ثقافة وفنون
قصة قصيرة : حلم لم يتحقق !

قصة قصيرة : حلم لم يتحقق !
بقلم رحال امانوز .
تزودوا بالماء والماكل . وانطلقوا تحت جنح الظلام . يمشون بأناة وحذر . فوق الشاطيء الصخري . جلسوا ارضا يتدثرون باغطية ثقيلة . تقيهم برودة الطقس ليلا . عيونهم تحذق في الموج أمامهم . ينتظرون على احر من الجمر . واخيرا وصل القارب الموعود . امرهم المهرب البشري ومساعده . بالصعود فورا حتى لا تترصدهم أعين الحراس . كانوا عشرين شابا يافعا . قدموا من قرية واحدة . أخذ منهم نصف المبلغ المتبقي . مليونا سنتيم بالتمام والكمال . كان قد أخذ منهم نصف المبلغ فيما قبل . أموال حصلوا عليها بشق الأنفس . هناك من باع والده قطيعه من الأبقار . وهناك من باعت امه حليها الذهبية . لتوفير ثمن العبور نحو الفردوس المفقود … انطلق المركب في عرض البحر . مغادرا الشاطيء الصخري . كان يتمايل بفعل الأمواج المتلاطمة . وسوء الأحوال الجوية . بعد مسيرة يومين . قضوها في التمني والحلم بمستقبل زاهر . في السواحل الاسبانية حيث العيش الرغيد . تراءت لهم في الأفق . اضواء تقترب شيءا فشيئا . عانقهم الأمل وقرب الخلاص . ابتهجوا وهنؤوا بعضهم البعض . بالوصول إلى بر الأمان . لم تعد تفصلهم عن مبتغاهم . سوى بضع كيلومترات …
وفجأة … زمجر رعد شديد . اهتزت له فراءصهم . وانقشعت السماء عن برق شديد . يعمي الابصار ويضرب الافاق . استبد بهم خوف رهيب . بدا البعض منهم يردد الشهادتين . المهرب ومساعده طمانوهم . وقالوا لهم : خضنا غمار البحر سنين طوالا . ولم ننهزم امام اعتى العواصف . لاتخافوا وشدوا ازركم . اقتربنا من الساحل . قال أحد هم : إنها النهاية ! ضعنا وضاعت أحلامنا ! … وبغتة انهمرت سيول من الأمطار الغزيرة . ارتفعت الأمواج العالية في السماء . كأن الطوفان قد عم المكان . ها قد أصبح زورقهم عبارة عن قشة تبن . تتلاعب بها الأمواج والرياح العاتية . انقلب المركب وجرفته المياه . في اعماق البحر اللانهائي . صرخات الاستغاثة والتوسل . تنبعث من حناجر بح صوتها . وايادي تلوح في السماء طالبة النجدة . ولا من مجيب ! أصبح الجميع في خبر كان . بعد هدوء العاصفة مرت بالمكان . باخرة خفر السواحل . تفاجأ حرس الحدود لهول الكارثة . جمعوا الجثث الطافية على سطح الماء . أعيدت لمسقط رأسها . كان يوما مشهودا بالقرية . لم تعتده القرية الوديعة واهلها . حيث أقيم ماثم جماعي . اختلط فيه حزن الرجال . بعويل النساء والأطفال …
الدارالبيضاء / المغرب