مقالات
التكنولوجيا في خدمة مشروع الابادة

التكنولوجيا في خدمة مشروع الابادة
د. حسين الديك
لم تقتصر ادوات الابادة التي يستخدمها الاحتلال على القوة العسكرية التدميرية والحرب المستمرة على الارض ، بل تجاوز ذلك الى حرب من نوع اخر ، اذ وظف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في خدمة مشروع الابادة ، واستخدم الشركات العالمية والفضاء الافتراضي كجزء من الحرب على الرواية ونقلها للراي العالم الدولي، اصبح الفضاء الافتراضي ووسائل التواصل الاجتماعي جزء من ساحة الحرب والمواجهة في الفضاء الافتراضي، فقد وظف الاحتلال الاسرائيلي الذكاء الاصطناعي كسلاح في المعركة لتنفيذ مشروع الابادة في قطاع غزة، وكان هناك تبعات لتوظيف الذكاء الاصطناعي من قبل الاحتلال في مشروع الابادة في قطاع غزة على ارتفاع اعداد الضحايا من المدنيين من الاطفال والنساء وساهم استخدام الذكاء الاصطناعي في جعل عمليات الابادة و القتل الجماعي ممكنة بسرعة تفوق قدرات العنصر البشري.
ان توظيف الاحتلال التقنيات التكنولوجية والرقمية ضمن نهج عسكري تدميري غير مسبوق في تنفيذ مشروع الابادة في قطاع غزة زاد من اعداد الضحايا من المدنيين الابرياء، وكان لتوظيف الذكاء الاصطناعي في الحرب انعكاسات كبيرة على قطاع غزة على نزع مبادئ الانسانية والضرورة والنسبية التي نص عليها القانون الدولي الانساني ومبادئ الصليب الاحمر والتي فرض على اطراف الحرب التقيد بها.
وكشفت الحرب في قطاع غزة مدى انحياز منصات التواصل الاجتماعي العالمية وخاصة الشركات الأمريكية في تقييد المحتوى الرقمي المؤيد للرواية الفلسطينية، ومدى الانحياز والتماهي مع الرواية الاسرائيلية، وعملت تلك المنصات على تزييف الحقائق في الفضاء الافتراضي لمصلحة الاحتلال، واصبح الفضاء الافتراضي ساحة مواجهة من نوع اخر ما بين الروايات والاخبار المتداولة للراي العام الدولي، وفي ظل حرب الإبادة المتواصلة في قطاع غزة تجلي ذلك في الرواية الحقيقية والرواية المضادة حيث تمكنت المنصات الرقمية المؤيدة للفلسطينيين من ايصال الرسالة الحقيقية للراي العام الدولي، فيما عجزت آلة الاعلام الإسرائيلي ومنظومة (الهاسبراه) ومعها الاعلام الرسمي الدولي المنحاز للاحتلال والاستعمار عن مواجهة هذا المحتوى الفعال والقوي والمؤثر في الراي العام الدولي.
ومع استمرار حرب الإبادة للفلسطينيين في قطاع غزة وظفت اسرائيل المنصات الرقمية الالكترونية من اجل تقييد وقمع محتوى المواطنين و الصحفييّن الذين نشطوا في توثيق ونشر معلومات أساسيّة مباشرة عن الجرائم والانتهاكات الاسرائيلية، من خلال سياسات الإشراف على المحتوى، “أظهرت هذه المنصّات تحيّزًا ضدّ أصوات الفلسطينيين ومناصريهم في العالم، ممّا أدّى إلى إسكات شهادات حيويّة، وفاقم ماساة وعزلة الشعيب الفلسطيني خلال هذا الوضع العصيب، والقيود المتزايدة على وصول الفلسطينيّين إلى الخدمات الرقميّة والالكترونية التي فُرضت خلال الحرب على قطاع غزة .
يتعرض الفلسطينيون للقمع والطرد والإسكات في العالم الافتراضي فتقوم شركات الإنترنت بمنعهم من سرد قصتهم في مواقع التواصل الاجتماعي ، وان هنا تمارس ثلاثة جهات اسرائيلية رقابة وقمع رقمي على الفلسطينيين ، اولا جهاز الشاباك اذ يتم استخدامه لتتبع وترهيب وسجن الفلسطينيين في الأراضي المحتلة بسبب ما ينشرونه على الإنترنت، ثانيا شبكة من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية التي تستخدمها الحكومة الإسرائيلية لاستهداف التعبير المؤيد للفلسطينيين في جميع أنحاء العالم، ثالثا شركات وسائل التواصل الاجتماعي الأميركية، التي تعمل على اسكات الفلسطيني.
ان الشركات التكنولوجية العالمية وخاصة الامريكية تتماهى مع سياسات الاحتلال الاسرائيلي في تقييد في قمع ومواجهة الفلسطينيين وترضخ للمطالب الاسرائيلية وربما الامريكية والجماعات الضاغطة وخاصة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الامريكية من اجل قمع المحتوى الرقمي الفلسطيني وفرض المزيد من القيود عليه لصالح البروباغندا الاسرائيلية.
وفي ظل هذا الانحياز من قبل شركات التكنولوجيا العالمية وتوظيف الاحتلال للتكنولوجيا في خدمة مشروع الابادة فانه اصبح من الضروري مواجهة هذه القضية بكل قوة وشجاعة و بناء تحالفات وطنية وإقليمية ودولية، شعبية ورسمية من اجل الضغط المتواصل على شبكات التواصل الاجتماعي، ودفعها إلى تغيير سياستها التمييزية، وتجنيد حركة التضامن الدولية، ومؤسسات المجتمع المدني الدولي، من اجل الضغط والتعامل بجدية مع المسارات القضائية، وتحدي هذه السياسات داخل أروقة المحاكم الأميركية والأوروبية، وفي محكمة العدل الدولية وفي المحكمة الجنائية الدولية.