مقالات
تحت عنوان :”صوت هند يطارد إسرائيل!” بقلم الدكتور وائل الريماوي -اكاديمية فتح الفكرية –
بقلم الدكتور وائل الريماوي -اكاديمية فتح الفكرية -

تحت عنوان :”صوت هند يطارد إسرائيل!”
بقلم الدكتور وائل الريماوي -اكاديمية فتح الفكرية –
على صفحات جريدة القدس العربي الصادرة في لندن ..زاوية راي القدس ..
فاز فيلم «صوت هند رجب» وهو عمل سينمائي عن طفلة فلسطينية قتلها الجيش الإسرائيلي، بجائزة «الأسد الفضي» للجنة التحكيم الكبرى وهي ثاني أكبر جائزة في مهرجان البندقية السينمائي.
يوثّق الفيلم الحكاية المفجعة لبنت الست سنوات التي استهدفت دبابات إسرائيلية بالرصاص السيارة التي كانت تقلّها أواخر شهر كانون ثاني/يناير 2024. بعد أن علقت، مع طفلة أخرى، بين جثث أقاربهما الذين قتلوا على الفور.
تلقّى الهلال الأحمر الفلسطيني بعد الهجوم اتصالا من ليان حمادة (14 عاما) قالت فيها: «عمو قاعدين يطخوا علينا، إحنا بالسيارة والدبابة جنبنا. قطع الرصاص الصوت وتعالى صراخ الطفلتين وقُتلت ليان. تواصل المسعفون مع الناجية الأخيرة من المجزرة، هند رجب حمادة، وهناك تسجيل مؤثّر للساعات الثلاث الأخيرة لحياتها القصيرة وهي تستغيث أن يأتوا لأخذها.
توجّهت سيارة إسعاف نحو هند، بعد إعلام سلطات الاحتلال بخريطة الوصول إليها، لكن الاتصال انقطع أيضا مع طاقمها بعد إخراجها من السيارة ليُعثر، بعد 12 يوما من الحادثة، على جثامين الطفلة هند وأقاربها بشار حمادة وزوجته وأطفالهما ليان ورغد (13 عاما) ومحمد (11 عاما) وكذلك على جثتي المسعفين، وقد فارقوا الحياة بعد استهدافهم أيضا خلال مهمة الإنقاذ.
يحاول فيلم كوثر بن هنية، المخرجة التونسية، عمليا، أن يعيد حق الطفلة الفلسطينية، عبر تخليد قصتها المأساوية، ومن خلال وصف ما يحصل في غزة بشكل دقيق عبر منصّة عالمية.
تقرّ بن هنية أن السينما لا يمكن أن تعيد هند إلى الحياة أو تمحو الفظائع التي ارتكبت بحقها لكنها «قادرة على حفظ صوتها». قصة هند، كما قالت، «ليست لها وحدها، بل هي قصة مأساوية لشعب بأكمله يعاني من إبادة جماعية ترتكبها حكومة إسرائيلية مجرمة تتصرف بإفلات من العقاب».
استقطب العمل عددا من نجوم هوليوود الذين انضموا إلى لائحة المنتجين التنفيذيين، وبينهم براد بيت وخواكين فينيكس وروني مارا والفونسو كوارون وجوناثان غليزر، وشكّل وقوف وتصفيق المتفرجين على العرض الأول 24 دقيقة حدثا سينمائيا مهما.
يُضاف لكل ذلك طبعا أن اسم هند أطلق على مؤسسة مدنية أطلقت في بلجيكا عام 2024 وتعمل على مواجهة الإفلات من العقاب فيما يتعلق بجرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وقامت المؤسسة بأعمال مهمة منها تقديم شكوى للمحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، وبحق ألف جندي إسرائيلي حصلت على معلومات عن تورطهم بجرائم حرب، ورفعت دعاوى وطاردت هؤلاء في عدد كبير من دول العالم، وهو ما اعتبرته الحكومة الإسرائيلية «حملة منهجية تهدف الى نزع شرعية إسرائيل».
يقدّم الفيلم أمثولة مهمة في الاستفادة من الملحمة الفلسطينية التي تمثلها الدراما المتولّدة من الشرّ الهائل الذي تصنعه آلة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الإسرائيلية ضد الجماعة الفلسطينية ككل.
تخاطب القصة البسيطة للآلام الفظيعة التي توقعها آلة الإرهاب هذه ضد الأطفال الفلسطينيين قلوب الناس في العالم وتحوّل الدعاية السياسية المجترّة لإسرائيل حول «معاداة السامية» إلى مهزلة سوداء.
خرج صوت هند، الموؤودة بـ355 طلقة إسرائيلية، من قبرها الصغير ليجيب على سؤال: «بأيّ ذنب قُتلت» وليطارد قتلتها في كل مكان !