الصحافه

حين يصبح تعذيب الأسرى الفلسطينيين وتجويعهم “منافسة انتخابية” في إسرائيل

حين يصبح تعذيب الأسرى الفلسطينيين وتجويعهم “منافسة انتخابية” في إسرائيل

جدعون ليفي

الإجراء العاجل والأكثر إلحاحاً الآن، إضافة إلى وقف المجزرة في غزة، هو إنقاذ جميع المخطوفين، إسرائيليين وفلسطينيين، من ظروف الاحتجاز الفظيعة التي يحتجزون فيها. أنفاق غزة أو سجن مجدو، وأسر حماس أو أسر مصلحة السجون – الحديث يدور عن شر يصعب وصفه. للأسف، لم ينهض أحد من أبناء عائلات المخطوفين الإسرائيليين للمطالبة بالإفراج عن المخطوفين الفلسطينيين أيضاً، أو على الأقل تخفيف ظروف أسرهم.

يجب عدم محاكمة عائلات الضحايا البائسة في حالة معاناتها، لكن على خلفية الشهادات الكثيرة حول ظروف اعتقال الفلسطينيين في إسرائيل، كان من المحتمل توقع صوت إنساني ومتعاطف من قبل الذين يخشون على مصير أعزائهم. ليس من شأن السادية الإسرائيلية الإضرار بظروف احتجاز رهائننا فحسب، بل هناك أيضاً مسألة أخلاقية صغيرة، وهي أنه عندما تسيء إسرائيل معاملة الرهائن والمعتقلين لديها، فهي تفقد أي حق أخلاقي في المطالبة بالإفراج عن مختطفيها.

لا فائدة من المقارنة بين “سديه تيمان” والأنفاق في خان يونس، إذ لا يمكن المقارنة بين معاناة فظيعة ومعاناة أخرى. يتم في المكانين احتجاز أشخاص في ظروف غير إنسانية، لا يستحقها أي إنسان، ولا حتى “النخبة”. ليس لأحد الحق في إساءة معاملة أحد. المقارنة الصحيحة هي بين المسيئين. في غزة، الحديث يدور عن نشطاء منظمة إرهابية قاتلة، وفي إسرائيل يدور الحديث عن دولة تتفاخر بأنها دولة ديمقراطية.

مقال هاجر شيزاف في “هآرتس” أول أمس، حول ظروف اعتقال شباب ومخطوفين فلسطينيين ومعتقلين إداريين ومثلهم الآلاف، كان لا بد أن يحرك كل ذي ضمير

مقال هاجر شيزاف في “هآرتس” أول أمس، حول ظروف اعتقال شباب ومخطوفين فلسطينيين ومعتقلين إداريين ومثلهم الآلاف، كان لا بد أن يحرك كل ذي ضمير. تقرير لافدي موريس وسفيان طه، الذي نشر في “واشنطن بوست”، كان يجب أن يهز الأرض في البلاد. 73 مخطوفاً ومعتقلاً ماتوا في السجون الإسرائيلية، رقم صادم، والأكثر صدمة تلك اللامبالاة التي يستقبل بها. أين الأوقات التي كان يعتبر فيها موت معتقل في السجن فضيحة. عدد الموتى في أسر حماس لا يقترب من هذا الرقم. أوردت شيزاف قصة صادمة عن التعذيب، والتجويع، وعدم العلاج والعنف، وكل ذلك بتعليمات من الدولة. تجويع بأمر من الدولة، وضرب مبرح وسادي بأمر الدولة. هذا ليس بن غفير، بل دولة إسرائيل. لماذا يجب تجويع الناس إلى درجة الموت؟ استناداً إلى أي حق مسموح عدم العلاج لـ 2800 معتقل، الذين أصيبوا بمرض الجرب اللعين، وآلاف المعتقلين الذين أصيبوا بأمراض في الأمعاء، التي وقعت في مواقع التجويع ومواقع الأوبئة هذه. اكتشف على جثة وليد أحمد (17 سنة) التهاب في الأمعاء والجرب، ولم يبق في جثته أنسجة دهون أو عضلات. لقد تم تجويعه حتى الموت بسبب زجاجة حارقة ألقاها، ورشقه للحجارة، مثلما فعل المستوطنون في كفر مالك. مصلحة السجون أعدمته بدون محاكمة.

تحدثت “واشنطن بوست” عن معتقلين خرجوا من جهنم، ومع محامين زاروا السجون، وكانت الصورة متشابهة. وهؤلاء يتحدثون عن سياسة التجويع وعدم تقديم العلاج. “هذه غوانتنامو”، قال أحدهم. “هذا أسوأ من غوانتنامو حسب عدد الموتى”. صور الجائعين والمعاقين الفلسطينيين الذين خرجوا في السنة والنصف الأخيرة من السجن تحكي القصة. هي لائحة اتهام خطيرة ضد دولة إسرائيل.

في الثمانينيات نجحت في إجراء زيارة في سجن مجدو والالتقاء بسجناء فلسطينيين. في حينه، كانت الظروف إنسانية ومعقولة نسبياً، لكن ليست الظروف وحدها التي ساءت منذ ذلك الحين، بل هناك أمر آخر خطير حدث: في تلك الأيام، خجلت إسرائيل من التنكيل وحاولت إخفاءه، الآن، هي تتفاخر بالسادية وتعرضها أمام أنظار الجميع، وضمن ذلك، في جولات مخجلة لمراسلي تلفزيون إسرائيليين في السجون. السادية تجاه الفلسطينيين أصبحت علاقات عامة. وهي حتى تجلب الأصوات في صناديق الاقتراع.

 هآرتس 6/7/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب