رئيسيالافتتاحيه

الفيتو الأميركي… دعم مطلق لإسرائيل وتناقض صارخ في المواقف

الفيتو الأميركي… دعم مطلق لإسرائيل وتناقض صارخ في المواقف
بقلم: رئيس تحرير صحيفة صوت العروبه
منذ عام 1972 وحتى اليوم، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) أكثر من 45 مرة لصالح إسرائيل، لإجهاض مشاريع قرارات في مجلس الأمن تدين الاحتلال أو تطالب بوقف الاستيطان والعدوان على الفلسطينيين والعرب. هذه الحصيلة تجعل إسرائيل الدولة الأكثر استفادة من الفيتو الأميركي في تاريخ المنظمة الدولية، وتؤكد أن واشنطن تتعامل معه كأداة سياسية لحماية حليفها الاستراتيجي، بصرف النظر عن القوانين والمواثيق الدولية.
أعادت الولايات المتحدة استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لإسقاط مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في غزة، رغم تأييد 14 دولة من أصل 15 عضواً. بهذا الموقف، كرست واشنطن انحيازها المطلق لإسرائيل، وأثبتت مرة أخرى أن مصالحها الاستراتيجية مع حكومة الاحتلال تفوق أي اعتبار إنساني أو قانوني.
الفيتو والتناقض الأميركي
اللافت أن هذا الموقف الأميركي يتناقض مع تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي دعا مراراً إلى وقف الحرب والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. كما يتناقض مع مساعي مستشاره ويتكوف، الذي حاول الدفع باتجاه تسوية سياسية لوقف نزيف الدم. غير أن الإدارة الأميركية الحالية تؤكد عبر الفيتو الأخير أنها منغمسة في الحرب حتى العظم، وأنها تقدم كل أشكال الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي لحكومة الائتلاف اليمينية المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو، ووزرائه الأكثر تطرفاً مثل سموتريتش وبن غفير، اللذين يدفعان نحو تصعيد الصراع وفرض مشروع “إسرائيل الكبرى” بالقوة.
ازدواجية المعايير
بينما ترفع واشنطن شعارات “حقوق الإنسان” و”النظام الدولي القائم على القواعد”، فإنها في الواقع تقف ضد أبسط المبادئ الإنسانية، رافضة أي صيغة تلزم إسرائيل بوقف القصف أو رفع الحصار أو السماح بإيصال المساعدات. هذه الازدواجية الفاضحة تكشف أن الفيتو الأميركي لم يعد مجرد أداة دبلوماسية، بل تحول إلى غطاء سياسي للعدوان الإسرائيلي وإلى وسيلة لفرض أجندة اليمين الإسرائيلي المتطرف على المجتمع الدولي.
نتائج وخسائر أوسع
في غزة: استمرار الكارثة الإنسانية مع تفشي المجاعة والأوبئة واستمرار القصف.
في المنطقة: تشجيع الاحتلال على التمادي بعد أن أدرك أن واشنطن توفر له الحماية مهما ارتكب من جرائم.
في الساحة الدولية: تعميق عزلة الولايات المتحدة التي وجدت نفسها منفردة أمام إجماع عالمي واسع.
نحو مواجهة الانحياز الأميركي
هذا الفيتو يفرض على الفلسطينيين والعرب والعالم الحر البحث عن بدائل عملية:
تفعيل آلية الاتحاد من أجل السلام في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
التحرك القانوني أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة قادة الاحتلال.
بناء تحالفات مع القوى الدولية الصاعدة لكسر هيمنة الفيتو الأميركي.
ونختم بالقول ان الفيتو الأميركي الأخير لم يُسقط مشروع قرار إنساني فحسب، بل أسقط معه صورة الولايات المتحدة كوسيط أو قوة عظمى محايدة. إنه إعلان صريح أن واشنطن تقف في خندق واحد مع اليمين الإسرائيلي المتطرف، وتتبنى سياساته التوسعية والإقصائية، في تناقض كامل مع ما تروج له من شعارات عن السلام وحقوق الإنسان. وبذلك تتحمل الولايات المتحدة مسؤولية مباشرة عن استمرار نزيف الدم في غزة والمنطقة، وتضع نفسها في مواجهة ضمير العالم وشعوبه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب