الصحافه

كيف تبدو زيارة ترامب للدوحة “فرصة إسرائيل التي لن تتكرر”؟

كيف تبدو زيارة ترامب للدوحة “فرصة إسرائيل التي لن تتكرر”؟

حاول جهاز الأمن أمس استيضاح نتائج الهجوم على المجال التحت أرضي في خان يونس، حيث مكث القائد العسكري لحماس محمد السنوار، إلى جانب مسؤولين كبار آخرين في المنظمة.

صحيح أن السنوار جمع حوله قوة أقل من أخيه يحيى الذي صفي في أكتوبر، لكنه يعتبر شخصية مسيطرة تقاسمها في غزة مع عز الدين الحداد، القائد الفعلي لشمال القطاع. وقاد في الأشهر الأخيرة خطاً متصلباً جداً، وأحبط محاولات التقدم في “منحى ويتكوف” في نبضة أخرى تسمح بتحرير مخطوفين أحياء وأموات مقابل وقف نار لنحو شهرين. أصر السنوار على “إما كل شيء أو لا شيء”: إما صفقة شاملة توقف القتال كشرط لتحرير كل المخطوفين (والسجناء الفلسطينيين) أو الحرب حتى الموت.

في الأسابيع الأخيرة، وصلت إلى إسرائيل مؤشرات على أن موقف السنوار الصقري في حماس تعزز على خلفية التباعد العلني بين نتنياهو وترامب، ثم بين إسرائيل والولايات المتحدة. ساعدت في ذلك أيضاً حقيقة أن المنظمة أصبحت محاوراً شرعياً بالنسبة لواشنطن في الاتصالات التي أدت إلى تحرير الجندي المخطوف إيدان ألكسندر.

بذل الجيش الإسرائيلي و”الشاباك” جهوداً كبيرة للتأكد من عدم وجود مخطوفين قرب المسؤولين الذين هوجموا أمس، وإن كان مصدر كبير اعترف أمس بأنه لا يمكن استبعاد ذلك بقين تام.

يمكن الافتراض بأن القيادة السياسية الأمنية فكرت إذا كانت ستهاجم في غزة بالتوازي مع خطاب ترامب في الرياض، وقررتا أن نعم، وذلك لاستغلال الفرصة الاستثنائية، ومحاولة هز المنظمة عشية المفاوضات التي ستستأنف اليوم في الدوحة، فيما تتضمن الخلفية الجاهزية لتوسيع القتال في غزة بعد عودة ترامب إلى واشنطن.

لقد كان هذا استمراراً طبيعياً لسلسلة الأحداث الفوضوية التي تجري حولنا في الأيام الأخيرة. وها هو ناتج جزئي من يوم أمس: صفقة كبرى غير مسبوقة بين الولايات المتحدة والسعودية، في مركزها وسائل قتالية متطورة ربما تكون تهديداً على دولة إسرائيل؛ ولقاء مرتقب اليوم بين أبو مازن وترامب في الرياض؛ ولقاء بين ترامب والرئيس السوري الجديد أحمد الشرع (أبو محمد ا لجولاني)، الذي تصنفه الولايات المتحدة إرهابياً، وإمكانية رفع العقوبات عن سوريا؛ وإمكانية أن ترفع الولايات المتحدة الحظر عن توريد طائرات أف 35 لتركيا؛ وسحب طائرات القصف الشبحية التي جيء بها إلى المحيط الهندي كإشارة إلى إيران؛ وهذا في بضع ساعات فقط، ومعقول الافتراض بأن يقدم لنا اليوم القادم مزيداً من المفاجآت الدراماتيكية.

فرصة لإنجاز مزدوج

في هذا الوضع، يتعين على إسرائيل أن تفرز الأساسي عن الثانوي. لو كان لها كابنت جدي ومتوازن، لكان عليه الاجتماع أمس مع قادة جهاز الأمن لتقرير خطوات سريعة يجب اتخاذها لضمان ألا تتضرر مصالح إسرائيل في خضم أحداث هذه المنطقة. بينما يعاد تصميم الشرق الأوسط من جديد أمام ناظرينا في سلسلة من الاتفاقات واللقاءات، بقيت إسرائيل كمراقبة في أفضل الأحوال وكمتضررة في أسوأ الأحوال.

المفاوضات في الدوحة فرصة طيبة، قد لا تتكرر لإنجاز مزدوج: لصفقة تعيد المخطوفين (بثمن وقف مؤقت للقتال) والعودة إلى المحور المركزي، السوري، الذي يقوده الأمريكيون بمشاركة معظم دول المنطقة. ستكون لمثل هذه الخطوة مكاسب أمنية وسياسية واقتصادية بعيدة الأثر بالنسبة لإسرائيل. والامتناع عنها يجلب أضراراً قد تصل إلى عزلة خطيرة وغرق في الوحل الغزي، الذي مشكوك أن يؤدي إلى حسم حماس، وسيعرض حياة المخطوفين للخطر بالتأكيد.

هذا خيار بين أن نكون محقين أم حكماء. لكن ترامب نفسه لا يزال فرصة كبرى: إذا سار نتنياهو ضده فقد يكون الثمن باهظاً وأليماً، وإذا سار معه فلا حدود لمكاسب لإسرائيل لاحقاً. كما هو الحال دوماً، يبدأ هذا بالمخطوفين الذين تهتم إدارة ترامب لمصيرهم أكثر بأضعاف من الحكومة التي تركتهم لمصيرهم. كان يكفي أن نرى أمس المبعوث ستيف ويتكوف ينزع من رقبته سلسلة نجمة داود التي كانت لابنه الراحل ويعطيها لإيدان ألكسندر – بادرة إنسانية بسيطة، لن يتخذ نتنياهو ووزراؤه مثلها أبداً

يوآف ليمور
إسرائيل اليوم 14/5/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب