ثقافة وفنون
معنى أن يلتزم الأديب
معنى أن يلتزم الأديب
مصطفى معروفي
ـــــ
كما هو رأيي دائما فالأديب عندما يكون (ملتزما) بالمعنى الذي يكون به رهينة لخدمة يسار او يمين ويصير بالتالي مجرد كائن يقوم بوظيفة فإنه حينذاك لا ينتج أدبا وإنما يقوم بتحليل سياسي لا غير ،وهو بوصفه كأديب ليس هذا من مهمته وإنما من مهمة الناقد والسياسي .
الأديب الملتزم بالمفهوم السائد لا يقدم للمتلقي أدبا يحمل في طياته قيمة معينة،لأنه في الواقع كان يكتب بدون إحساس الأديب ولا انفعاله بما تزخر به الحياة وتلقيه أمامه للتأمل من تناقضات ،فيحرم نفسه التعبير عن ذلك ،ويستحيل من خالق مبدع كالمفروض في الأديب أن يكون إلى مجرد شخص آخر لا علاقة له بالأدب بالمفهوم الصحيح للأدب.
ونحن إذا ألقينا نظرة على الأدباء الروس قبل الثورة البلشفية مثلا ،سنجدهم ما وصلوا إلى العالمية ولا احتفظ لنا بهم لأنهم كانوا (ملتزمين) كما هو رائج وجار في الأدبيات الماركسية ،بل تم لهم ذلك بسبب مدى تعمقهم وإحساسهم بالحياة من حولهم،وانفعالهم القوي بها،بحي يمكننا القول بأنهم لم يلتزموا إلا بالحياة وشعورهم بأنهم أحرار طلقاء حيال ذلك.
إننا بعد الثورة البلشفية لم تقع أعيننا على أديب روسي ضاهى أو اقترب من نظرائه الذين برزوا قبل الثورة إياها،ربما باستثناء أديب واحد لم يتحمل قسوة الشروط التي يعيش تحتها الأديب ففضل مغادرة روسيا ليقيم بإحدى الدول الغربية.
إن الأحرى بالأديب أن يعيش حرا طليقا يحس بالحياة إحساسا حرا طليقا وينفعل بها بها انفعالا صادقا حتى لا يتحول إلى بوق لجهة سياسية ما ،ويصير منتجا للمناشير السياسية لا يقدم أدبا ينتفع به المتلقي ويغني به ذائقته الأدبية.
وإذن فعلى الاديب أن يلتزم بالحياة فقط ويكون إحساسه بها عميقا حتى نحس نحن كمتلقين بأنه قدم لنا نصوصا فيها من الأدب ما يجعلنا مقتنعين بأنه أديب فعلا وليس شخصا مدعيا غير ماهو ما هو الأدب وما معنى أن يكون المرء أديبا.
