لغة الجسد وقوة الصوت في النضال

لغة الجسد وقوة الصوت في النضال
بكر أبوبكر
نحن في إطار المقاومة والثورة الفلسطينية تعلمنا فن الحديث والخطاب والكلام المؤثر كما فن لغة الجسد على يد مجموعة من السياسيين والقادة الكبار الذين كانت لغتهم المنطوقة تسير جنبًا الى جنب مع لغة أجسادهم وما يميز هذه المدرسة، أو المدارس، أنها كانت من الثقة بذاتها الى الدرجة التي تجلت فيها القوة مع الراحة والعطاء مع الإقدام والتعبير مع القدرة على الانجاز.
في مدرسة ياسر عرفات وجدناه غارقًا بلغة الجسد بدرجة مبهرة، حتى أنها كانت تعبر أحيانًا وفي مواقف كثيرة عما يريده أكثر بكثير مما يقوله.
أما في مدرسة صلاح خلف أبوإياد الذي أتقن اللغة والحديث أو الخطابة فكانت لغة جسده ويديه عاملًا مساعدًا له في تحقيق التأثير المطلوب.
وفي مدرسة سليم الزعنون أبوالأديب تعملقت اللغة البديعة حتى استغنت عن لغة الجسد.
وفي مدرسة خالد الحسن أبوالسعيد كان الصوت وتقلباته يمثل حقيقة التعبير، إضافة لقوة الكلمات والمصطلحات الفكرية التي تدعوك للتأمل أو السرحان في المعاني.
إذن فنحن السائرون على درب المقاومة والجهاد والثورة حتى النصر بإذن الله، ولا هدف أعظم لنا الا رضاء المولى وتحرير فلسطين، لم نكن لنمتلك الا الاقتداء بأحد الأساليب أثناء إلقاء كلمة أو حديث أو خطاب في جامعة او مدرسة أو أي محفل ثم في اللقاءات التنظيمية.
فعلى سبيل المثال كنت أستشعر القوة حين أتحدث من وراء مكتب مقتديًا بصلاح خلف الذي شاهدته وأبوعمار وأبوالأديب يتحدثون من وراء المكتب وكان هذا الشعور بالقوة من وراء الطاولة أو المكتب وكأنه حاجز للإبداع وهو بالحقيقة ما أطلق سراح الرهبة والخوف حين تعلمت ضرورة الوقوف في مواجهة الجمهور من 30 سنة مضت، كانت بداياتها متعثرة حتى كان اتقنت ثلاثية المضمون بمعناه والصوت بتلاوينه ولغة الجسد ما شكلنا معه مدرستنا الخاصة في حركة فتح من جهة وفي كل المحافل وأيضًا حيث عقدنا مئات الدورات والورشات الفكرية والسياسية والتنظيمية والتاريخية والتنموية.
أن لغة الجسد مما أدركناه ضمن وعي ودرس وبحث وتجارب وتطبيق ومراجعة طويلة له من التأثير الكثير فليس للكلمات فقط تلك الأهمية، وإنما كيف تقال، وكيف أنت تهيئ نفسك نفسيًا وعقليًا وجسديًا لقولها.
كان ياسر عرفات غارقًا باختيار الكلمات القصيرة المعبرة، وإشاراته العاصفة. وكان أبوالسعيد خالد الحسن ينهل من نبع فكر عروبي إسلامي صاف متسامح وواسع ودرج على منواله هاني الحسن ورفيق النتشة والكثير، بينما مع ابوالأديب وماجد أبوشرار كان للأدب مكانته ومحله.
واستطاع صلاح خلف أن يحفر اسمه عميقًا في قلب الجمهور بنوعية صوته الفذة وقدرته البديعة على استخدامه صعودًا وهبوطًا مع يدين متعاونتين ونظرات صلبة.
وهكذا وجدنا أنفسنا نحاول ونحاول ووجدنا أمامنا الكثير من المناهل التي ان اغترفت من إحداها اكتفيت، وإن تبادلت بين المناهل مزجت وأبدعت، وإن استطعت أن تبني لنفسك خطًا محددًا مع جرعات مرويّة من المناهل كما نظن أننا فعلنا فلقد أحسنت التعلم، والأداء.
بكر أبوبكر
رئيس اكاديمية فتح الفكرية
أغسطس/آب 2025م