رئيسيالافتتاحيه

التعليم معركة البقاء… وإن انهار التعليم تنهار فلسطين

التعليم معركة البقاء… وإن انهار التعليم تنهار فلسطين
بقلم رئيس التحرير
ليس بالمدافع ولا بالصواريخ تُدمَّر الأمم، بل حين يُدمَّر التعليم ويُهان المعلم، وتُفتح أبواب الغش، تبدأ رحلة الانهيار من الداخل. الطبيب الذي يتخرج بلا علم يهدد حياة المرضى، المهندس الذي ينجح بالغش يهدم بيوت الناس، والقاضي الذي لا يمتلك الكفاءة يضيع العدالة. التعليم هو العمود الفقري لكل المؤسسات، وأي انتهاك له يعني ضرب مستقبل الأمة برمتها.
في فلسطين، الصورة مأساوية وواقعية. تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن أكثر من 658 ألف طفل خارج المدارس بسبب الدمار والحصار، وأكثر من نصف المباني التعليمية تعرضت لأضرار بالغة. في الوقت ذاته، تجاوزت البطالة بين خريجي الجامعات 45% في بعض التخصصات، ما أضعف ثقة المجتمع بجدوى التعليم ورفع معدلات التسرب المدرسي، وأدى إلى اتساع فجوة المهارات بين الطلبة وسوق العمل.
لكن التحدي لا يقتصر على الاحتلال والحروب، بل يشمل أزمات داخلية تهدد التعليم من جذوره:
بنية تحتية منهكة تحتاج إلى إعادة إعمار عاجلة ومجهزة لمواكبة العصر.
غياب رقابة صارمة على العملية التعليمية يسمح بالغش والفساد ويحول الشهادة إلى مجرد ورقة بلا مضمون.
تراجع البحث العلمي وانفصال الجامعات عن المجتمع وسوق العمل يحرم الطلاب من فرص الابتكار والتنمية.
محسوبية في التعيينات تهمش الكفاءات وتضعف النظام التعليمي برمته.
دروس من التاريخ: اليابان، ألمانيا، فيتنام
تثبت التجارب أن التعليم هو مفتاح النهوض بعد الكوارث:
اليابان أعادت بناء نظامها التعليمي بعد الحرب العالمية الثانية، فارتفع التعليم المهني والتقني، وظهرت قوة صناعية عالمية خلال جيل واحد.
ألمانيا بعد الحرب ركزت على المناهج العملية والبحث العلمي والكفاءة، ما أعاد لها مكانتها الاقتصادية والسياسية.
فيتنام بعد الحرب وفرت التعليم الأساسي وربطته بالتنمية المحلية، ما مكنها من تحقيق نمو وتقدم علمي سريع خلال عقود قليلة.
الرؤية الاستراتيجية لفلسطين
إنقاذ التعليم يحتاج خطة وطنية متكاملة:
1. عاجلة: تأمين بيئة تعليمية آمنة، إعادة تأهيل المدارس، وحماية حقوق المعلمين.
2. متوسطة: تحديث المناهج وربطها بسوق العمل، تعزيز البحث العلمي، وبناء منظومة رقابة صارمة لضمان نزاهة العملية التعليمية.
3. بعيدة المدى: جعل التعليم أولوية وطنية استراتيجية، مع تعزيز دور الجامعات كمحركات للتنمية والابتكار.
التعليم في فلسطين ليس مجرد قطاع خدمي، بل سلاح استراتيجي ومعركة وجودية. انهياره يعني انهيار الأمة بكل مؤسساتها، وحمايته تعني صون المستقبل وصناعة وطن حر ومزدهر قادر على الصمود في مواجهة كل التحديات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب