معرض بيروت… الثقافة تقاوم الإحتلال

معرض بيروت… الثقافة تقاوم الإحتلال
الثقافة ليست ترفاً بل مقاومة بالفكر والقلم. هكذا بدا المشهد بعد جولة طويلة بين أروقة «معرض بيروت العربي الدولي للكتاب» بدورته السادسة والستين التي تُختتم يوم الأحد. انطلقت فعاليات المعرض بعد تأجيل فرضته الحرب الإسرائيلية على لبنان، حاملةً رسالة ثقافية وسياسية قوية تعكس عودة العاصمة اللبنانية إلى الحياة والنشاط الثقافي بقوة.
يقام المعرض في واجهة بيروت البحرية، مؤكداً على أنّ الثقافة هي دليل للصمود والإستقرار، وأن بيروت تستعيد مكانتها كعاصمة للثقافة والانفتاح في المنطقة. شاركت في هذه النسخة دور نشر عربية واسعة، وسط اهتمام جماهيري كبير وزخم ثقافي لافت.
خلال التجوال ضمن المعرض، يغوص الزائر بين مئات الكتاب إن لم تكن الآلاف منها وكل حرف فيها يقاوم بطريقته.
في القسم الداخلي في صدر المعرض، خصص المنظمون مساحة لعرض رسوم رسام الكاريكاتور كمال شرف. كل لوحة جسدت الألم الفلسطيني والضعف العربي بطريقتها. للوهلة الأولى، يُخيّل للزوار أن الجدران تصرخ «لا للإحتلال»، من شدة قوة الصورة وتعبيرها عن الواقع، فيما حجزت شركة «طش فش» مكانها في المعرض، واستعرضت مجموعة صور تحت عنوان «فلسطينيات».
بعد أمتار قليلة، سجل طلاب الجامعة الأميركية في بيروت حضورهم عبر أعمال داعمة للقضية الفلسطينية من خلال عرض ملصقات على الجدران تناهض الإحتلال وتدعم غزة.
أما بالنسبة إلى دور النشر، فكان التركيز على عرض الكتب التي تتحدث عن القضية الفلسطينية وتساندها مثل «دار المعارف الحكمية»، فكانت لها إصدارات خاصة تتعلق بفلسطين ولبنان منها «فلسطين في أدبيات سيد شهداء طريق القدس السيد حسن نصرالله» للكاتب أحمد ماجد، و«لقاء في الضاحية» وهو عبارة عن ذكريات مع السيد الشهيد نصرالله يرويها آية الله محسن الحيدري من إعداد رقية حيدري.
تؤكد دور النشر والمكتبات الحاضرة أهمية الحفاظ على الإصدارات المتعلقة بقضية فلسطين ونشر ثقافة المقاومة. وهذا ما انعكس على شراء الكتب التي تتحدث عن المقاومة، والصور التذكارية لسيد شهداء الأمة والشهداء. وكان لافتاً إقبال الزوار من أعمار صغيرة على تلك الكتب.
وتشير إحدى دور النشر المشاركة لنا إلى أنّ هذا الجيل يتمتّع بإصرار ووعي كبيرين ورغبة شديدة في التعرف إلى أهمية المقاومة وفكر السيد حسن نصر الله، للتعرف عليهما بوعي أكثر من خلال هذه الكتب، مما يساعد في فهمهم لأهمية القضية الفلسطينية في نهج وحياة السيد حسن.
وحتى المكتبات التي تعرض المدونات ودفاتر الملاحظات وغيرها من المنتجات مثل الحقائب والفناجين، فأغلبها يعبّر عن رمز من رموز المقاومة مثل «البطيخة» أو الكوفية أو حتى خريطة فلسطين، والمثلث المقلوب.. وصور السيد حسن نصرالله.
الكتب تقاوم بطريقتها
في معرض بيروت، يكتشف الزائر أنّ الكتاب يعامل كضرورة وهو شهادة وجود، بل توحي عناوين الكتب بوضوح أن بيروت قوية صامدة بل لبنان كله يتمتع بصلابة جبارة. لوحظ أيضاً زيارات منظمة من قبل المدارس، فكان الطلاب يتسابقون لشراء «صورة للسيد حسن» والفرحة واضحة على وجوههم بعد حملهم للصورة إلى جانب الكتب التي حصلوا عليها.
كانت عناوين عدد من الكتب في يوم توقيعها تحكي عن المقاومة، مثل كتاب الباحثة تهاني نصار «سيمولاكرا» والفنانة لينا مرهج «فلسطينيات». وكلاهما يتحدثان عن فلسطين.
في أحد الأقسام، كانت الكوفية تحتضن صورة للشهيد يحيى السنوار، وأمامها حلقة مستديرة مفتوحة لثلاثة شباب في عقدهم الثالث يحملون «الشوك والقرنفل» للشهيد نفسه.
خصص المنظمون ورقة بيضاء كبيرة عنونت بكلمة أو رسمة للشعب الفلسطيني، دون عليها الزوار مشاركاتهم. وكان لافتاً ما كتبه احد الزوار: «سوريا لن تكون إلا قلب وظهر المقاومة»، إلى جانب عبارة «انا على العهد يا نصر الله»، وعبارة «المقاومة فكرة والأفكار لا تموت».
حضور قوي للأدب المقاومة
يمكن إختصار رأي الزوار الذين تحدثنا اليهم بأنّ أكثر ما لفت انتباههم في المعرض هو الحضور القوي للأدب المقاوم، خصوصاً في هذا التوقيت الذي يمر به العالم العربي، والمحاولات الحثيثة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل إلى تغيير وجه المنطقة، عبر القضاء على المقاومة والتضييق على بيئتها. جاء معرض الكتاب في قلب بيروت اليوم ليؤكد على أنّ المقاومة باقية في الحياة والأدب والميدان، ووجدان كل شخص ينتمي إلى أرضه، ويدافع عنها في وجه من يريد أن يشاركه في خيرها عبر اتفاقيات «خلبية» ظاهرها السلام وباطنها الاستغلال.