ثقافة وفنون

جوائز المهرجان القومي للمسرح المصري الـ(18) .. ما بين الاحتفاء والجدل المعهود

جوائز المهرجان القومي للمسرح المصري الـ(18) .. ما بين الاحتفاء والجدل المعهود

محمد عبد الرحيم

كاتب مصري

القاهرة ـ مع ختام المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الثامنة عشرة، التي امتدت خلال الفترة من 20 يوليو/تموز وحتى 6 أغسطس/آب الجاري، تم إعلان وتوزيع الجوائز، حيث فاز العرض المسرحي «جسم وأسنان وشعر مستعار» بجائزتي أفضل عرض وأفضل إخراج لمازن الغرباوي. وجاء عرض (كارمن) في المركز الثاني للمخرج ناصر عبد المنعم. كما جاءت الجوائز الأخرى كالتالي .. ممثلة الدور الأول لريم أحمد عن مسرحية (كارمن)، ودور ثان لآلاء علي، عن عرض (الإخوة كارامازوف). ممثل الدور الأول محمد ناصر عن عرض (العشاء الأخير). محمود جمال الحديني جائزة التأليف عن عرض (يمين في أول شمال). عن عرض (جرارين السواقي)، والمأخوذ عن رواية (الحرافيش) لنجيب محفوظ، فاز بجائزة الدراماتورج محمد عادل النجار. أفضل أشعار لأحمد زيدان عن عرض (ثرثرة)، والمأخوذ أيضاً عن رواية محفوظ (ثرثرة فوق النيل). الإضاءة لمحمود الحسيني عن عرض (محاكمة آرثر ميلر)، والأداء الحركي والاستعراضات سالي أحمد عن عرض (كارمن). وفي ما يلي استعراض سريع لبعض العروض الفائزة ..

كارمن

عن رواية بروسبير ميريميه، وأوبرا كارمن الشهيرة لجورج بيزيه، قدّم المخرج ناصر عبد المنعم العرض المسرحي (كارمن)، الذي أعدّه الكاتب محمد علي إبراهيم. التزم العرض بأساس وتكنيك حكاية كارمن، دون أي محاولة لتجاوز النص الأصلي، أو تقديم رؤية جديدة. وبما أن العرض راقص بالأساس، فقد اعتمد على أداء ريم أحمد، التي نالت جائزة ممثلة الدور الأول، كذلك مصممة رقصات العرض سالي أحمد. أما أن يحصل العرض على المركز الثاني كأفضل عرض، فهو أمر غير مُقنع تماماً، خاصة أنه لم يأت بجديد. مشكلة كارمن تكمن في العمل المسرحي الذي قدّمه محمد صبحي وسيمون، وحتى الآن لم تأت مقارنة إلا في صالحه، وقد قدّم من خلاله رؤية متجاوزة لحكاية المسرحية المعهودة، ويعود الفضل إلى الإعداد المسرحي، الذي قام به الكاتب الراحل يسري خميس، الذي نقل تكنيك السرد السينمائي، من حيث تداخل الواقع مع الحكاية المعروضة على المسرح، وقد تأثر كثيراً بفيلم (كارمن) لكارلوس ساورا.

نجيب محفوظ

العديد من العروض المسرحية على امتداد تاريخ المسرح المصري استمد موضوعه من أعمال نجيب محفوظ الروائية، واللافت أن هذه الأعمال لم تنضب بعد، فقد جاء في دورة هذا العام عملان لمحفوظ تم تناولهما ومعالجتهما مسرحياً، أولهما بعنوان (ثرثرة) عن رواية ثرثرة فوق النيل، والآخر (جرارين السواقي) عن الحرافيش. جاء العمل الأول في شكل موسيقي وغنائي، حيث تغني الشخصيات حكايتها وظروفها، وما أدى بها إلى هذه الحالة من التغييب المقصود، نظراً لما يحيط بها من أحداث، مع ملاحظة أن هذه الرواية كتبها محفوظ عام 1966. العرض إعداد وأشعار أحمد زيدان وإخراج حسام التوني. أما العرض الآخر فمن إعداد محمد عادل النجار وإخراج زياد كمال، الذي حاول استعراض مفهوم القوة وضحاياها، وما الاسم إلا الجموع المُغيّبة العمياء بإرادتها، والتي لا تنشغل إلا بالساقية التي تدور، ظناً منهم أنهم يسعون ويحققون بعض مكاسب الحياة. ومن خلال العرضين وموضوعهما، وهذا التوقيت لاختيارهما مسرحياً، ربما لا يمكن النظر إليهما فقط من خلال أنهما تجربة فنية جمالية، دون نسيان السياق السياسي والاجتماعي الراهن.

أرثر ميلر

وضمن السياق نفسه يأتي عرض (محاكمة السيد أرثر ميلر)، الذي أعدّه درامياً وأخرجه يوسف المنصور، ويتناول لجنة مكارثي في خمسينيات القرن الفائت، التي طاردت المفكرين والمثقفين الأمريكيين بتهمة الشيوعية، والتي كان ميلر أحد ضحاياها.

جسم وأسنان وشعر مستعار

ونختتم بالعرض الفائز بجائزة أفضل عرض ومخرج، وربما جاء اختياره لمجرد أنه ينتصر للمرأة ويقترب من مشكلاتها وحياتها، من خلال حكاية أربع نساء تتصاعد شكواهن مما يعشنه ويحاولن التحايل طوال حياتهن على اختلافها من امرأة لأخرى، أو أن كلا منهن تمثل حالة أو مرحلة من حياة واحدة طويلة، فهناك حالة من الانفصام يعشنها حتى يتآلفن مع مجتمع يريد صياغتهن حسب رؤيته، حتى يسمح لهن بالعيش في سلام.
وفي الأخير نجد كالعادة أن الجوائز لم ترض الجميع، وأن هناك من العروض ما يستحق جائزة ما، وآخر لا يستحق ما حصل عليه من جائزة أو أكثر. ربما يتضح الأمر أكثر عند تناول بعض من هذه العروض بشكل تفصيلي لاحقاً.

 

 

«القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب