الإسرائيليون في كابوس “سمح بالشر”.. ونتنياهو من فوق “البساط الفاخر”: قد أضطر لحرب أخرى مع إيران

الإسرائيليون في كابوس “سمح بالشر”.. ونتنياهو من فوق “البساط الفاخر”: قد أضطر لحرب أخرى مع إيران
يبدو أن الشهر القاسي والنازف الذي مر علينا في غزة رجح الكفة الجماهيرية: معظم الإسرائيليين ملوا الحرب التي لا يرون فيها غاية ومنفعة. منذ فترة نسمع السؤال: ما الذي نفعله هناك؟”.
باستثناء نواة مشاهدي قناة النظام، حيث الحرب تحرر، والضحايا يقلل من شأنهم، لم يعد الإسرائيليون يؤمنون بهذه الحرب، هكذا على الأقل حسب مشاهدتي غير العلمية. الجيش الإسرائيلي يخرج عن طوره لينشر ويمجد كل نفق، لكن شعب إسرائيل بات تعباً على النهوض في كل صباح على “سمح بالنشر”.
قد ينجح هذا الشعور أيضاً في اختراق سور القطيعة التي تحيط برئيس الوزراء. وهذا لا يمنعه من التقاط الصور على البساط الفاخر في بلير هاوس، مع حلاق ومزينة، في الليلة التي نجد فيها نحن مزيد من المقاتلين الذين سقطوا، لكن محاولته تزييف التعاطف في الزيارة لـ “نير عوز” تثبت أنه رغم عمره المتقدم بقيت أحاسيسه السياسية حادة.
وبينما لا يزال نتنياهو محمولاً على أصداء نجاحه إزاء إيران، يعرف أن بوسعه أن يمرر صفقة جزئية تعطي شهرين من هدوء البلاغات بشأن الضحايا، وبعد ذلك نرى. الإنجازات المذهلة التي سجلها الجيش الإسرائيلي في الفصل الأول من المعركة تجاه إيران (ولا، ولن يكون الأخير) جسدت الفجوة مرة أخرى بين الثقافتين المتنافستين على الهيمنة في إسرائيل.
من جهة، الثقافة التي تطورها الحكومة الحالية، المستندة إلى ائتلاف من منتخبين بلا شخصية وبلا قدرة تنفيذ، يعينون أناساً غير مؤهلين في مناصب مركزية، أناساً مثلهم تمجد الجهل. هذا مقابل ثقافة التميز التي طورها سلاح الجو، الجهاز الأكثر نجاحاً في الحياة الإسرائيلية العامة، الذي يقوم على أٍساس تقصي الحقيقة. المأساة أن نتنياهو تربى في ثقافة التميز وينتمي إليها، لكنه يستند سياسياً إلى المظلومية.
منذ الساعات الأولى لنشوب المعركة، بعد ضربة البدء كاملة الأوصاف، بدأت المعركة على الحظوة. كان الموساد الأسرع بين باقي الأجهزة وسارع إلى وضع نفسه كمن قاد إلى النجاح. ودون التقليل من مساهمته، كان الموساد الجهة الأكثر ثانوية في النجاح الذي سجل حيال إيران. الخطة التي بناها سلاح الجو وشعبة الاستخبارات وشعبة العمليات في السنتين الأخيرتين بجمع المعلومات الدقيقة وبناء خريطة الأهداف، هي التي شقت الطريق بالضربة الساحقة التي أوقعت على إيران.
ستكون غزة حاضرة دوماً
لكن رغم النجاح الظاهر، فإن التهديد النووي من إيران لم ينتهِ ولم ينقضِ. وبالتالي هناك إلحاح لإزالة غزة عن جدول الأعمال وعدم الاكتفاء بصفقة جزئية لتحقيق الإنجاز العسكرية في إيران على شكل إنجاز سياسي أفضل ومتواصل. تشغلنا غزة لسنوات طويلة. هي وسكانها لن يختفوا ولن يبدأوا بمحبتنا، لكنها لحظة ذات ثمار كثيرة يمكن قطفها على أٍساس ما سبق تحقيقه: السعودية، وربما لبنان، وربما سوريا، ثم اتفاق نووي مع إيران. وأي نفق آخر ندمره في بيت حانون لن يغير الصورة.
إن شهية الرئيس الأمريكي، التواق للتصفيق ولجائزة نوبل، يمكننا استغلالها لإنجازات كثيرة. أخيراً، وقعت أمام نتنياهو فرصة لتسجيل مكانه في التاريخ كرجل دولة. قبل سنين، حين كنا نتحادث، كان يصف غايته التوراتية كرسول معد لإنقاذ شعب إسرائيل. منذئذ، كرس معظم وقته لينقذ نفسه وليدمر المؤسسات الرسمية في إسرائيل. في عمر 76 يقف أمام نتنياهو خياران جوهريان، هل يعمل على تثبيت مكانة إسرائيل في المنطقة، أم يثبت ائتلافه الفاشل؟ هل يقود إسرائيل إلى مستقبل تطوير التميز أم المظلومية؟ معقول الافتراض أنه سيقبل الصفقة الجزئية التي يمليها عليه ترامب، بخنوع. لن تكون جيدة، لكنها ستنقذ بضعة نفوس معذبة من الجحيم في غزة وتوفر حياة بضعة جنود آخرين قبل استئناف القتال. وحتى يوازن، سيختار مواصلة القتال ضد إيران، إذ في النهاية لا يمكن إبقاء الشعب في صهيون بلا تهديد وجودي ما.
ألون بن دافيد
معاريف 11/7/2025