الحرب التجارية: ترامب يعلن أنه سيفرض رسوما جمركية إضافية بنسبة 100% على الصين

الحرب التجارية: ترامب يعلن أنه سيفرض رسوما جمركية إضافية بنسبة 100% على الصين
قال ترامب في منشور على منصة تروث سوشال إنه “بناء على هذا الموقف غير المسبوق… ستفرض الولايات المتحدة الأميركية رسوما جمركية بنسبة 100% على الصين، بالإضافة إلى أي رسوم جمركية تدفعها حاليا”.
أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الجمعة، أنه سيفرض رسوما جمركية إضافية بنسبة 100% على الصين، وضوابط على تصدير البرمجيات الاستراتيجية إليها، اعتبارا من الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، وذلك بعد أن فرضت بكين قيودا “صارمة للغاية” على تصدير المعادن النادرة.
وقال ترامب في منشور على منصة تروث سوشال إنه “بناء على هذا الموقف غير المسبوق… ستفرض الولايات المتحدة الأميركية رسوما جمركية بنسبة 100% على الصين، بالإضافة إلى أي رسوم جمركية تدفعها حاليا”.
محللان أميركيان: سياسات ترامب كلمة السر وراء تنامي نفوذ الصين في النظام العالمي
منذ عودته إلى البيت الأبيض، والرئيس الأميركي دونالد ترامب وإدارته يهاجمان باستمرار النظام الدولي ومؤسساته. فقد وصفه وزير الخارجية، ماركو روبيو، بأنه “عفا عليه الزمن” و”سلاح يُستخدم ضد” الولايات المتحدة. أما الرئيس ترامب، فانتقد في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم 23 سبتمبر/أيلول الماضي، هذه المنظمة الدولية بشدة، واتهمها “بخلق مشاكل جديدة علينا حلّها”.
ومع ذلك، ظل السؤال الذي لم تجب عليه إدارة ترامب هو: كيف يمكن أن تستفيد الصين من الرفض الأميركي للنظام العالمي الحالي؟
ففي الشهور الأولى، بدا رد بكين على هجمات واشنطن على النظام الدولي حذرًا ومتزنًا في الغالب. وردّت الصين على الرسوم الجمركية الأميركية برسومٍ مضادة، ثم اكتفت بالجلوس والاستفادة من ابتعاد ترامب عن حلفاء الولايات المتحدة وانسحابه من المؤسسات الدولية، على حد قول جيفري بريسكوت، السفير الأميركي السابق والباحث الزائر في معهد كارنيغي للسلام الدولي، وجوليان جيفرتس، مدير إدارة الصين وتايوان في مجلس الأمن القومي الأميركي سابقًا، في تحليلٍ مشترك نشرته مجلة “فورين أفيرز” الأميركية.
والآن، انتهت فترة الحذر، وقررت بكين اتباع مسار أكثر طموحًا، وعرضت خططها بوضوح في قمة منظمة شنغهاي للتعاون قبل أسابيع. واستضاف الزعيم الصيني، شي جين بينغ، هذه القمة، وصافح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والتقى بـ18 زعيمًا آخر من آسيا وأوروبا.
وبعد بضعة أيام، شهد شي، محاطًا ببوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، عرضًا عسكريًا ضخمًا في بكين لاستعراض ترسانة الصين العسكرية سريعة النمو.
ثم جاء تعليق ترامب على القمة الصينية–الروسية–الكورية الشمالية والعرض العسكري الصيني بقوله إنه شاهدها على التلفزيون: “كانوا يأملون أن أشاهد، وكنت أشاهد”، ليكشف، بدون قصد، عن الموقع الدقيق الذي تأمله الصين للولايات المتحدة، وهو أن يصبح رئيسها، الذي غالبًا ما يكون المحرّك الرئيسي للسياسة العالمية، مجرد متفرج على الهامش في عالمٍ متغير.
ويهدف شي إلى ترسيخ مكانة الصين كمركزٍ لعالم جديد متعدد الأقطاب، وهو يتبنى استراتيجية دبلوماسية جديدة أكثر نشاطًا لتحقيق هذا الهدف. وبدلًا من إجبار الولايات المتحدة على التخلي عن موقعها القيادي في النظام الدولي أو قلب النظام القائم، تستغل الصين تنازل ترامب السريع والطوعي عن الدور القيادي لواشنطن.
