رئيسيالافتتاحيه

“إسرائيل الكبرى”… مشروع استيطاني توسعي يهدد دول الجوار تحت عباءة “القدر الإلهي”

“إسرائيل الكبرى”… مشروع استيطاني توسعي يهدد دول الجوار تحت عباءة “القدر الإلهي”

بقلم رئيس التحرير 

 

هل سمعتم بتصريح وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش؟

في مقابلة له عبر قناة أوروبية (RT France أو RT الألمانية)، كشف سموتريتش، أحد أبرز أقطاب اليمين الديني المتطرف في الحكومة الإسرائيلية، وعضو مجلس الوزراء المصغر (الكابينيت)، عن حلمه التوسعي بصريح العبارة:

“أريد دولة يهودية تشمل الأردن وأراضي من مصر ولبنان والسعودية والعراق، وبحسب كبار حكمائنا الدينيين، فإن قدر القدس أن تمتد إلى دمشق.” تصريح لا يحمل فقط تهديدًا مباشرًا وخطيرًا للدول ، بل يُعبّر بوضوح عن إحياء حلم قديم لطالما راود الحركة الصهيونية: مشروع “إسرائيل الكبرى”، الممتد من النيل إلى الفرات.

عقيدة استعمارية مغلفة بالدين

ما طرحه سموتريتش ليس رؤية سياسية مجردة، بل تبرير ديني مقلق، حين استند إلى ما أسماه “كبار حكمائنا الدينيين”. هكذا تتحول الروايات التوراتية المتطرفة إلى خارطة طريق لدولة استعمارية تسعى لتبرير التوسع والضم وانتهاك سيادة الدول عبر تأويلات دينية.

لقد سبق لعدد من الحاخامات المتطرفين أن روجوا لهذا النهج، أبرزهم الحاخام إسحق شابيرا في كتابه “توراة الملك” (2009)، الذي يُجيز قتل غير اليهود، والحاخام دوف ليئور، الذي اعتبر العرب “نجسين روحياً” ويجب تطهير الأرض منهم.

القدس منطلق التوسع… ودمشق “القدر” القادم!

حين يقول سموتريتش إن “قدر القدس أن تمتد إلى دمشق”، فإنه لا يتحدث عن حلم فانتازي، بل عن مشروع توسعي واقعي يتقدم عبر فرض الأمر الواقع وخلق رواية دينية تعتبر أن القدس ليست فقط عاصمة، بل نقطة الانطلاق نحو ضم عواصم ومدن عربية، وتحويل الجغرافيا إلى مشهد طوباوي يكرّس أسطورة “الوعد الإلهي” متجاهلا حقائق التاريخ والجغرافية وتاريخ الدول وحضارتها وعراقتها وأن لا وجود لأي تاريخ أو عراقه لليهود في هذه الدول   

ولا ننسى أن القانون الإسرائيلي للعام 1980، الذي أعلن “القدس الموحدة” عاصمة لإسرائيل، جاء في سياق هذا التوجه، رغم اعتراض مجلس الأمن الدولي واعتباره القانون لاغيًا بموجب القرار 478.

هذا التصريح لا يترك مجالًا للتأويل. فحين يعلن وزير إسرائيلي في حكومة يمينية دينية متطرفة عن حلم يشمل أراضي خمس دول عربية، فإن ذلك يتجاوز التحريض، ليصل إلى التهديد الاستراتيجي والوجودي.

مثل هذه التصريحات تتطلب ردًا رسميًا عربيًا جماعيًا، قانونيًا ودبلوماسيًا، وعدم الاكتفاء بالإدانة اللفظية. فالتاريخ القريب يُذكرنا أن ما بدأ بخطاب ديني تطرفي، سرعان ما تُرجم إلى قرارات احتلال، واستيطان، وتشريد شعب بأكمله.

خرافة تبرر الفناء

منذ متى في التاريخ أُقيم كيان استيطاني على أنقاض شعب، ثم بدأ يحلم بالتمدد نحو شعوب أخرى؟

أي دولة هذه التي تحتاج إلى “رواية دينية” وخرافة لتبرير وجودها، وتحتاج إلى فناء الآخرين لكي تشعر بأنها موجودة؟ ؟؟؟ إن إسرائيل، وفق هذا المنظور، ليست مشروع دولة طبيعية نشأت من سياق حضاري، بل كيان قائم على نفي الآخر، وتحويل النصوص الدينية إلى أدوات تبرر العدوان.

ونختم بالقول لا بد من اليقظة والرد على تصريحات سومتيرش

إن مشروع “إسرائيل الكبرى” ليس مجرد أمنية متطرفة في ذهن وزير مهووس بالأساطير، بل هو خطاب سياسي منسجم مع فكر تيار كامل داخل المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة.

ولا بد من أن يكون الرد العربي في مستوى التهديد، بالتحرك القانوني الدولي، وبلورة رؤية إستراتيجية تحصّن الجبهة الداخلية في الدول المستهدفة، وتدعم القضية الفلسطينية كجدار أول في مواجهة هذا الحلم الاستعماري الذي يريد أن يلتهم المنطقة بأكملها.

هوامش ومراجع مختارة:

  1. الحاخام إسحق شابيرا، توراة الملك، مستوطنات يتسهار، 2009.
  2. الحاخام دوف ليئور، سلسلة خطب منشورة على موقع “يشع نيوز”، 2012.
  3. قرار مجلس الأمن رقم 478 (1980) بشأن القدس.
  4. مناحيم بيغن، خطاب أمام الكنيست الإسرائيلي، 1977: “نحن لسنا غزاة، بل عائدون إلى أرضنا التي وعدنا الله بها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب