الصحافه

صحيفة إسرائيلية: بعد قصف هيئة الأركان السورية.. لكاتس: فتحت علينا حساباً دموياً

صحيفة  إسرائيلية: بعد قصف هيئة الأركان السورية.. لكاتس: فتحت علينا حساباً دموياً

بعين مفتوحة وبحماسة لا يمكن إخفاؤها، لكن بدون تفكير عميق ولمدى بعيد، تسير إسرائيل لتغرق في تدخل في حروب طائفية وقبلية عبثية لا نهاية لها في سوريا.

ثمة تغريدة في شبكة “X” فيها شريط مسجل لقصف سلاح الجو الإسرائيلي لمبنى هيئة الأركان السورية، لكن يجدر بوزير الدفاع أن يتذكر بأن مهمته هي بلورة استراتيجية أمنية وليس نشر تغريدات محرجة بالشبكة، إلا إذا كان هدف الخطوات التي يكلف الجيش الإسرائيلي بتنفيذها هي بالفعل التغريدة والإعجابات.

إسرائيل قوة إقليمية عظمى ذات أهمية ومكانة، ولديها قوة عسكرية استعرضتها ضد أعدائها، لكن حتى للقوة العظمى قيود يجب الوعي لها. فهي غير قادرة على تنفيذ كل شيء تريده أو يروق لها، بل عليها أن تفكر بالربح والخسارة وبالأثمان، وأساساً تلك التي للمدى البعيد. كل هذه الاعتبارات لم تفكر بها إسرائيل أو لم تأخذها بالحسبان حين خرجت إلى المغامرة المشكوك فيها في سوريا الأسبوع الماضي.

هذه مغامرة مشكوك فيها لأن أحداً من زعماء الدروز في سوريا لم يطلب معونتنا، وبدلاً من ذلك يعودون ليشددوا انتماءه للدولة السورية ورغبتهم في التوصل إلى تفاهم مع النظام الذي يحكم في الدولة. دروز سوريا لا يريدون دولة مستقلة لهم، ناهيك عن أنه لا يوجد لمثل هذا الكيان قدرة وجود مستقلة على نحو منقطع عن الدولة السورية. كما أنهم يعرفون أفضل منا انعدام جدوى التدخل الإسرائيلي إلى جانبهم الذي لن يؤدي إلى أي تغيير حقيقي في واقع حياتهم، بل سيعرضهم للخطر.

إن كل من تعلم أو يعرف تاريخ المنطقة السورية لمئات السنين الأخيرة، -وهو ما لا يمكن قوله عن أصحاب القرار عندما- يعرف شيئاً ما عن الصراعات والنزاعات الإثنية والقبلية التي تتميز بها هذه المنطقة، والتي لا بداية ولا نهاية لها، وتعود لتأتي على لا شيء في كل بضع سنوات.

 قصر النظر إياه، وأساساً إحساس القوة الذي ليس وراءه أي تفكير، أغرقنا في العام 1982 في حرب ووحل في لبنان، كلفنا ثمناً باهظاً ولم ننجُ منه حتى اليوم.

كان هذا هو الرئيس ترامب الذي غرد في نهاية ولايته السابقة بأن سوريا هي “رمل وموت”، وأن الخطأ الأكبر الذي يمكن للولايات المتحدة ارتكابه هو التدخل في النزاعات القبلية والطائفية. أقوال ترامب مهمة؛ وهو اليوم صاحب القرار نيابة عنا أيضاً.

يمكن لإسرائيل أن تلعب لعبة التظاهر، وكأنها دولة مستقلة. لكن قراراتها تتخذ من ترامب في البيت الأبيض. هكذا أوقفنا من الهجوم على إيران، وهكذا أوقفنا من مواصلة الهجوم على سوريا. كم من المياه تدفقت في نهر الأردن منذ أعلن مناحيم بيغن بأننا لسنا جمهورية موز، تقول آمين بعد كل شيء يقوله الأمريكيون. كان هذا عندما وبخه الرئيس ريغان بسبب قصف المفاعل الذري في حزيران 1981. لكنا أصبحنا اليوم جمهورية موز متعلقة تماماً بإرادة ونزوات رئيس الولايات المتحدة.

لقد تبنى ترامب أحمد الشرع، ويرى فيه شريكاً وحليفاً جديراً. هو مستعد أن يتجاهل ماضي الرجل وحقيقة أن رؤياه دولة إسلامية، مثل السعودية أو الإمارات التي تكون فيها الأقليات غير مرغوب فيها.

الشرع من جهته مستعد للتحدث معنا، وفي الحديث معه، وبإسناد أمريكي، كان يمكن أن نضمن ليس فقط مصالح إسرائيل، بل أيضاً مصالح أبناء الطائفة الدرزية في سوريا.

لكن بدلاً من هذا، استخدمت إسرائيل القوة مكان العقل، وعندما يترسب الغبار يتبين أننا لم نغير ميزان القوى ووضع الأمور في هذه الدولة، لكننا فتحنا جبهة وحساباً دموياً زائداً سيجبي منا لاحقاً ثمناً باهظاً.

إيال زيسر

 إسرائيل اليوم 20/7/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب