رصاص على الشهود ، حين يطلق الاحتلال الإسرائيلي النار على الدبلوماسية الأوروبيةبقلم: مروان سلطان – فلسطين |
بقلم: مروان سلطان – فلسطين

رصاص على الشهود ، حين يطلق الاحتلال الإسرائيلي النار على الدبلوماسية الأوروبية
بقلم: مروان سلطان – فلسطين
21 أيار/مايو 2025
جاء الرد الإسرائيلي على المواقف الأوروبية أسرع مما تتخيله أوروبا نفسها. لم يكن بيانًا سياسيًا أو تصريحًا عدائيًا، بل رصاصًا مباشرًا أطلقه الجيش الإسرائيلي باتجاه موكب دبلوماسي أوروبي، خلال زيارة رسمية للاطلاع على الأوضاع في مدينة جنين ومخيماتها شمال الضفة الغربية.
ما حدث لم يكن مجرد حادث ميداني، بل تطور خطير يشير إلى مرحلة جديدة في سلوك الاحتلال الإسرائيلي، مرحلة لا تعترف بالحصانة الدبلوماسية ولا تقيم وزنًا للمواثيق الدولية.
فمنذ سنوات، تنتهج إسرائيل سياسة واضحة في كتم الأصوات وكتم الشهادات. اغتالت الصحفيين الذين نقلوا الحقيقة من قلب الميدان، وقتلت منذ 7 أكتوبر أكثر من مئة صحفي كانوا يعملون على تغطية الجرائم والانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني. والآن، يبدو أن دور الاستهداف اتسع ليشمل الدبلوماسيين، ممثلي الدول الذين جاءوا للاطلاع على الواقع الميداني وسماع صوت الناس.
هذه الخطوة تمثل تصعيدًا غير مسبوق، ورسالة واضحة للاتحاد الأوروبي: “لا مكان لكم هنا، ولا حق لكم في الشهادة أو المراقبة”. تريد إسرائيل أن تدير الحرب على طريقتها، دون شهود، ودون تدخلات، ودون حتى نظرات غربية تنتقد، أو تراقب، أو تحاول التحقق.
من الواضح أن المواقف الأوروبية الأخيرة – خاصة الانتقادات الموجهة للسياسات الإسرائيلية في قطاع غزة، من تجويع وتعطيش ومنع علاج – لم ترق لصناع القرار في إسرائيل. فجاء الرد بإطلاق النار على وفد دبلوماسي، في تصرف يحمل استخفافًا بكل الأعراف الدولية.
إن الرسالة السياسية التي تحملها هذه الحادثة خطيرة: لا حصانة لأحد، ولا ترحيب بأي وجود دولي، حتى لو كان يمثل دولًا “صديقة”. إسرائيل اليوم، في ظل الغطاء الأميركي، تشعر أنها ليست بحاجة إلى تبرير أي تصرف، ولا ترى في المجتمع الدولي رادعًا حقيقيًا لسلوكها.
ما حدث أمام جنين ليس حادثًا معزولًا، بل تعبير صارخ عن منطق جديد يزداد ترسخًا في ممارسات الاحتلال: لا قيود، لا محرمات، ولا احترام لأي طرف دولي، حتى لو كان شريكًا أو حليفًا.
إذا كانت إسرائيل اختارت اختبار رد الفعل الأوروبي بهذه الطريقة، فإن السؤال الذي يُطرح اليوم ليس فقط حول الواقعة نفسها، بل حول مدى جدية أوروبا والعالم في حماية القيم والمبادئ التي يزعمون الدفاع عنها. هل تبقى الردود حبيسة التصريحات، أم تكون هي القشة التي قصمت ظهر البعير ، بداية مراجعة حقيقية للعلاقة مع دولة تضرب بعنف في وجه كل من يحاول أن يشهد الحقيقة؟





