الحلبوسي والسامرائي… صراع محتدم لكسب أصوات المكون: الانتخابات التشريعية تعمّق التوتر بين قطبي السنة في العراق

الحلبوسي والسامرائي… صراع محتدم لكسب أصوات المكون: الانتخابات التشريعية تعمّق التوتر بين قطبي السنة في العراق
مشرق ريسان
تقدم السامرائي بطلب رسمي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، يحث فيه على استبعاد رئيس حزب «تقدم» محمد الحلبوسي من خوض الانتخابات النيابية المقبلة على خلفية دعوى قضائية سابقة بتهمة التزوير.
بغداد ـ بدأ الصراع السياسي يشتدّ بين قطبي السنّة في العراق محمد الحلبوسي زعيم حزب «تقدّم»، ومثنى السامرائي، رئيس تحالف «عزم»، مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات التشريعية المقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، عندما أقدم الأخير على المطالبة باستبعاد الحلبوسي- رئيس البرلمان السابق، من المشاركة في السابق الانتخابي، على خلفية دعوى قضائية سابقة بتهمة التزوير.
القصة بدأت عندما تقدم السامرائي بطلب رسمي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، يحث فيه على استبعاد رئيس حزب «تقدم» محمد الحلبوسي من خوض الانتخابات النيابية المقبلة.
السامرائي ذكر في نصّ «الشكوى» المُتداولة، أنه «وبحكم المادة السابعة من قانون الانتخابات لا يمكن لأي شخص أن يرشح للحصول على مقعد نيابي وعليه قرار قضائي صادر من المحكمة الاتحادية».
وأضافت الوثيقة أنه «على المرشح أن يكون حسن السيرة والسلوك وغير محكوم عليه بجناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الفساد المالي سواء كان مشمولاً بالعفو عنها من عدمه، وهو شرط جوهري لضمان أهلية من يتصدى لتمثيل الشعب في أعلى سلطة تشريعية في الدولة».
وأشار إلى أنه «قد صدر منها الحكم المرقم (107/ اتحادية /2023) في 14/6/2023 القاضي بإلغاء عضوية السيد محمد ركان جديد الجبوري من مجلس النواب، بعد أن ثبت لديها وفقًا لما ورد في حيثيات القرار قيامه باستغلال المنصب والملاحظات لتحقيق مصالح شخصية وفئوية على حساب المصلحة العامة، ومخالفة أحكام الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، بما يشكل إخلالاً بشروط الأمانة والنزاهة العامة، وهو ما أقرته المحكمة الاتحادية العليا بالإضرار بالثقة العامة وبالمنظومة التشريعية، وهو ما يتنافى مع الالتزامات الدستورية المترتبة على النائب».
وأكدت الوثيقة أن «منصب عضو مجلس النواب، ولا سيما من يتولى رئاسته يمثل موقعًا سياديًا كبيرًا، يقوم جوهره على الالتزام بأحكام الدستور وصون المصلحة العامة عن أي خلل، فإن فقدان الالتزام بأحد شروط الأمانة والنزاهة العامة قد ثبت من خلال المحكمة الاتحادية العليا صاحبة القول الفصل في تفسير الدستور».
واعتبر أن «هذه الأفعال وإن لم تسمها المحكمة نصاً بجنحة الإدانة، إلا أنها تمثل في مضمونها إخلالاً جسيماً بالقسم الدستوري المنصوص عليه بالمادة (50) من الدستور العراقي، الذي يفرض على النائب رعاية مصالح الشعب وأداء المهام بأمانة وحياد، وإن جميع قرارات المحكمة الاتحادية عملاً بالمادة (94) من الدستور المحكمة باتة وملزمة لكافة السلطات، وإن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات هي واحدة من السلطات الاتحادية المنصوص عليها في المادة (102) من الدستور».
ولفت السامرائي، إلى أن «مخالفة أحكام الدستور، وإن لم تكيف كجريمة جزائية تستوجب تطبيق جزاء دستوري، فإنه يتمثل في فقدان المنصب أو الحرمان من الترشيح كحماية للمنظومة الدستورية ومصلحة لاحترامها كتعويض لنقص الجزاء الدستوري وجزاء واضح للخائن باليمين الدستوري».
كما بينت الوثيقة أن «قرار المحكمة الاتحادية العليا لم يتم الطعن به ولم يستحصل حكم محكمة التمييز الاتحادية المؤثر على علويتها القانونية سواء بإلغائه أو إلغاء أثره كما حصل في قرارات أخرى».
وعلى إثر ذلك يرى السامرائي أن «القرار بات ملزما وواجب الإتباع، لذلك وبناءً على ما تقدم التمس من مجلسكم الموقر استبعاد السيد محمد ريكان جديد الجبوري من الترشيح للانتخابات النيابية المقبلة، استناداً إلى المادة (8/ ثالثا) من قانون الانتخابات وقرار المحكمة الاتحادية العليا المشار إليه، صوناً لهيبة الدستور وتعزيزاً لثقة الشعب بالعملية الانتخابية».
وأكد أنه «ترسيخاً لمبدأ أن من خان الدستور لا يؤتمن على قسم جديد أو منصب عام، حيث أن إعادة ترشيحه من فقد أهليته الدستورية لا يشكل فقط مخالفة للقانون بل يهدر مبدأ الثقة في العملية الانتخابية ويقوض هيئة المنصب التشريعي الأرفع في البلاد، وهو منصب يمثل واجهة الدولة ويعكس التزامها أمام مواطنيها وأمام العالم باحترام الدستور وسيادة القانون، ومن غير المقبول قانوناً ولا منطقاً أن يعاد ترشيح شخص سبق أن أقصي من موقعه النيابي بقرار صادر عن المحكمة الاتحادية العليا لثبوت أن لديها مخالفة صريحة لأحكام الدستور».
وفي نهاية نيسان/أبريل الماضي، برّأ القضاء العراقي رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي من تهمة «التزوير» التي أُقيل على إثرها من منصبه عام 2023.
حينها، أورد المكتب الإعلامي للحلبوسي في بيان صحافي أن «القضاء العراقي يبرِّئ رئيس حزب (تقدّم) محمد الحلبوسي من التهم الموجهة إليه سابقا»، مبيناً أن «المحاكم المختصة أصدرت قراراتها بردّ الشكاوى وإلغاء التهم وغلق التحقيق، وتمت مصادقة هذه القرارات من محكمة التمييز الاتحادية واكتسبت الدرجة القطعية».
وتعليقاً على موقف السامرائي من غريمه الحلبوسي، يؤكد الخبير القانوني أمير الدعمي، أن الشكوى المقدمة أمام المفوضية ضد رئيس حزب «تقدم» تفتقد «للسند القانوني»، معتبراً إياها «شو إعلامي لا أكثر».
وقال الدعمي في «تدوينة» له، إن «قرار المحكمة الاتحادية بإسقاط عضوية محمد الحلبوسي غير دستوري ويتجاوز الصلاحيات المحددة بالمادة 93 من الدستور».
وأوضح، أن «القرار استند إلى اتهامات بالتزوير والتحريف حسمت قضائيًا بالتمييز لصالح الحلبوسي ما يجعله بحكم العدم»، معتبرًا الشكوى المقدمة أمام المفوضية «بلا سند قانوني وشو إعلام لا أكثر».
وسرعان ما انتقل الخلاف بين السامرائي والحلبوسي إلى أعضاء الحزبين، إذ أفاد عضو تحالف «السيادة» عبد الستار الدليمي، بأن شكوى رئيس تحالف «عزم» مثنى السامرائي إلى القضاء والمفوضية العليا للانتخابات لاستبعاد رئيس تحالف «تقدم» محمد الحلبوسي، أشعلت الخلافات بين القوى السنية، وفتحت الباب أمام مزيد من الانقسامات مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية.
وأوضح الدليمي في تصريحات لمواقع إخبارية محلية، أن «الأزمة ترافقت مع تهديدات متبادلة بين الطرفين بكشف المستور أمام القضاء، فيما لوّح مناصرو الحلبوسي بمنع السامرائي من دخول الأنبار، في حين دعا شيوخ ووجهاء الرمادي إلى دعم السامرائي في حال تعرضه لأي مضايقات».
وأضاف أن «الخلاف بين الشخصيتين، اللتين تملكان المال والنفوذ، ينذر بزلزال سياسي داخل التحالفات السنية قد يؤدي إلى تفككها»، مشيراً إلى أن «هذه المواجهة قد تنهي الدور السياسي للحلبوسي بعد فشل محاولاته في الحفاظ على موقعه كقائد بارز للمكون السني».
في حين، أكدت كتلة «تقدم» في مجلس محافظة بغداد، أن الدعوى المقدمة من قبل السامرائي ضد زعيم حزب «تقدم»، محاولة للتأثير على عدد مقاعد المكوّن السني في العاصمة بغداد.
وجاء في نص بيان الكتلة، الصادر عن رئيسها علي ثامر السرهيد: «يا أبناء بغداد الكرام.. نخاطبكم اليوم بصدق ومسؤولية تجاه أمانة تمثيلكم وصوتكم الانتخابي، بعد أن أقدم رئيس تحالف عزم المدعو مثنى عبد الصمد على رفع دعوى ضد الرئيس محمد الحلبوسي، في محاولة للتأثير على عدد مقاعد المكوّن السني في العاصمة، وبأسلوب يهز ثقة أهل بغداد بالعملية الانتخابية ونزاهتها».
وأضاف البيان: «أننا نعتبر هذا التصرف إساءة مباشرة لأبناء بغداد ومحاولة لحرمانهم من حقهم العادل في التمثيل، ولذلك ندعوكم جميعًا إلى مقاطعة هذا التحالف وكتلته اجتماعيًا وانتخابيا، وعدم منحهم الفرصة للمساس بحقوقكم أو النيل من إرادتكم».
كما دعا البيان مرشحي تحالف السامرائي الذي قال إنه «يسعى لخلق الفتن وتمزيق وحدة الصف»، إلى «الانسحاب الفوري من السباق الانتخابي، احترامًا لإرادة أبناء بغداد، وتغليبًا للمصلحة العامة على المصالح الضيقة».
ووفق البيان فإن «بغداد لن تكون ساحة لتصفية الحسابات السياسية على حساب صوت أهلها. كونوا على العهد، وموحدين في الدفاع عن بغداد وكرامتها».
«القدس العربي»: