ثقافة وفنونمقالات
عندما يموت الضمير جوعًا في غزة ….. بقلم الاستاذ عبدالله المنشاوي
بقلم الاستاذ عبدالله المنشاوي

عندما يموت الضمير جوعًا في غزة …..
بقلم الاستاذ عبدالله المنشاوي
في غزة، لا تموت الأرواح فقط تحت الركام، بل يموت الضمير الإنساني جوعًا، عطشًا، خجلًا.
يموت كل يوم أمام أعين العالم، بصمتٍ مخيف، وكأن دماء الأطفال ليست حمراء بما يكفي لتوقظ النائمين في عواصم الإنسانية المترفة.
في غزة، حيث ينام الطفل على صوت القصف، ويستيقظ على أنقاض بيته، لا يزال يحلم، يلعب، يحب.
أطفال غزة كأطفال العالم…
أطفال غزة ليسوا أرقامًا في نشرات الأخبار، ولا ظلالًا على حواف الشاشات…
إنهم شموس صغيرة، تحاول أن تشرق رغم الغيم والدخان،
زهورٌ نبتت في أرضٍ مفخخة، تبتسم رغم أنف الموت،
يحلمون مثل غيرهم…
بلعبةٍ بسيطة…
بدرّاجة لا تعرج من قذيفة…
بكرسيّ مدرسةٍ لا تفقده غارة…
بأمٍّ لا تُدفن وهم بعد لم ينادوا: “ماما” بما يكفي.
يحبّون آباءهم، يرسمونهم على الجدران حين تغيبهم الحرب،
ينامون على حكايات الحنين، ويوقظهم وجع الوطن،
يركضون خلف الطائرات الورقية… بينما السماء تمطر نارًا.
أطفال غزة… لا يريدون أكثر من الحياة،
لكن العالم يبخل حتى بالإنصات لضحكاتهم،
يضغط على الريموت… فيختفي المشهد،
أما هم… فلا يملكون “زرًّا” يوقف الحرب!
الضمير، ذلك الكائن الغامض الذي يفترض أن يوقظ العالم عند رؤية طفلٍ جائع، أو أمٍ تصرخ تحت الركام بحثًا عن رضيعها، مات في غزة… أو ربما هرب خجلاً من هول ما يرى.
المنظمات تتحدث عن “قلق”، والزعماء يتبادلون البيانات، لكن الطفل في غزة لا يفهم “البيانات” ولا “المواقف”، هو فقط يريد أن يعيش، أن ينجو، أن يلعب مثل باقي أطفال الأرض.
أي عار هذا الذي يلاحقنا نحن الصامتين؟
أي جريمة أن ترى طفلاً يموت ولا تتحرك؟
أي إنسانية تلك التي تُصنّف دماء الأطفال وفق جنسيتهم أو مكان سكنهم؟
في غزة لا يموت الناس فقط، بل يُدفن الأمل حيًّا، وتُغتال الطفولة كل ساعة.
يموت الضمير جوعًا… لأن العالم شبع من الكذب، وتخدير النفس، والمشاهدة من خلف شاشات لا تُصاب بالخدش مهما كان المشهد مفجعًا.
فهل بقي في العالم من يملك قلبًا؟
هل سيولد ضمير جديد… لا يخاف أن يصرخ في وجه القتل، مهما كان القاتل؟
أم سنترك غزة – كما كل مرة – وحدها تمسح دموعها، وتضمّد جراحها، وتدفن أطفالها بيدها؟