الغارديان: وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية اشترت برمجيات تجسس إسرائيلية لاختراق الهواتف المحمولة

الغارديان: وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية اشترت برمجيات تجسس إسرائيلية لاختراق الهواتف المحمولة
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لنائبة مدير التحقيقات التابعة للصحيفة، ستيفاني كيرشغايسنر، في واشنطن قالت فيه إن موظفي الهجرة الأمريكيين سيتمكنون من الوصول إلى إحدى أكثر أدوات القرصنة تطورا في العالم بعد قرار إدارة ترامب بالمضي قدما في عقد مع شركة باراغون سوليوشنز، وهي شركة تأسست في إسرائيل وتصنع برامج تجسس يمكن استخدامها لاختراق أي هاتف محمول، بما في ذلك التطبيقات المشفرة.
وقد أبرمت وزارة الأمن الداخلي عقدا مع شركة باراغون، المملوكة الآن لشركة أمريكية، في أواخر عام 2024، في عهد إدارة بايدن. ولكن تم تعليق العقد الذي تبلغ قيمته مليوني دولار أمريكي في انتظار مراجعة الامتثال لضمان التزامه بأمر تنفيذي يقيد استخدام الحكومة الأمريكية لبرامج التجسس، وفقا لما ذكرته مجلة وايرد آنذاك.
تم الآن رفع هذا التعليق، وفقا لوثائق المشتريات العامة، التي تدرج وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية كجهة متعاقدة.
وهذا يعني أن أحد أقوى الأسلحة السيبرانية الخفية التي تم إنشاؤها على الإطلاق، والذي تم إنتاجه خارج الولايات المتحدة ،أصبح الآن في أيدي وكالة اتهمتها الجماعات المدنية وجماعات حقوق الإنسان مرارا وتكرارا بانتهاك حقوق الإجراءات القانونية الواجبة للأشخاص.
تم الإبلاغ عن القصة لأول مرة من قبل الصحافي جاك بولسون في نشرته الإخبارية “أول سورس انتلجنسن سابتاك”. ولم تستجب باراغون ولا وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية على الفور لطلبات التعليق.
عندما يتم نشره بنجاح ضد هدف، يمكن لبرنامج القرصنة – المسمى “غرافايت”، اختراق أي هاتف. من خلال التحكم في الهاتف المحمول بشكل أساسي، لا يمكن للمستخدم وفي هذه الحالة وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية، تتبع مكان وجود الفرد وقراءة رسائله والاطلاع على صوره فحسب، بل يمكنه أيضا فتح وقراءة المعلومات المحفوظة على التطبيقات المشفرة مثل واتساب وسيغنال. كما يمكن أيضا استخدام برامج التجسس مثل غرافايت كجهاز تصنت، من خلال التلاعب بمسجل الهاتف.
وسعى أمر تنفيذي وقعته إدارة بايدن إلى وضع بعض الحواجز حول استخدام الحكومة الأمريكية لبرامج التجسس. وقالت إن الولايات المتحدة “لن تستخدم عمليات تجسس تجارية تشكل مخاطر أمنية أو مضادة كبيرة على حكومة الولايات المتحدة أو مخاطر كبيرة من سوء الاستخدام من قبل حكومة أجنبية أو شخص أجنبي”.
كما اتخذت إدارة بايدن خطوة استثنائية بوضع إحدى شركات تصنيع برامج التجسس المنافسة لشركة باراغون، وهي مجموعة “أن أس أو” على القائمة السوداء لوزارة التجارة، قائلة إن الشركة زودت حكومات أجنبية عن علم “باستهداف خبيث” لهواتف المعارضين ونشطاء حقوق الإنسان والصحافيين.
وسعت باراغون إلى تمييز نفسها عن مجموعة “أن أس أو” وقالت إنه على عكس الأخيرة التي باعت سابقا برامج التجسس الخاصة بها إلى المملكة العربية السعودية وأنظمة أخرى، فإنها تتعامل فقط مع الديمقراطيات. كما قالت إنها تتبع سياسة عدم التسامح وستقطع علاقاتها مع العملاء الحكوميين الذين يستخدمون برامج التجسس لاستهداف أعضاء المجتمع المدني، مثل الصحافيين.
