الافتتاحيهرئيسي

في اليوم العالمي للمعلمين: تكريم المعلم رسالة إنسانية ودعم المعلم الفلسطيني واجب وطني

في اليوم العالمي للمعلمين: تكريم المعلم رسالة إنسانية ودعم المعلم الفلسطيني واجب وطني
بقلم رئيس التحرير
في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، يحتفي العالم باليوم العالمي للمعلمين، الذي أقرّته منظمة اليونسكو ومنظمة العمل الدولية منذ عام 1994، تخليدًا لذكرى توقيع توصية عام 1966 بشأن أوضاع المعلمين وحقوقهم ومسؤولياتهم. وقد أرست تلك التوصية إطارًا مرجعيًا دوليًا لمكانة المعلم ودوره المحوري في بناء المجتمعات وصياغة المستقبل.
ويمثل هذا اليوم مناسبة لتجديد الالتزام العالمي بمهنة التعليم، وإعلاء شأن المعلم باعتباره الركيزة الأساسية لأي نهضة إنسانية أو حضارية. فالمعلم ليس ناقلًا للمعرفة فحسب، بل هو صانع الوعي الجمعي، ومهندس الفكر، وحارس القيم والهوية الوطنية والإنسانية.
أزمة عالمية تُهدد جوهر العملية التعليمية
رغم ما يرافق هذا اليوم من مظاهر احتفال وتقدير، إلا أن الواقع الدولي يكشف عن أزمة حقيقية في مهنة التعليم. فالعالم اليوم يواجه نقصًا غير مسبوق في أعداد المعلمين، بسبب تدهور ظروفهم المعيشية، وضعف الحوافز، وتراجع المكانة الاجتماعية لمهنتهم. وقد جاء شعار احتفالات عام 2023 ليعكس عمق هذه الأزمة:
> “المعلمون الذين نحتاج إليهم من أجل التعليم الذي نرغب به: ضرورة معالجة النقص في أعداد المعلمين على الصعيد العالمي.”
إنها صرخة أممية تُنبه إلى أن أي إصلاح تربوي أو نهضوي لا يمكن أن يتحقق ما لم يتم الاستثمار في الإنسان المعلّم، فالمعلم هو حجر الأساس في منظومة التنمية المستدامة، وبدونه تبقى كل الخطط والرؤى حبرًا على ورق.
المعلم الفلسطيني… عنوان الصمود وحارس الهوية
وفي قلب هذه الصورة العالمية، يتقدم المعلم الفلسطيني ليشكل حالة فريدة من الصمود والتحدي. فهو يؤدي رسالته وسط ظروف استثنائية تتقاطع فيها الاحتلال والعدوان والحصار وتراجع الموارد، لكنه يواصل عمله بإيمان لا يتزعزع بعدالة قضيته وبقدسية رسالته.
إن المعلم الفلسطيني لا يعلّم القراءة والكتابة فقط، بل يزرع في تلاميذه روح الانتماء للوطن وإرادة البقاء رغم الجرح، فيحوّل المدرسة إلى منبر وطني، والمقعد الدراسي إلى خندق من خنادق الوعي والمقاومة السلمية.
المعلم الفلسطيني هو ضمير الأمة وذاكرتها الحية، يكتب الدرس بمداد الصبر ويصوغ المستقبل رغم قسوة الواقع. يواجه الاحتلال بسلاح المعرفة، ويقاوم التجهيل بسياسة التنوير، ويغرس في الأجيال ثقافة الحق والعدالة والكرامة.
دعم المعلم الفلسطيني مسؤولية وطنية وقومية
إن تكريم المعلم الفلسطيني لا يكون بخطابات الشكر فحسب، بل بترجمة هذا التقدير إلى سياسات عملية ودعم حقيقي، من خلال:
تحسين الأجور وضمان العدالة في ظروف العمل.
تطوير البنية التحتية للمدارس خاصة في المناطق المهددة والجدارية.
توفير التدريب المهني المستدام ومواكبة التطور التكنولوجي التربوي.
إشراك المعلمين في صياغة السياسات التعليمية الوطنية.
تعزيز التضامن العربي والدولي لدعم صمودهم باعتبارهم خط الدفاع الأول عن الوعي الفلسطيني في وجه محاولات التجهيل والطمس.
خاتمة: تحية للضمير الحي
في اليوم العالمي للمعلمين، نقف إجلالًا واحترامًا لكل معلمٍ حمل الطباشير ليصنع فجرًا في عقول تلاميذه، ونخص بالتحية المعلم الفلسطيني الذي جعل من التعليم جبهة مقاومة، ومن الكلمة حصنًا للكرامة، ومن العلم سلاحًا في معركة البقاء.
فهو المربي والمناضل والمثقف والمجاهد بالكلمة، يعلّم أبناءه أن الحرية لا تُمنح بل تُنتزع، وأن القلم لا يقل شأنًا عن البندقية حين يكون دفاعًا عن الحق والإنسان.
> تحية لكل معلم فلسطيني يقف اليوم شامخًا في وجه الجهل والاحتلال، يرسم بالأمل مستقبل وطنٍ لا يُهزم، ويؤكد أن التعليم في فلسطين ليس مجرد مهنة، بل رسالة وواجب ووجود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب