ثقافة وفنون

«شلّة دبي» لم تسمع بغزة

«شلّة دبي» لم تسمع بغزة

تحت شعار «معاً لإنقاذ الأجيال القادمة» انطلقت أخيراً «حملة مقاطعة المشاهير» وخصوصاً ما يسمّى «شلة دبي» لكون غالبيتهم يعيشون في دبي.

يارا عبود

تحت شعار «معاً لإنقاذ الأجيال القادمة» انطلقت أخيراً «حملة مقاطعة المشاهير» وخصوصاً ما يسمّى «شلة دبي» لكون غالبيتهم يعيشون في دبي.

وُصف محتوى هؤلاء بالسطحي وبـ «تسويق التفاهة» التي تعدّ التهمة الأشهر التي يُرمى بها المشاهير على طريقة «تحديد الكل» من دون اعتبار لمسألة تنوع المحتوى والتأثير، ما يؤدي إلى إظهار الناقد بصورة الحاقد، ويفرغ النقد من معناه.

لكن هذا ما رفضه المتابعون الذين شاركوا في الحملة، إذ أصرّوا على التأكيد بأنّ الهدف هو إلغاء متابعة هؤلاء على جميع صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وليس التنمر أو السخرية.

ويرى المدافعون عن الحملة أنّ ما تقدمه «شلّة دبي» يفتقد إلى الحقيقة والواقعية ويزرع في نفوس المراهقين والشباب حالة من عدم الاستقرار بسبب محتوى «البذخ الفاحش» و«التصنّع المفرط» بحسب المشاركين في الحملة.

ونشر بعض المتابعين قائمةً بالمشاهير الأكثر متابعةً حول العالم، وحساباتهم عبر إنستغرام وتيك توك بهدف وقف متابعاتهم. وأوصى الناشطون الذين حرصوا على نجاح الحملة بالتوجه إلى محركات غوغل، والبحث عن المشاهير الأكثر متابعةً؛ لأن ويكيبيديا تملك قائمة وفقاً للإعلانات، لوقف المتابعة بشكل أسهل.

الثورة الرقمية: الحجب كشكل من أشكال الاحتجاج

في الماضي، كان يستخدم «الحظر» أو «إلغاء المتابعة» كنوع من تجنّب المضايقات أو عدم الاهتمام بما يقدَّم. لكنه اليوم أصبح أداةً للتعبير الإجتماعي. بالنسبة إلى كثيرين، لا يقتصر دور المشاهير على الترفيه فقط، بل يجب أن يستخدموا نفوذهم عند الحاجة.

علّق أحد المشاركين في الحملة: «لا تكن عبداً للمحتوى الفارغ»

بمعنى آخر، رأى المتابعون أنّ المشاهير العرب الذين دعموهم وأسهموا في شهرتهم، غابوا عن القضية الأهم في الوجدان العربي، أي فلسطين. إذ ما يزال القتل والتجويع مستمرين في غزة منذ أكثر من عام ونصف عام، ولم يرَ الناس أي دعم حقيقي من هؤلاء.

من قضية شخصية إلى تضامن مع غزة

مع الوقت، لم تعد الحملة مرتبطة بفكرة إلغاء متابعة «شلة دبي» فقط، بل انتشرت فيديوهات كثيرة على تيك توك ويوتيوب وإنستغرام ربطت بشكل مباشر بين مقاطعة «شلة دبي» وبين التضامن مع غزة وفلسطين، مستخدمةً وسوماً مثل «تضامناً مع فلسطين» و«أنقذوا ما تبقى من غزة».

هذا التحول منح الحملة زخماً جديداً، وحوّلها من جدل عابر حول «تفاهة المشاهير» إلى بيان جماهيري أخلاقي ضد أي نجم أو مؤثر خصوصاً عربي، يختار الرفاهية والصمت في زمن الأزمات والقضايا الإنسانية، ويتضامن مع قضايا لا تمسّ بـ «الماركات» والمردود المادي العائد إليه، بينما يتجاهل قضية محقّة مثل قضية فلسطين وما يحصل بأهالي قطاع غزة. فهم صمتوا عن حرب غزة وهي لا تزال تحترق، وهم اختاروا نشر التفاهة رغم أنهم يمتلكون القدرة على التأثير والدفاع عن صوت الحق بوجه الظالم والوقوف مع شعب بأكمله يُباد أمام مرأى العالم.

تدمير الأجيال

«لا تكن عبداً للمحتوى الفارغ» هكذا علّق أحد المشاركين في الحملة، مركزاً على دور الرأي العام في الحد مما يروج له هؤلاء المؤثرون من سطحية وحياة ترتكز على الاستهلاك والمظاهر.

تلك الفئة المنفصلة عن الواقع تتجاهل أنّ غالبية المتابعين هم من فئة المراهقين والأطفال. نجد هؤلاء المراهقين اليوم ينجرّون بشكل أعمى وراء التريند الذي يخلقه «المؤثرون». ونظراً إلى حساسية المرحلة لدى المراهق، يصبح مهووساً بمعايير غير واقعية، وينصبّ تركيزه على البحث عن حياة من الرفاهية مثل المؤثر الذي يتابعه، ما يجعله غير راضٍ عن واقعه وحياته.

تضيء هذه الحملة على قوة وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تسلّط الضوء على دور المتابعين الحيوي في تعديل مسارات المؤثرين، خصوصاً بعدما بات المحتوى بعيداً كل البعد من الواقع العربي الحقيقي حيث يُباد أهالي غزة عبر التجويع والحرمان والقتل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب