إيران بين تهديدات الحرب وسيناريو العراق: رغبة أمريكية-إسرائيلية في تقويض القوة الإقليمية لطهران…

إيران بين تهديدات الحرب وسيناريو العراق: رغبة أمريكية-إسرائيلية في تقويض القوة الإقليمية لطهران…
بقلم : الأستاذ: علي او عمو.
تعيش المنطقة مجدداً على وقع التهديدات بشنّ حرب جديدة ضد إيران، في ظل استمرار الشكوك الأمريكية والإسرائيلية
حول مدى تدمير البرنامج النووي الإيراني بشكل نهائي. ورغم الضربات التي استهدفت منشآت نووية رئيسية في
فوردو ونطنز وأصفهان، فإن المؤشرات تشير إلى أن طهران لا تزال تحتفظ بكميات من اليورانيوم المخصب بنسبة
تتجاوز 60٪، وهي نسبة تضعها على أعتاب القدرة التقنية لتصنيع سلاح نووي، في حال اتخذت قراراً استراتيجياً
بذلك.
وتُضاف إلى هذه المعطيات امتلاك إيران لكفاءات علمية وهندسية متقدمة تواصل تطوير برنامجها النووي في الخفاء،
مع دعم منظومة صاروخية قوية ومتطورة. فقد أثبتت التجربة الأخيرة أن إيران تملك ترسانة صاروخية ضخمة، خاصة
من الصواريخ الباليستية الدقيقة، التي استطاعت إلحاق دمار كبير بالبنية التحتية العسكرية الإسرائيلية، وهو ما زاد من
قلق تل أبيب وواشنطن معاً.
هذا الوضع دفع الولايات المتحدة وإسرائيل إلى التفكير جدياً في مواصلة التصعيد ضد إيران، تحت ذرائع متعددة، لعل
أبرزها الحفاظ على أمن إسرائيل وردع طهران عن استكمال برنامجها النووي. إلا أن هناك من يرى أن الهدف الحقيقي
من هذه التحرّكات يتعدى مجرد وقف الطموح النووي الإيراني، ليصل إلى محاولة تقويض النفوذ الإقليمي المتصاعد
لطهران وربما إسقاط نظامها السياسي الذي يشكل تهديداً استراتيجياً للمصالح الغربية والإسرائيلية في الشرق الأوسط.
ويعيد هذا السيناريو إلى الأذهان ما حدث في العراق سنة 2003، عندما زعمت الولايات المتحدة أن نظام صدام حسين
يمتلك أسلحة دمار شامل، لتشنّ حرباً انتهت بتدمير الدولة العراقية وتغيير نظامها بالكامل، دون العثور على أي من تلك
الأسلحة المزعومة. واليوم، يبدو أن إيران تقف في وضع مشابه، حيث قد تُستخدم الرواية النووية كسلاح دعائي
لتبرير تدخل عسكري واسع النطاق، يخدم في النهاية المصالح الجيوسياسية للولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة.
إلا أن الفارق الجوهري بين الحالتين يتمثل في القدرات العسكرية الإيرانية الفعلية، خصوصاً في ما يتعلق بالصواريخ
والطائرات المسيّرة، وأذرعها الإقليمية المنتشرة في أكثر من بلد، وهو ما يجعل من أي حرب ضدها مغامرة محفوفة
بالمخاطر، وقد تتحول إلى صراع شامل قد يعصف باستقرار الشرق الأوسط برمّته.
في النهاية، يظل شبح الحرب قائماً، لكن نتائجه لن تكون محدودة أو محسوبة كما تأمل إسرائيل وأمريكا. فإيران اليوم
ليست كالعراق الأمس، وقد تكون أي مغامرة عسكرية ضدها بداية لتحول استراتيجي جديد في المنطقة، ليس بالضرورة
لصالح القوى الغربية.