وترفض باراغون الكشف عن هوية عملائها وقالت إنها لا تملك رؤية واضحة لكيفية استخدام عملائها للتكنولوجيا ضد الأهداف.
وطالما قالت شركات مصنعة لبرامج التجسس، مثل باراغون وأن أس أو ، بأن منتجاتها مُصممة لمنع الجرائم والهجمات الإرهابية. إلا أن برامج كلتا الشركتين استخدمت في الماضي لاستهداف الأبرياء، بمن فيهم الأفراد الذين ينظر إليهم على أنهم أعداء للحكومات.
وقال جون سكوت-رايلتون، الباحث البارز في “سيتزن لاب” بجامعة تورنتو، وأحد أبرز الخبراء العالميين في قضايا إساءة استخدام برامج التجسس مثل غرافايت من قبل الحكومات، في بيان له، بأن هذه الأدوات “صممت للأنظمة الديكتاتورية، وليس للديمقراطيات القائمة على الحرية وحماية الحقوق الفردية”.
وقال: “إن قوة القرصنة الاختراقية السرية مفسدة. ولهذا السبب تتزايد فضائح برامج التجسس في الديمقراطيات، بما في ذلك برنامج غرافايت من باراغون”، في إشارة إلى الجدل الدائر في إيطاليا أواخر العام الماضي.
وقطعت باراغون علاقاتها مع إيطاليا بعد الكشف عن استهداف 90 شخصا، من بينهم صحافيون وأعضاء من المجتمع المدني، في عشرين دولة، ببرامج التجسس. من بين الأفراد الذين استهدفتهم الحكومة الإيطالية نشطاء في مجال حقوق الإنسان انتقدوا تعاملات إيطاليا مع ليبيا. كما استهدف العديد من الصحافيين، على الرغم من أنه لا يزال من غير الواضح من أمر بتلك الهجمات الإلكترونية.
وقد قاومت الحكومة الأمريكية في الماضي استخدام تقنيات برامج التجسس المصنعة خارج الولايات المتحدة بسبب مخاوف من أن أي شركة تبيع هذه التقنيات لوكالات حكومية متعددة حول العالم تُمثل خطرا أمنيا محتملا.
وقال سكوت-رايلتون: “طالما أن تقنية برامج التجسس المرتزقة نفسها تباع لحكومات متعددة، فهناك خطر متضمن في مكافحة التجسس. وبما أن جميعهم يعرفون الآن ما هي تقنيات المراقبة السرية التي تستخدمها الولايات المتحدة، ولديهم رؤى خاصة حول كيفية اكتشافها وتتبع ما تفعله الولايات المتحدة بها. ما لم تلغِ شركة باراغون جميع العقود الأجنبية، لست متأكدا من كيفية حل هذه المشكلة”.
وقالت نادين فريد جونسون، مديرة السياسات في معهد نايت للتعديل الأول بجامعة كولومبيا، والمكرس للدفاع عن حرية التعبير، إن أنباء عقد وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية فاقمت المخاوف المتعلقة بالحريات المدنية المحيطة “بالتوسع السريع والهائل في ميزانية وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية وسلطاتها”. كما دعت الكونغرس إلى التدخل والحد من الظروف التي يُمكن فيها نشر برامج التجسس.
وقالت فريد جونسون: “تشكل برامج التجسس، مثل برنامج غرافايت من شركة باراغون، تهديدا خطيرا لحرية التعبير والخصوصية. وقد استخدمت بالفعل ضد الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين حول العالم. كما أن الرفع الصامت لأمر وقف العمل يثير احتمالا مقلقا بأن بعض الجهات في السلطة التنفيذية تتصرف دون التزام بمتطلبات التدقيق الحكومية”.
– “القدس العربي”: