عودة الهجمات الحوثية في البحر الأحمر درس لأمريكا وإسرائيل بشأن صعوبة هزيمة الجماعة عسكريا

عودة الهجمات الحوثية في البحر الأحمر درس لأمريكا وإسرائيل بشأن صعوبة هزيمة الجماعة عسكريا
نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا حول الحركة الحوثية في اليمن، وصعوبة وقف نشاطاتها ضد السفن التجارية في البحر الأحمر بالقوة، مشيرةً إلى أن إغراق الحوثيين سفينتين في أسبوع واحد وغياب الرد عليهم يؤكدان هذه الحقيقة.
وقالت المجلة إن “استسلام” الحوثيين الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 6 أيار/مايو كان قصير الأمد، فبعد إعلانه أن الجماعة لن تفجر السفن مرة أخرى، عادت لتفجيرها. وجاءت تصريحات ترامب حينها عقب حملة جوية استهدفت الحوثيين، شاركت فيها السفن والمقاتلات الأمريكية بأكثر من ألف غارة، ردًا على هجمات الحوثيين ضد الملاحة البحرية في البحر الأحمر تضامنًا مع غزة ومطالبة بوقف إطلاق النار هناك.
ووفق التقرير، فإن الحوثيين وبعد شهرين فقط من تصريحات ترامب، نفّذوا هجوما جديدا، ففي 6 حزيران/يونيو سيطر مقاتلون حوثيون على ناقلة البضائع “ماجيك سيز” وفخخوها بالمتفجرات. وفي اليوم التالي، هاجموا سفينة أخرى، “إتيرنيتي سي”، مستخدمين مسيّرات بحرية وقذائف صاروخية. غرقت السفينة في 9 تموز/يوليو، وفُقِد أو قُتل تسعة من أصل 25 بحّارا كانوا على متنها، ويُرجّح أن يكون ستة آخرون قد اختُطفوا على يد الحوثيين.
وتعلّق المجلة بأن الحوثيين أغرقوا سفينتين خلال عام 2024، ولم تُغرق أي سفينة أخرى منذ حزيران/يونيو، لكنهم الآن أغرقوا سفينتين في أقل من أسبوع، في مؤشر على عودتهم بقوة. ومع ذلك، اقتصر رد فعل العالم على اللامبالاة، ما يُظهر مدى قدرة الحوثيين على التأثير في حركة الشحن العالمية، وصعوبة ردعهم عسكريًا.
أغرق الحوثيون سفينتين في أقل من أسبوع، في مؤشر على عودتهم بقوة. ومع ذلك، اقتصر رد فعل العالم على اللامبالاة، ما يُظهر مدى قدرتهم على التأثير في حركة الشحن العالمية، وصعوبة ردعهم عسكريا
وترى المجلة أن توقيت الهجمات الأخيرة لم يكن عشوائيا؛ إذ منح وقف إطلاق النار الحوثيين شهرين لإعادة تنظيم صفوفهم. كما أنهم وقفوا على الحياد إلى حدّ كبير خلال المواجهة الأخيرة بين إسرائيل وإيران. ومع انتهاء ذلك الصراع، قلّصت الولايات المتحدة وجودها العسكري في المنطقة، وسحبت العديد من مدمرات الصواريخ الموجهة التي ساعدت سابقا في حماية السفن التجارية.
وكان هذا التوقيت فرصة مناسبة للحوثيين لتذكير الجميع بأنهم لا يزالون قادرين على تهديد الملاحة في البحر الأحمر. وبحسب المجلة، فإن إظهار التضامن مع الفلسطينيين في غزة يبقى وسيلة دعائية فعّالة لصرف الانتباه عن أزمات اليمن الداخلية، رغم أن السفن المستهدفة ليست مرتبطة فعليًا بإسرائيل. فلم تتوقف سفينتا “ماجيك سيز” و”إتيرنيتي سي” في موانئ إسرائيلية مؤخرا؛ إذ كانت الأولى تنقل شحنة أسمدة وحديد من الصين إلى تركيا، أما الثانية فأنهت رحلة إلى الصومال حيث أفرغت مساعدات إنسانية ضمن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.
وتعود ملكية السفينتين إلى شركة يونانية تدير أيضا سفنا ترسو في موانئ إسرائيلية. ومع ذلك، أعلن زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في خطاب متلفز عن هجمات جديدة وشيكة، الأمر الذي قد يُرهب الشركات الغربية التي بدأت تفكر بالعودة إلى الإبحار عبر البحر الأحمر.
وبحسب بيانات “لويدز ليست” البحرية، فقد عبرت نحو 244 سفينة تجارية مياه البحر الأحمر بين 7 و13 تموز/يوليو، بزيادة عن 232 سفينة عبرت قبل أسبوع. لكن رغم هذا الارتفاع، يبقى العدد أقل بنحو النصف مقارنةً بصيف 2023 قبل تكثيف هجمات الحوثيين.
يعتقد مسؤولون في المنطقة أن ترامب لن يأمر بشنّ غارات جديدة على الحوثيين طالما أنهم لم يستهدفوا السفن الأمريكية القليلة العابرة للبحر الأحمر
وتشير المجلة إلى أن الولايات المتحدة لم تفعل الكثير سوى إصدار بيانات شديدة اللهجة، ويعتقد مسؤولون في المنطقة أن ترامب لن يأمر بشنّ غارات جديدة على الحوثيين طالما أنهم لم يستهدفوا السفن الأمريكية القليلة العابرة للبحر الأحمر. أمّا إسرائيل فتواصل قصف مواقع حوثية بين حين وآخر دون أثر حاسم.
وتضيف المجلة أن البلدين يواجهان الحقيقة التي واجهتها السعودية والإمارات قبل عقد من الزمن: من الصعب اقتلاع الحوثيين بالكامل. فرغم تدمير الغارات الأمريكية جزءا من ترسانة الجماعة، ما زالت طرق التهريب من إيران نشطة، سواء عبر البحر أو برًّا عبر عُمان.
وفي 16 تموز/يوليو، أعلنت “قوات المقاومة الوطنية”، وهو تحالف من الميليشيات المناهضة للحوثيين، أنها ضبطت شحنة أسلحة ضخمة تزن 750 طنا كانت متجهة إلى الجماعة. وتعلّق المجلة بأن هذا إنجاز مهم، لكنه يذكّر أيضا بكمية الأسلحة التي تمرّ دون أن يلاحظها أحد. وطالما امتلك الحوثيون مخزونا من الأسلحة والإرادة لاستخدامها، فإنهم قادرون على الاستمرار في إحداث الفوضى في البحر الأحمر.
– “القدس العربي”: