“المخطط الإسرائيلي لاستنساخ نموذج ميليشيا العشائر في الفلوجة وجنوب لبنان: الأهداف والمخاطر والتداعيات”

“المخطط الإسرائيلي لاستنساخ نموذج ميليشيا العشائر في الفلوجة وجنوب لبنان: الأهداف والمخاطر والتداعيات”
بقلم رئيس التحرير
في سياق سعي الاحتلال الإسرائيلي لإحكام قبضته الأمنية والسياسية على المناطق التي يستهدفها، برزت مؤخرًا مؤشرات على محاولته استنساخ نماذج “ميليشيا العشائر”، كما جرى في الفلوجة بالعراق وجنوب لبنان في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. هذه المحاولة تنطوي على مخاطر استراتيجية كبرى، ليس فقط على صعيد أمن المقاومة، بل على مستقبل النسيج الاجتماعي ووحدة الشعوب في تلك المناطق.
نموذج ميليشيا العشائر: سلاح مزدوج الحدّ
في العراق – “الصحوات”
في عام 2006، شكّلت القوات الأميركية ميليشيات عشائرية تحت مسمى “الصحوات” في الفلوجة ومحيطها لمحاربة تنظيم القاعدة. ورغم النتائج الأولية في تقليص نفوذ التنظيم، أدّى هذا النموذج لاحقاً إلى فوضى أمنية وصراعات داخلية، استُثمرت لاحقاً من قبل تنظيمات متطرفة أخرى، ما ساهم في تمزيق المجتمع العراقي.
في جنوب لبنان – “جيش لبنان الجنوبي”
خلال احتلالها للجنوب اللبناني، دعمت إسرائيل ميليشيا محلية باسم “جيش لبنان الجنوبي” بقيادة أنطوان لحد، حاولت من خلالها فرض أمنها عبر أيادٍ لبنانية. إلا أن هذا النموذج فشل فشلًا ذريعًا، وسقط بسقوط الاحتلال في العام 2000 بعد مقاومة شرسة أنهت مشروع “الوكالة الأمنية”.
ما وراء المحاولة الإسرائيلية الجديدة؟
تسعى إسرائيل، اليوم، إلى توظيف هذا النموذج مجددًا، خصوصاً في الضفة الغربية وغزه وبعض المناطق في جنوب لبنان، عبر محاولة:
تجنيد أفراد أو مجموعات عشائرية للعمل كـ”مخبرين” أو “قوات رديفة” لقمع قوى المقاومة.
خلق بؤر نفوذ محلية تعادي المقاومة وتتعاون مع الاحتلال تحت ذرائع أمنية أو عشائرية.
توظيف الانقسامات الاجتماعية لضرب وحدة المجتمع وتحويله إلى فسيفساء متنازعة.
مخاطر هذا المخطط
- ضرب وحدة المجتمع
يؤدي تشكيل ميليشيات عشائرية إلى إثارة الفتن بين مكونات المجتمع، ويحوّل الصراع من مواجهة الاحتلال إلى نزاعات داخلية
- إضعاف المقاومة من الداخل
تستهدف هذه الميليشيات تصفية أو محاصرة فصائل المقاومة المحلية، مما يُفرغ الساحة من أي قوى مناهضة للمشروع الصهيوني.
- شرعنة الاحتلال
باستخدام أيادٍ محلية، تسعى إسرائيل إلى تبرئة نفسها من القمع والسيطرة، وخلق انطباع زائف بأن “الأمن المحلي” هو من يتولى الأمور.
- نقل الصراع إلى الداخل الفلسطيني أو اللبناني
بدلاً من أن يكون الاحتلال هو الخصم المركزي، تتحول الميليشيات إلى خصم مباشر للشعب، ما ينقل المعركة إلى الداخل ويطيل أمدها.
- تكرار سيناريوهات كارثية
التجارب في العراق وسوريا تثبت أن عسكرة العشائر تؤدي إلى فوضى دموية وانهيار الدولة والمجتمع، وهو ما تطمح إسرائيل لاستنساخه في فلسطين ولبنان.
التوصيات لمواجهة المخطط
تعزيز الوعي الشعبي حول هذا المخطط، وفضح أدواره التخريبية في الإعلام والمجتمع.
تحصين الصف الداخلي عبر الحوار بين الفصائل والعشائر والعائلات لتفويت الفرصة على الاحتلال.
سنّ قوانين وعقوبات وطنية تجرّم التعامل مع أي ميليشيا خارج إطار المقاومة الشرعية أو السلطة الوطنية.
تحصين البنية الثقافية والعقائدية للمجتمعات ضد سياسات التفكيك الممنهجة.
إعادة إنتاج “ميليشيا العشائر” بنسخة إسرائيلية حديثة ليس مجرد تكتيك أمني، بل هو مشروع تفكيكي يهدف إلى كسر إرادة المقاومة، وتفتيت المجتمعات من الداخل. وعي الشعوب، ووحدة القوى الوطنية، ووضوح البوصلة نحو الاحتلال كعدو مركزي، هي السلاح الحقيقي لإفشال هذا المخطط كما أفشلت تجارب مماثلة في الماضي.