الصحافه

صحيفة عبرية: الكذبة الكبرى التي ستفجر الشارع الإسرائيلي: “سياستنا ثابتة لا تتغير”

صحيفة عبرية: الكذبة الكبرى التي ستفجر الشارع الإسرائيلي: “سياستنا ثابتة لا تتغير”

يوآف ليمور

  صحيح أن بيان “المصدر السياسي” الكبير مكتوب بعلامات تعجب، لكنه مليء بعلامات الاستفهام، ويترك مجال مرونة غير صغير لنتنياهو الذي يناور بين تعهدات وضغوط متضاربة.

يبدأ البيان بكلمات “السياسة الإسرائيلية ثابتة ولم تتغير”. كان يمكن لهذا أن يكون مضحكاً لو لم يتعلق بحياة الإنسان – مخطوفين وجنود، لأن السياسة الإسرائيلية ليست ثابتة. قبل ثلاثة أسابيع، عملت إسرائيل على الاتفاق الجزئي المعروض عليها الآن، قبل أن يغير نتنياهو رأيه ويعلن عن رغبته في اتفاق شامل. وهذا مثال واحد من أمثلة كثيرة على التذبذب في السياسة الإسرائيلية.

الجملة الثانية في البيان تقضي بأن إسرائيل “تطالب بتحرير كل المخطوفين الخمسين، وفقاً للمبادئ التي قررها الكابنت لإنهاء الحرب”. هذه المبادئ واسعة جداً، وتتضمن بنوداً مثل “نزع سلاح حماس وتجريد القطاع”، وكفيلة بأن تتواصل إلى الأبد ودون أي اتفاق حولها. ولا يملك المخطوفون وقتاً لانتظار تحقق هذه الأهداف، ناهيك عن أنه لم يبدأ بعد الانشغال بمن سيحكم القطاع في المستقبل.

الجملة الثالثة في البيان تلمح بأن نتنياهو يعتقد أن للإسرائيليين مشكلة عسيرة في الذاكرة. “نحن في مرحلة الحسم النهائي لحماس، ولن نبقي أي مخطوف في الخلف”. من الصعب أن نحصي المرات التي وعد فيها نتنياهو أننا قريبون/على شفا/على مسافة لمسة عن النصر/ الحسم. هذا لم يحصل بالترهات منذئذ، ولن يحصل بإصدار بيان الآن. حماس حسمت عسكرياً منذ زمن بعيد، ما تبقى هو حجمها سياسياً، الأمر الذي يتفاداه نتنياهو بثبات لأسباب ائتلافية.

في القراءة الأولى، يستوجب ظاهراً القول إن هذا البيان يرفض اقتراح الوسطاء لأنه يقرر إما كل شيء أو لا شيء: إما تحرير كل المخطوفين معاً مع تجريد القطاع وإقامة حكم بديل فيه أو حرب حتى النهاية. غير أنه في قراءة أخرى، نلاحظ وجود مجال مناورة فيه. فهو لا يربط كل الأمور بجملة واحدة، بل يقضي بأن عليها أن تنفذ جميعاً. كما أنه لا يشترط إعادة كل المخطوفين في دفعة واحدة، بل يوضح أن في نية إسرائيل إعادتهم إلى الديار جميعاً. كيف ومتى سيحصل هذا – هذا منوط بالتحليلات والمفاوضات.

من يدفع في غزة؟

نتنياهو يكسب الوقت، لكنه في أزمة غير بسيطة: بين شركائه الائتلافيين الذين يهددون بتفكيك حكومته من جهة، وضغط جماهيري تعاظم جداً الأسبوع الأخير من جهة أخرى. وثمة ضغط موازٍ يجري في الساحة الدولية، بين تخوف إسرائيل من هدنة طويلة تعزز حكم حماس وعملياً تخلده، وبين حاجتها لتحظى من جديد ببعض من الشرعية الدولية التي فقدتها في الأسابيع الأخيرة، على خلفية “حملة التجويع” التي أدارتها حماس.

قد تحاول إسرائيل فحص إمكانية استبدال المنحى الجزئي المقترح (10 مخطوفين و18 جثة مقابل 140 – 150 سجيناً مؤبداً، انسحاب إلى حزام أمني، تسريع المساعدات الإنسانية ووقف نار لـ 60 يوماً) بمنحى أوسع يتضمن الشروط التي قررها الكابنت. ثم شك في هذا، ويتطلب هذا شرطين أساسيين: الأول، وجود دائم لتهديد عسكري مصداق على حماس لتوسيع الحرب. والثاني، ضغط دولي على حماس (وعلى إسرائيل أيضاً).

ربما تكون هذه هي الساعة التي يتعين فيها على الولايات المتحدة أن تضع على الطاولة، علناً، اقتراحاً يتضمن علاقات مع السعودية ومع دول إسلامية أخرى، يبنى في إطاره أيضاً جهاز يكون مسؤولاً عن الحكم في قطاع غزة وإعماره بعد الحرب.

ثلاث ملاحظات:

1ـ بالنسبة لمصر التي عادت لتكون محور الوساطة المركزي، مثلما يفترض بها أن تكون دوماً، بحكم مكانتها وموقعها الجغرافي وعدائها للإخوان المسلمين أيضاً). ليس هذا سوى واحد من الأضرار التي سببها التسليم الإسرائيلي لقطر، والذي انكشف بعضه في قضية يحقق فيها الآن على الارتباطات بينها وبين مقربي نتنياهو.

2 ـ بالنسبة للإمكانيات، تحاول إسرائيل الحصول على كل شيء وتخاطر بأن تبقى بلا أي شيء. في المعضلة المعروفة، إذا كان من الأفضل عشرة مخطوفين أحياء أو المخاطرة بموتهم، فعلى الحكومة أن تشرح كيف تعتزم إعادة الجميع إلى الديار. فقولها إن ضغطاً عسكرياً سيفعل هذا يمكن تحديه بسهولة، في ضوء دروس السنتين الأخيرتين.

3 ـ أما بالنسبة للعائلات، فبعضها تلقى بلاغاً من مديرية المخطوفين حول إذا كانت بحاجة إلى مساعدات في الاستعدادات للأعياد، بمعنى بقاء المخطوفين يفترض في غزة حتى ذلك الحين. أمس، قيل لها إن المحادثات تجري بسرية، وإنه لا يمكن اطلاعها على التفاصيل. يخيل أن بعض الحساسية لن يضر. احتجاج يوم الأحد علمنا بأنه لا يمكن إسكات العائلات أو إسكات الشعب. إذا كان الاتفاق المقترح سيُعرقل، فستتفجر الصرخة التي يجمعها إسرائيليون كثيرون على وضعهم بصوت أعظم مما في الماضي.

 إسرائيل اليوم 20/8/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب