
وضوح في الرؤية صعوبة في الحركة
بقلم الدكتور ضرغام الدباغ / برلين
هذا تشخيص يقال لمن تراه يتمتع ببصر وبصيرة جيدة، ولكن ترهله يمنعه من الحركة صوب ما يراه ويدركه … أو لمن يكتشف (متأخرا للأسف) سلسلة مترابطة من الأخطاء، ولكن تداركه لها جاء متأخراً، ولذلك فالحيلولة دون وقوع المحذور غير ممكنة، وأفضل ما يمكن فعله في هذه المرحلة …. هو التقليل في حجم الخسائر ….! والرؤية بعين وذهن صافية للواحق الخطأ من تداعيات ستحل تباعا ما لم يتصف بالحيطة والحذر والانتباه …!.
ولا أقصد هنا بالترهل (طبعاً)، هو زيادة الوزن، بل اقصد الترهل الفكري، والسياسي الذي يقود للبطء في الحركة، وفقدان القدرة على المبادرة، هو ما يلحق بأي طرف من الاطراف من التزامات مضرة تثقل كاهل ذاك الطرف وتسيئ إلى حرية حركته، وتحرجه أمام سائر العناصر على مسرح العلاقات وتضعف موقفه، وكثرة الالتزامات مع أطراف (أفراد وشخصيات، أو كيانات سياسية)، تصعب عليه التراجع عنها، أو أن التنازل والتراجع هنا وهناك ستكلفه شيئاً، ومهادنة طرف، وبالإجمال تسيئ إلى موقفه عموماً وتقلص من تحقيق النجاح التام.
هذا موضوع معقد بدرجة ما، في الحياة السياسية الدولية حافلة بألتزامات، العلاقات من شتى الانواع، الثنائية منها (بين طرفين) أو الالتزامات الجماعية، سياسية / اقتصادية / عسكرية (أمنية) عبر اتفاقيات ومعاهدات جماعية، وهي موجودة في علاقات الدول، ويندر ان تخلو منها دولة في عصرنا الراهن، والانعزال صفة غير محمودة، ولكن في الوقت نفسه فإن الاسراف في اعطاء الوعود والتعاهد والتعاقد وكثرة الالتزامات تضيق من خيارات الدول وتثقل حركتها.
ويقال هذا تشخيص لمن تراه يتمتع ببصر وبصيرة جيدة، ولكن ترهله يمنعه من الحركة صوب ما يراه ويدركه … أو لمن يكتشف (متأخرا للأسف) سلسلة مترابطة من الأخطاء، ولكن تداركه لها جاء متأخراً، ولذلك فالحيلولة دون وقوع المحذور غير ممكنة، وأفضل ما يمكن فعله في هذه المرحلة هو :
ـــ هو التقليل في حجم الخسائر ….! والرؤية بعين وذهن صافية للواحق الخطأ من تداعيات. له قدرات الرؤية (العقل والتحليل) ولكنه يفتقر لقدرات النهوض والحركة.
ـــ هذا الاحتمال يطرح نفسه بقوة، ويتزايد حين يكون الجسم الإداري أكبر من الجسم التنفيذي، ويحتل مساحة أوسع، من الاهتمام والمصروفات، وبالتالي الجسم التنفيذي هناك من ينافسه على الأهتمام . قرأت مرة أن وزارة في دولة نامية، فيها عدد هائل من الموظفين في بطالة مقنعة، يشغلون بناية كبيرة جداً (أكثر مما تستحق واقعياً) ، وعدد كبير من السيارات لخدمة الموظفين، يتبع ذلك عدد أكبر من السواقين، وهكذا فالوزارة مشغولة بمشكلات الموفين أكث من أهمامها بعملها الإنتاجي المتخلف بطبيعة الحال.
ـــ التباطؤ في السير، أفضل من القيادة بسرعة فائقة، وارتكاب حادث مروري كارثي، يقتلك… ويقتل من معك ..! أن تصل متأخراً بعض الوقت، خير من أن لا تصل أبداً ….!
ــــ لا تنفعل وتتخذ قرارات تحت تأثير الغضب. فم إحدى شروط القائد السياسي أن يتجنب الغضب … تناول فنجان من القهوة، ولا بأس حتى أن تمارس لوقت معين إحدى هواياتك بدافع، تهدأة الانفعالات النفسبة،
ـــ أترك العمل والتفكير، وخذ حماماً دافئاً ,,,, وأعد حساباتك من البداية …
أذكر أثناء دراستنا في ألمانيا، كان الأستاذ المشرف حين يلاحظ أن هناك تراجعاً في أداء الباحث، ينصحه بترك العمل، وليمنح نفسه فسحة يذهب لسماع الموسيقى، والمسرح، والسير في الطبيعة، فهذا سيمنح خلايا دماغه شحنة جديدة من النشاط وتدفق الأفكار والقدرة على التنقل بين المعطيات.
هذه الشروط ترفع من مستوى أداء الموظف بدرة ملموسة، وتعود بالفائدة المؤكدة على الأنتاج، بالمقابل لا يجوز تسريح الموظف اعتباطاً وبمزاج مسؤول إداري، بل بمجلس تحقيق حيادي وكفوء، وقرارات مطابقة لقوانين الخدمة.
سمعت من صديق كان يدرس الهندسة المعمارية في ألمانيا، أن الأساتذة ينصحون بأرتياد الكونسيرتات (حفلات الموسيقى) والمسارح، ومشاهدة المتاحف …. والسفر والتمعن في أنماط البناء وفهم الخصائص الفنية لكل مرحلة : الغوتيك، الرينسانس، الباروك، الباوهاوس، وغيرها .
العلوم والفنون هي وحدة متقاربة، مترابطة، ولو تعمقت بالرؤية، ستجد في الصفحات الأولى أنها متقاربة .. وهذا نفهمه بدقة إذا درسنا عصر النهضة بعمق وتمعن،
وضع معايير صارمة ومستويات لابد لموظف الخدمة العامة أن يبلغها، فالوظيفة ليست وسيلة بحد ذاتها للتعيش، بل خدمة ينال الموظف مقابلها راتبا مجزياً، ولكي تكون خدمة الموظف مجزية، لابد من تمتعه ببعض الشروط يجرب الالتزام بها بدقة:
1. شهادة مدرسية أولية لا تقل عن : البكلوريوس، أو الدبلوم العالي (دراسة بعد سنتين على الأقل).
2. أتقان العمل على الكومبيوتر حتماً.
3. إتقان لغة أجنبية عالمية (الإنكليزية، الفرنسية، الألمانية، الاسبانية)وبتقانها لدرجة مدير عام، معاون مدير عام.
4. اشتراط امتحانات الترقية من درجة لأخرى.
5. السيارات الحكومية لا تعين إلا للوزراء ووكلاء الوزارة.
الاعتماد على المقادير حيلة المفلس عديم القدرة والكفاءة، أما الذكي الشجاع، فسيقول لك : أعقل وتوكل …………!