مقالات

أجندات تتحرك في الظل بقلم مروان سلطان – فلسطين 🇵🇸

بقلم مروان سلطان – فلسطين

أجندات تتحرك في الظل: القضية الفلسطينية الضحية الصامتة لحروب تخاض باسم “الأمن الإقليمي ورسم خريطة المنطقة من جديد”

 

بقلم مروان سلطان – فلسطين 🇵🇸

21.6.2025

———————————————

توفر المناخات السياسية بيئة حاضنة لتنفيذ أجندات تحتاج إلى غطاء إقليمي أو دولي كي تُمرر وتُنفذ على أرض الواقع. ومنذ نشوء القضية الفلسطينية، كانت هذه الأجندات تجد في فلسطين مدخلًا لإعادة تشكيل توازنات القوى أو تصفية الحسابات، عبر التأثير في مسارات القضية وانطباعاتها ورؤيتها أمام العالم.

ولعل أهم هذه المناخات هو التوتر المحلي والإقليمي، الذي تستغله إسرائيل لتمرير خطوات استراتيجية دون ضجيج يذكر. فعلى سبيل المثال، لا الحصر، فإن محاولة إخراج وكالة الغوث الدولية من إدارة ملف اللاجئين الفلسطينيين قد نجحت إلى حد بعيد، بعد أن حصلت إسرائيل على دعم سياسي أميركي لتمرير هذا الملف، مستغلة هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023 على غلاف غزة، واتهام عدد من موظفي الأونروا بالمشاركة فيه، دون تقديم أدلة. وحتى إن وجد موظف من وكالة الغوث له انتماء سياسي دون علم الوكالة، فإن ذلك لا يعني باي حال من الاحوال ان وكالة الغوث الدولية هي جزء من حركة حماس او تتبع اها ولا يبرر بأي حال من الأحوال ان تقوم اسرائيل وتحالفاتها بتدمير مؤسسة دولية تعنى بالإغاثة والتشغيل، وتعمل بتكليف من الأمم المتحدة منذ نشاء القضية.

الأمر ذاته تكرر سابقا، حين استخدمت مجزرة الحرم الإبراهيمي، التي ارتكبها المستوطن الأميركي باروخ غولدشتاين، لتقسيم الحرم زمانيًا ومكانيا بين الفلسطينيين واليهود، ثم لاحقًا محاولة تطبيق النموذج ذاته على الحرم القدسي الشريف. كل ذلك في ظل انشغال إقليمي سمح بفرض وقائع تحت غطاء أمني أو ديني.

وهكذا تمضي إسرائيل في تنفيذ أجندات وسياسات من تهجير ومصادرة وهدم، تحت ذرائع شتى، متى توفرت المناخات. فقد شهدت القضية الفلسطينية تمرير الكثير من السياسات أثناء الحروب التي اجتاحت المنطقة: من العراق إلى سوريا، مرورا بالثورات العربية، وانتهاء بالحروب على غزة، حيث كانت الجريمة الأكبر هي استغلال الانشغال العالمي في حروب أكبر، لتصفية حضور الشعب الفلسطيني عبر الجوع والمرض وهدم البيوت، بحجج واهية تحت شعار “محاربة الإرهاب” أو “الدفاع عن النفس”.

وفي اللحظة الراهنة، حيث تتجه الأنظار إلى التصعيد بين إسرائيل وإيران، تغيب فلسطين عن واجهة الاهتمام، لكنها تبقى الحاضر الدائم على الأرض، في حسابات القوة والميدان. فإسرائيل، كما في كل مرة، تستغل الأجواء لتنفيذ مشروعها الاستيطاني، وتشديد القبضة الأمنية، وفرض وقائع جديدة في الضفة الغربية والقدس.

الحرب تمنح إسرائيل فرصة نادرة لتطبيق سياسات التهجير والهدم والمصادرة تحت غطاء “الوضع الأمني”، بينما تنشغل العواصم والهيئات الدولية بمتابعة المواجهة مع إيران، في ظل دعم أميركي واضح لكل ما تقوم به إسرائيل.

وفي هذا السياق، نشهد في هذه الحرب التي أشعلتها إسرائيل مع إيران، وتحت ذريعة منع تمدد النفوذ الإيراني، عمليات اقتحام وتضييق مكثف على الضفة الغربية، خصوصًا المخيمات، ضمن سياق ما تسميه “تقليم أذرع إيران” وتعزيز الوضع الأمني.

كما ترى إسرائيل في هذه الحرب فرصة لتسريع عمليات الاستيطان الكبرى، خصوصًا في القدس، وضمّ مزيد من الأراضي تحت غطاء الانشغال العالمي بالمشروع النووي الإيراني، الذي أضاءت له واشنطن الضوء الأخضر.

وفي ذات السياق، تعمل إسرائيل على تشديد الحصار على غزة، وإعادة تعريف القطاع باعتباره “تهديدا أمنيا” بحجة ارتباط حركتي حماس والجهاد الإسلامي بإيران. أما على صعيد السلطة الفلسطينية، فإن إسرائيل تواصل تقويضها، وقرصنة أموالها، ومنع وصول عائدات الضرائب إلى خزينة السلطة، إضافة إلى ممارسة تهميش دورها  السياسي بشكل متصاعد، في ظل انشغال العالم بملفات إقليمية ودولية طاغية.

وبهذا المعنى، تصبح القضية الفلسطينية، كما في كل مرة، “الضحية الصامتة” للحروب. تُختطف الأضواء، وتُمرر الأجندات، وتُذيب القضية تحت ركام الصمت العربي والإسلامي، بينما يعاد تشكيل الخريطة من حولها، بعيدًا عن أي أفق سياسي حقيقي، أو حلول عادلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب