حالة ترقب وتشويش بعد رد حماس: لماذا يرفض نتنياهو ما سبق أن وافق عليه؟

حالة ترقب وتشويش بعد رد حماس: لماذا يرفض نتنياهو ما سبق أن وافق عليه؟
سيما كدمون
أنا مشوشة. لا أجد يدي وقدمي بين كثرة المعلومات، لا أتمكن من تحسس طريقي في متاهة كبرى للمصالح التي أمامي. أقرأ الأنباء، أستمع إلى التحليلات، ولا أنجح في الجسر بين الأمر ونقيضه، بين نبأ ما وذاك الذي حل محله، بين من يريدون أن نفهم ومن اعتقدوا أننا فهمنا.
أو بشكل ملموس أكثر: بين احتلال وصفقة، بين يأس وأمل، بين صفقة جزئية وصفقة كاملة، بين سياسة ثابتة وسياسة متذبذبة، بين حماس “معززة” وحماس “مضغوطة”، بين هذه التي استجابت لاقتراح الوزراء وبين الموافقة على “تعديلات طفيفة”. وإذا ما أخذنا الأمر بشكل شخصي أكثر: بين يريف “مغير الأقفال” الذي يغلق الباب في وجه المستشارة القانونية للحكومة ويرفض مصافحة رئيس المحكمة العليا، وبين لفين “المصدوم” من سلوك النائبة غوتليف التي وصفت أمس رجل حراسة المحكمة “بهيمة”، والحراس “يودنرات”.
ينبغي للمرء أن يقرأ عناوين الصحف في اليومين الأخيرين، اليوم التالي للاحتجاج الأكبر الذي اتهم فيه نتنياهو المتظاهرين أنهم مؤيدون لحماس، وأن الاحتجاجات ضامنة لتكرار فظائع 7 أكتوبر. وكيف لوزراء الحكومة، الذين تهجموا على مئات الآلاف الذين خرجوا إلى الشوارع، واتهموهم بأنهم يخدمون حماس ويعززونها ويشجعون رفض الخدمة.
كم من الشر يحتاج المرء كي يقول لمئات آلاف المواطنين، ممن لكثيرين منهم بنات وبنون يقاتلون في غزة، إنه يتعين عليهم أن يقاتلوا في حرب لا نهاية لها. كم من انعدام الخجل يحتاج المرء كي يتوجه إلى عائلات المخطوفين ويتهمهم بإحباط الصفقة. كم من التهكم يحتاج المرء كي يجعل نتنياهو بعد سنتين من الكارثة الأكبر للشعب اليهودي منذ المحرقة ألا يتحمل المسؤولية عن الكارثة، بل يعنى بإلقاء الذنب على المتظاهرين.
امتلأت الصفحات الأولى بنبأ يشهد على عكس الأمور: فقد ادعت التقارير بأن حماس تريد صفقة، وأنها استجابت للاقتراح المطروح عليها. ونتنياهو، الذي ادعى قبل يوم بأن حماس معززة بسبب المظاهرات، يدعي الآن بأن “حماس في ضغط ذري” – هذا ما قاله بعد زيارة لفرقة غزة مع وزير دفاعه الهجومي، الرجل الذي قال عن نفسه إنه شارك “مشاركة مركزية في بلورة أهداف وقدرات الجيش قبيل الهجوم في إيران”، وبضع كلمات أخرى مثل “وجهت”، “قدت”، “عرضت”، “بلورت”، “نفذت”.
إذن من نصدق، يد نتنياهو اليمنى أم اليسرى؟ يده المحتلة أم تلك التي تجري مفاوضات. تفيد التجربة بأن نتنياهو لا يقصد ما يقوله، ولا يقول ما يقصده. لاجتياز خطاباته، ينبغي عزل الأكاذيب وإسكات الحقائق، والتلاعب، من أجل مصالحه. الأمر الوحيد الذي قد يرشدنا، نحن المشوشين، هو أنه لا يمكن الثقة بما يقال نيابة عنه أو عن مقربيه. خسارة أيضاً محاولة تحليل الألغاز. ربما نعرف إلى أي أذن قيل هذا، وأي مصلحة استهدف خدمتها. ولعل هذا ما يريده نتنياهو. الوصول إلى وضع لا يهم ما يحصل فيه، ويمكنه أن يقول دوماً “انتصرت”. إذا حدثت صفقة أثنيتهم بتهديداتي. وإذا لم تحدث لم أستسلم لنزعة اليساريين الانهزامية.
في واقع طبيعي، كان رئيس الوزراء يقول نواياه: في واقع طبيعي كنا سنصدقه. لكن في الواقع الذي يسود في هذه الأيام لا يمكن تصديق أي شيء. يدعي اليمين بأن سبب وجود موافقة من جانب حماس هو الخوف من احتلال غزة. إن التهديد بالاحتلال هو الذي جعل حماس تلين. هل احتلال غزة يشكل ضغطاً على حماس للموافقة على المفاوضات، أم أن هذا ما يريده نتنياهو كي يحفظ حكومة سموتريتش – بن غفير؟
ربما تصرفت حماس هذه المرة بحكمة ولم تعد إلى الوسطاء بعشرات التعديلات. وهكذا تجبر نتنياهو على أن يجتهد للإقناع، لماذا لا يقبل الاقتراح الذي استجابت له حماس؟
في الأجواء إحساس بأن شيئاً ما يحصل. إن أموراً تجري الآن من خلف ظهرنا. لعلنا قريبون من صفقة أكثر مما نؤمن.
لحظة، صفقة أم نصف صفقة؟
يديعوت أحرونوت 20/8/2025