مقالات

على بالي

على بالي

أسعد أبو خليل

علاقة المثقّفين العرب بالغرب تحتاج إلى إعادة صياغة. لا أتحدّث عن مثقّفي الانصياع للخليج الذين يتغنّون بالجهاد حيناً وبالترفيه والتسالي حيناً آخر.

هناك جيل من المثقّفين العرب الذين درسوا في الغرب وتأثّروا بالغرب وتشرَّبوا الأدب والإنتاج الأكاديمي والفكري الغربي. هم من الذين حاولوا التوفيق بين ثقافتهم الغربيّة وبين عدائهم للغرب السياسي (هل يمكن الفصل بين جوانب الغرب؟).

في التاريخ المعاصر كان هناك نزعة للتشديد على اللّيبرالية الغربيّة ووعودها. كان ذلك عندما كانت أوروبا تبلور سياسة عن فلسطين مستقلّة عن أميركا، وكان ذلك عندما كانت كندا غير خاضعة للوبي صهيوني. لم يكن هناك تناقض عند هؤلاء المثقّفين.

لكنّ النزاع بين الجانبَين ليس ضروريّاً. كان الغرب (في بعض أنحائه) يروّج لاشتراكية معتدلة ولترحيب بالمهاجرين (قبل أن تزيد أعدادهم ويتلوّنون أكثر).

كان الغرب يصارع الشيوعية العالميّة بوجه مزيّف لاستقطاب سكّان الدول الشيوعيّة. الغرب اليوم هو كما هو، لكنّ ذلك لا يعني نسْف التراث الأدبي والفكري الغربي لمَن تأثّر به. لكنْ يجب إعادة صوْغ السياق السياسي والبنيوي للإنتاج الفكري والأدبي والنظر إليه (كما فعل سعيد في «الاستشراق») من منظور التاريخ الاستعماري وخداع شعوب العالم المُستعمَر.

والعلاقة السياسيّة شابها الكثير من السذاجة في الماضي. أذكر عندما كان الراحل سليم الحصّ يناشد أميركا أن تكون سياساتها الخارجيّة متوافقة مع ديموقراطيّتها.

لكنّ السياسة الخارجيّة لأميركا تعكس العلاقات الداخليّة في داخل النظام: البِيض استعمروا السكان الأصليّين، والسود تماماً مثل دول الاستعمار الأوروبي في الغرب.

وتعرّض السكّان الأصليّين لحرب إبادة قضت على ملايين منهم. ننتقي من التراث الغربي ما نشاء على أن نضعه في سياقه السياسي. الغرب الحقيقي متوحّش وعنصري وبغيض في أجندته.

الغرب اليوم أكثر تعبيراً عن السكّان في الغرب من غرب التزييف اللّيبرالي. كانت الوكالة الأميركيّة للتنمية تعكس أجندة ليبراليّة، لكنّ قضاء ترامب على الكثير من برامجها لم يؤدِّ إلى انتفاضة ليبراليّة، والحزب الديموقراطي نائم. عند هؤلاء، إسرائيل أهم بكثير من كلّ الشعارات اللّيبراليّة التي تروّج لها مواقع إخباريّة ممَوَّلة من الغرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب