المبادرة الأمريكية: هل هي إعادة إنتاج لاتفاق أوسلو؟

المبادرة الأمريكية: هل هي إعادة إنتاج لاتفاق أوسلو؟
بقلم: رئيس التحرير
تطرح المبادرة الأمريكية لوقف الحرب الأخيرة على غزة والضفة الغربية جملة من التساؤلات الجوهرية حول جوهرها وأهدافها، خصوصًا في ظل ما شابها من ثغرات خطيرة تتعلق بالمرجعيات القانونية والالتزامات السياسية.
تغييب الشرعية الدولية
المبادرة الأمريكية لم تتطرق صراحة إلى قرارات الشرعية الدولية التي يفترض أن تشكل المرجعية القانونية لأي حل عادل، إذ غاب عنها القرار 2334 الذي يجرّم الاستيطان ويطالب بوقفه، كما لم يُذكر القرار 242 أو 338، ما يكشف عن نهج أمريكي متواصل يقوم على تجاوز القانون الدولي لصالح حلول تفاوضية محكومة بموازين القوة.
إعادة إنتاج أوسلو
كما هو الحال في اتفاق أوسلو قبل أكثر من ثلاثة عقود، تغيب عن المبادرة أي سقوف زمنية واضحة لإنهاء الاحتلال. فهي تكتفي بطرح وقف لإطلاق النار وإدارة للأزمة الإنسانية، ثم مفاوضات مفتوحة دون ضمانات أو التزامات محددة. وهو ما يجعلها نسخة معدلة من أوسلو، تُعيد الفلسطينيين إلى مسار تفاوضي طويل ومرهق بلا نهاية، وتكرّس واقع الاحتلال بدل تفكيكه.
شرعنة الاستيطان بالأمر الواقع
الأخطر أن المبادرة تجاهلت بشكل كامل ملف الاستيطان والمستوطنات غير الشرعية، بما يوحي وكأنها شرعنة للأمر الواقع، وهو ما يتوافق مع توجهات حكومة نتنياهو–سموتريتش–بن غفير الساعية لتوسيع الاستيطان وتعطيل أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
وسيط غير محايد
من الواضح أن الولايات المتحدة لا تتصرف كوسيط نزيه، بل كحليف استراتيجي لإسرائيل، ما يجعل المبادرة أقرب إلى أداة لإدارة الصراع وحماية الأمن الإسرائيلي على حساب الحقوق الفلسطينية، لا إطارًا عادلًا لإنهاء الاحتلال.
خيارات فلسطينية وعربية
قبول هذه المبادرة بصيغتها الحالية سيعني إعادة إنتاج مأساة أوسلو بكل تفاصيلها. لذلك فإن الموقف الفلسطيني يجب أن يكون مشروطًا بمرجعية واضحة: قرارات الأمم المتحدة، وقف الاستيطان تنفيذًا للقرار 2334، وتحديد سقف زمني ملزم لإنهاء الاحتلال. أما الموقف العربي، فعليه التمسك بمبادرة السلام العربية لعام 2002 وربط أي حل بمبادئ القانون الدولي.
الخلاصة
المبادرة الأمريكية بصيغتها الراهنة ليست سوى إعادة إنتاج لاتفاق أوسلو، وهي محاولة لتسكين الصراع لا حله، ولشراء الوقت لصالح إسرائيل على حساب الدم الفلسطيني وحق الشعب في الحرية والاستقلال.



