ثقافة وفنونمقالات

اغتيال الكلمة في غزة – بقلم الاستاذ عبدالله المنشاوي

بقلم الاستاذ عبدالله المنشاوي

اغتيال الكلمة في غزة –
بقلم الاستاذ عبدالله المنشاوي
حين يصير الحبر دما
أيها القتلة…
ظننتم أن الرصاصة تكفي لقتل الكلمة،
وأن شظاياكم قادرة على تمزيق الحروف،
ونسيتُم أن الحبر إذا اختلط بالدم
يصير بركانًا لا يُطفأ.
في غزة، حيث البحر يئنّ من زحمة الشهداء،
وحيث الحجر يحفظ أسماءهم أكثر من دفاتر التاريخ،
تعلّمنا أن الاحتلال لا يطعن الجسد وحسب،
بل يغرز خنجره في حنجرة الحقيقة،
ويطارد الصوت حتى ينكسر النفس الأخير.
هناك، بين اللهب والدخان،
يحمل الصحفيون الكاميرا كما يحمل المقاتل سلاحه،
ويطلقون اللقطة كما تُطلق الطلقة،
فتصير الصورة برقًا يفضح العتمة.
قتلوا الشهود كي يقتلوا الجريمة،
لكنهم نسوا أن كل قطرة دم
هي عدسة جديدة تفتح جفنها في مكان آخر،
وأن الكلمة التي حاولوا خنقها
ستولد في ألف فم وألف قلب.
يا كل من حمل الكاميرا في غزة،
اعلموا أنكم لستم توثقون الحرب فقط،
بل تكتبون ملحمة الوجود،
وتزرعون في الذاكرة ما لا يمحوه النسيان.
أيها القتلة…
اغتالوا ما شئتم من الجسد،
فالجسد فانٍ…
أما الكلمة، فستبقى تسكن الريح،
وتعبر البحر،
وتطرق أبواب الضمير البشري حتى يستيقظ.
في غزة… الكلمة ليست ضحية،
بل مقاتلة،
تمشي حافيةً على الركام،
وتضحك في وجه الدبابة،
وتقول للغاصب:
“لن تموت الحقيقة… حتى لو مت .
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب