ثقافة وفنون

قيامةٌ من رماد

قيامةٌ من رماد

القس د. نديم نصار

خطوة بخطوة، أمشي بكلمتي بين الجثث، لا لأبكيها، بل لأقيمها.
أنا شهيدُ الكلمة التي تموت ألف مرة قبل أن تُولد
وصرخةُ قلبٍ تآمر عليه الصمتُ والمذبح والمحراب
تصحرتُ يا سوريتي..
كلما حاولتُ النطق، ماتت كل اللغات بين شفتي
وتناثرَ الحرفُ كالعظام في مقبرةٍ نسيتْ دروب السماء
أيها الإلهُ الذي يقف شاهداً على مجازرنا
أين أنت من طفولةٍ تاهتْ بين أنقاض المعابد والذقون
ومن صلاةٍ صارتْ طلقاً في فم الكراهية؟
أشهدُ أني تبعثرتُ
لا في الريح، بل فوق دمار إنسانيتي
التي اغتالها دينٌ أسود كليل سرمدي
يصلي للرصاص
ويكفّن الحبَّ بشعارات الطائفة
يا أهلي في سوريا الروح
هل نسينا أن للدماء عروقاً تتشابكُ لا تتقاطع؟
هل تناسينا أن الجثة لا تسأل عن المذهب؟
وأن الأم حين تبكي، لا تُترجم حزنها إلى عقيدة؟
يا أبناء سوريا العظيمة
يا من تسكنكم أرواح من عبروا الجحيم قبلكم
انهضوا من سباتكم الدينيّ الكافر
وامشوا حفاةً على رماد قلوبكم
لكن لا تخافوا
ولا تُدافعوا عنه
فالله يُلبس العريان جلداً نسج من حب وحب
ويغرس في القلوب دماءً ليست منكم، لكنها لكم
افتحوا صدوركم لرياح الإيمان
لا الإيمان الذي يُقسم الناسَ إلى فرقٍ نجت وأخرى هلكت
بل الإيمان الذي يُقيم الضمير من موته
ويُخرجكم أنتم.. أنتم.. من مقابر الانتقام
أنا لا أطلب معجزة
أنا فقط أبحث عن قصيدة
قصيدة للقلب قبل العين
وللآخر قبل الذات

كاتب وقسّ سوري – مدير مؤسسة «وعي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب