الصحافه

هكذا علق نتنياهو في شراكه التي نصبها لاصطياد الإسرائيليين

هكذا علق نتنياهو في شراكه التي نصبها لاصطياد الإسرائيليين

بعد نصف سنة من التوقعات المتناقضة، منذ فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ها هو توجه ترامب الاستراتيجي يتجلى. توجهه هو نحو الصفقات الضخمة والتسويات السياسية، وليس نحو حروب أخرى. فرضية من يؤيدون نتنياهو، أن ترامب سيعطي إسرائيل بطاقة مفتوحة للهياج في غزة، تحطمت. على نتنياهو تسوية خطه رغم خطابه الصقوري الذي يطلقه.

في الوقت الذي يشاهد فيه من يشجعون نتنياهو أزمة ثقة خطيرة إزاء ما يرونه خيانة من ترامب، من المهم معرفة إذا كان رئيس الحكومة نفسه سقط في الشرك. هو في نهاية المطاف يعرف الرئيس، حتى من ولايته الأولى، ويعرف أن ما يوجهه في المقام الأول هي مصالحه الشخصية (في ذلك هما لا يختلفان عن بعضهما). ربما ينتظر نتنياهو ضربة منذ أشهر، وفي الواقع يضلل الجمهور في إسرائيل، حتى عندما هدد مؤخراً بعملية واسعة أخرى في القطاع. في المقابل، بعد اللقاء الأول بينهما في هذه السنة في البيت الأبيض، الذي تحدث فيه ترامب كثيراً عن “الهجرة الطوعية” لسكان غزة، عاد نتنياهو إلى البلاد مسروراً جداً. عادت الغطرسة المشهورة، إلى أن جاء الالتقاء المؤلم مع الواقع: التصادم تفاقم مع اقتراب زيارة ترامب لدول الخليج.

صفحة الرسائل من مكتب رئيس الحكومة إلى أبواق المخلصين الذين يصممون على التجمع على متن السفينة، تقول بأن تحرير الجندي المخطوف ألكسندر جاء بسبب الضغط العسكري الذي استخدمته إسرائيل. حسب هذه الرواية، ترتجف حماس خوفاً من هجوم جديد، وحاولت وقف توسيعه بواسطة تحرير الجندي الذي لديه الجنسية الأمريكية. ستواصل إسرائيل الضغط العسكري، وستحاول الدفع قدماً بخطة ويتكوف، التي سيتم بحسبها إعادة 10 مخطوفين على قيد الحياة إضافة إلى جثامين مخطوفين، في اتفاق مؤقت يضمن وقف إطلاق النار لشهر ونصف.

هذا ادعاء مهين تقريباً، لأنه يفترض أنه يمكن دائما مواصلة بيع المزيد من الأكاذيب لمواطني إسرائيل. عملياً، مثلما سبق وطرح في تقارير وسائل إعلام أمريكية، حتى شبكة فوكس اليمينية التي تميل لنتنياهو على الأغلب، فإن الرئيس ومبعوثه يبثان بأنهما متعبين ومتشككين، لا نقول يائسين، من ألاعيب نتنياهو. وأدركت واشنطن أن رئيس الحكومة معني بإطالة الحرب إلى ما لا نهاية، بأي ذريعة ممكنة، لضمان الائتلاف.

وقف الحرب وتحرير كل المخطوفين مقابل آلاف السجناء وإبقاء تدخل حماس في الحكم المستقبلي في غزة، كل ذلك لن يقبله بن غفير وسموتريتش، وسيعتبر فشلاً لجزء واسع من الجمهور، هذا حتى قبل طرح أفكار أخرى طرحت في الخليج، من بينها تحسين مكانة السلطة الفلسطينية وربما رسم مسار لإقامة الدولة الفلسطينية.

في الوقت الذي أصبح فيه نتنياهو عاشقاً جديداً لخطة ويتكوف، التي لم يعمل على دفعها قدماً لفترة طويلة، عاد ترامب إلى خطته: تحرير كل المخطوفين مرة واحدة، في إطار صفقة تنهي الحرب. وإذا كان حظ لإسرائيل، فربما يتوسل الرئيس للسعودية كي يشمل الاقتراح صيغة معينة لخطة التطبيع مع إسرائيل، التي نوقشت بصورة حثيثة في ولاية بايدن.

شعور “القدس” بالإهمال لا يقتصر على قضية المخطوفين: مصالح ترامب ونتنياهو تبتعد أيضاً في قضايا رئيسية أخرى، مثل المفاوضات النووية المتقدمة مع إيران، والمصادقة التي يتوقع أن تعطيها الإدارة الأمريكية للمشروع النووي السعودي، وانسحاب مفاجئ للولايات المتحدة من المعركة الهجومية في اليمن. وإذا لم يكن هذا بكاف فقد بدأ نتنياهو بتسريبات تهدف إلى تمهيد الأرضية لقرار ترامب، عدم تجديد اتفاق المساعدات الأمنية لإسرائيل، الذي قد يوقع في 2026.

نتنياهو، الذي سارع إلى التفاخر بالعملية المثيرة للانطباع للجيش الإسرائيلي والموساد في إنقاذ جثة الجندي تسفي فلدمان من سوريا، لا يقول الحقيقة للجمهور بخصوص القضايا الملتهبة. ولا يتحدث مع عائلات المخطوفين، ولا يعترف بالضغط الذي يستخدمه ترامب عليه، وبالتأكيد لا يذكر إخفاقه في إدارة الحرب.

عندما يتم التحقيق مع مستشاريه ويتم اعتقالهم، وعندما بدأت الأفلام اليومية من مكتبه تتعثر وتحرج، وحيث الحريديم يهددون بإسقاط الحكومة إذا لم يتم تمرير قانون الإعفاء من الخدمة، فإن العجلات بدأت تتفكك عن عربة الائتلاف. أظهر نتنياهو في هذه الفترة استعداده لتحمل مخاطر أمنية للنجاة من ضائقة سياسية. الصراع على بقائه لم ينته، ربما هو أمام تصعيد آخر.

عاموس هرئيل
هآرتس 14/5/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب