولنشرع لاستعاده البناء السياسي واستعاده وحده الإطار التمثيلي للشعب الفلسطيني منظمه التحرير الفلسطينية كممثل وحيد للشعب الفلسطيني التي في حقيقتها وواقعها تمثل تطلعات شعبنا للتحرر من الاحتلال الإسرائيلي.
والمطلوب من المجلس المركزي ان لا تقتصر قراراته على التوصيات بل توظيف التوصيات للمجلس المركزي إلى ما يخدم الهدف الفلسطيني لمواجهة الاحتلال وإجراءاته مما يتطلب العمل على تنفيذ هذه التوصيات ضمن استراتجيه فلسطينيه موحدة تنهي الانقسام وتوحد الصف الفلسطيني من خلال تبني قرار يقود للانتقال من السلطة إلى الدوله و الدعوة لتشكيل حكومة يكون بمقدورها الانتقال من السلطة إلى مؤسسات الدوله تحت الاحتلال وفق قرار الجمعية العامه الاعتراف بدولة فلسطين بصفة مراقب كما وأشار إلى ذلك الدكتور بكر ابوبكر.
وان تتكفل الحكومة بسقف زمني لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمان خلال سنه تحت إشراف الأمم المتحدة ولحين اجراء الانتخابات يعتبر المجلس المركزي بمثابه برلمان كمرحله انتقاليه يكون بمقدور المجلس مسائلة الحكومة وسن القوانين لاستعادة التوازن بين السلطات الثلاث وقد بات مطلوب من المجلس المركزي وضع خطه استراتجيه لمواجهة المخطط الإسرائيلي الذي يمهد لسياسة الضم.