جمود في مفاوضات التهدئة: توسيع العدوان على الطاولة

جمود في مفاوضات التهدئة: توسيع العدوان على الطاولة
تُظهر المعطيات الراهنة أن مسار المفاوضات بين حركة «حماس» والعدو الإسرائيلي لا يزال يراوح مكانه، على الرغم من التقارير التي تحدّثت عن اقتراب التوصّل إلى صفقة تبادل أسرى واتفاق يُفضي إلى وقف الحرب. وفي موازاة ذلك، تعمل إسرائيل على تصعيد عدوانها العسكري على قطاع غزة، في محاولة للضغط على المقاومة ودفعها إلى تقديم تنازلات إضافية على طاولة التفاوض. إلا أنه بحسب مسؤول مصري مطّلع على المفاوضات، «لا جديد يمكن التفاوض عليه، ولا تنازلات أخرى يمكن إجبار حماس عليها». ويوضح المسؤول أنّ الأزمة الحقيقية تكمن في غياب «إرادة أميركية – إسرائيلية لإنهاء الحرب»، محذّراً من أنّ الرهان الأميركي على قدرة إسرائيل على ليّ ذراع المقاومة «رهان خاطئ».
ويأتي ذلك فيما تتمسّك مصر بالمقترح الذي تقدّمت به حركة «حماس»، والذي يقضي بوقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة، وإطلاق سراح جميع الأسرى دفعة واحدة، في مقابل هدنة طويلة الأمد. غير أنّ هذا الطرح لا يزال يصطدم بعقبات تتعلّق برفض تل أبيب الانسحاب من بعض المواقع داخل القطاع، وإصرارها على توسيع «المنطقة الأمنية العازلة» والتي تسعى لفرضها على الأرض، فضلاً عن مطالبتها بنزع سلاح المقاومة بشكل كامل.
وفي هذا الإطار، تدور حالياً نقاشات حول صيغة بديلة تقوم على هدنة مؤقتة تقلّ عن عام، تُنفّذ على مرحلتين، وتكون بضمانات أميركية. وتتضمّن هذه الصيغة التزاماً إسرائيلياً مبدئياً باستكمال المسار التفاوضي وصولاً إلى إنهاء الحرب، على أن تُستبعد «حماس» من إدارة القطاع خلال المرحلة الأولى، وتُسلّم خلالها أكثر من نصف الأسرى الأحياء، إضافة إلى رفات بعض القتلى الإسرائيليين. أما المرحلة الثانية، فستُخصص لما تبقّى من الصفقة.
وإذ تتجه الأنظار إلى عقد جولة تفاوض جديدة في القاهرة أو الدوحة خلال الأيام المقبلة، بمشاركة إسرائيلية، وسط رهان على إمكان تحقيق تقدّم قبل زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى المنطقة منتصف الشهر الجاري، ذكرت «هيئة البث الإسرائيلية» الرسمية أنّ التصعيد في غزة مرتبط بموقف «حماس» من مقترح يطالبها بالإفراج عن عشرة أسرى مقابل وقف القتال لفترة محدودة.
ووفق ما أوردته الصحيفة، فإنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو عقد، أمس، اجتماعاً أمنياً خلص إلى قرار بتوسيع العمليات في غزة من دون الوصول إلى اجتياح بري شامل، وذلك بهدف الحفاظ على هامش للمناورة السياسية، في حين تقرّر استدعاء عشرات آلاف جنود الاحتياط استعداداً لـ«مرحلة وسطى» من العمليات البرية. وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، بدورها، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي، بأنّ «تعميق العملية العسكرية سيكون حتمياً في حال لم تُفرج حماس عن الرهائن»، مستبعداً في الوقت الراهن نية احتلال القطاع بالكامل.
في المقابل، أكّدت حركة «حماس» أنّها قدّمت في 17 نيسان الماضي رؤية شاملة لوقف إطلاق النار، تتضمن وقف العدوان، ورفع الحصار، وضمانات دولية، بالإضافة إلى صفقة تبادل أسرى وهدنة تمتدّ لخمس سنوات. وأوضح القيادي عبد الرحمن شديد أنّ المبادرة تشمل كذلك تشكيل «لجنة تكنوقراطية» لإدارة شؤون القطاع، بما يتقاطع مع المقترح المصري بشأن «لجنة الإسناد المجتمعي»، غير أنّ حكومة نتنياهو رفضت المبادرة، بحسب شديد، مصرّةً على تجزئة الملفات والاستمرار في العدوان. وتعليقاً على ذلك، كرّرت رئاسة الوزراء الإسرائيلية القول إنّ «حماس» هي العقبة الأساسية أمام التوصّل إلى اتفاق، علماً أن الأخيرة لم تتلقّ أي إشعار من الجانب المصري بانهيار المحادثات.
على خطّ مواز، كشف الصحافي الإسرائيلي إيتاي بلومنتال عن تفاصيل ما يُعرف بخطة «غزة الصغيرة» التي طرحها جيش الاحتلال، وتشمل السيطرة على المزيد من الأراضي داخل القطاع، ولا سيما في رفح، وفرض حصار على مناطق محددة، «وتطهيرها» من المقاومين، بهدف تقليص مساحة غزة وتعميق الضغط على المدنيين. أما بشأن «المساعدات الإنسانية»، فقد أشار بلومنتال إلى أنّ جيش الاحتلال أقام منشأة جديدة في محور موراج بغرض إدخال مساعدات تُشرف عليها منظمات دولية وشركة أميركية، وذلك في ظل تقديرات أمنية بأنّ الغذاء سينفد من القطاع خلال أكثر من أسبوعين بقليل. وبحسب تقارير عبرية، فإنّ «المنظومة الأمنية لا تسعى لإغراق غزة بالمساعدات، بل لإيصال الكميات الضرورية فقط، بطريقة لا تسمح لحماس بالتحكّم بها».