كما تعزز الصين نفوذها ومكانتها داخل المؤسسات القائمة، سعيًا منها لتحويل مراكز ثقل النظام الدولي بشكلٍ نهائي نحو بكين.
إذا نجحت هذه الاستراتيجية، فسيتغيّر النظام الدولي جذريًا، وتصبح الصين في مركز الصدارة، ويتراجع النفوذ الأميركي بطرقٍ قد يصعب على الإدارات الأميركية القادمة استعادته.
وقبل فترة ليست بعيدة، كان يمكن لمحللي السياسة الخارجية تجاهل مشاهد قمة منظمة شنغهاي للتعاون، باعتبارها مثقلة بالمظاهر وتفتقر إلى الجوهر. كما أن الخلافات بين الأعضاء الرئيسيين في المنظمة، مثل النزاع الحدودي بين الصين والهند، كانت تغلب على أوجه التقارب بينها.
وبعض المعلقين والمسؤولين الأميركيين وصفوا القمة الأخيرة التي استضافتها الصين بأنها “استعراضية” ومجرد “فرصة لالتقاط الصور”.
لكن المشهد تغيّر تمامًا بعد ثمانية أشهر من ولاية ترامب الثانية، وأصبحت هذه القراءة للقمة الأخيرة قراءة سطحية في أحسن الأحوال. فهي تُقلّل من مدى تأثير ردود الفعل العالمية على تصرفات ترامب في إعادة تشكيل العالم.
فالنظام الدولي الذي بنته الولايات المتحدة وحافظت عليه لعقود يقترب من نهايته، وما يليه أصبح مطروحًا للنقاش.
وتتنافس العديد من الدول على النفوذ، وأصبحت الاتفاقيات قصيرة الأجل، بدلًا من التعاون طويل الأمد، هي القاعدة الجديدة، مما يُبشّر بمرحلة أطلق عليها أحد المحللين: “التعددية القطبية للمرتزقة” في الشؤون الخارجية.
ويرى شي فرصة سانحة لتشكيل عالم متمركز حول الصين دون الدخول في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، من خلال التحرك بقوة في المناطق التي تنسحب منها واشنطن نتيجة سياسة “أميركا أولًا” التي يتبناها ترامب.
ويمتد مشروع شي إلى ما هو أبعد من مجرد جمع قادة العالم في المدن الصينية.
فبينما كان الرئيس الأميركي على خلاف مع زعيمي البرازيل والهند، ألقى شي كلمة في اجتماع لمجموعة البريكس استضافته العاصمة البرازيلية برازيليا حول موضوع “مقاومة الحمائية”، ورحّب بمودي في الصين لتعزيز العلاقات مع هاتين القوتين الرئيسيتين.
وبينما يفرض ترامب رسومًا جمركية على معظم أنحاء العالم ويلغي المساعدات الخارجية، يتودد شي إلى قادة العالم النامي.
وأعلنت بكين تخفيض الرسوم الجمركية على السلع الأفريقية في يونيو/حزيران، وقالت خلال سبتمبر/أيلول إنها ستدعم جهود إصلاح منظمة التجارة العالمية بما يفيد النمو الاقتصادي للدول النامية، حيث أصبحت سياسة ترامب كلمة السر وراء تنامي النفوذ الصيني في النظام العالمي.
وفي حين تبنّت إدارة ترامب استراتيجية قومية صريحة في مجال التكنولوجيا، وقالت إن خطة عملها للذكاء الاصطناعي تستهدف “الفوز بالسباق” العالمي، استضافت الصين المؤتمر العالمي السنوي للذكاء الاصطناعي تحت عنوان: “التضامن العالمي في عصر الذكاء الاصطناعي”، مدعية أن بكين ترغب في تقاسم فوائد الذكاء الاصطناعي مع كل شعوب العالم، وأعلنت عن مشروع حوكمة عالمي جديد للذكاء الاصطناعي لتحقيق هذا الهدف.
في الوقت نفسه، فإن تصرفات شي أوضحت أن هذا النظام العالمي المحتمل المُتمركز حول الصين سيُكافئ الدول المناوئة للولايات المتحدة.
ولعل أبرز دليل على هذا هو قرار شي منح مكان الصدارة خلال العرض العسكري في بكين للزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، الذي تخضع بلاده لعقوبات أميركية قاسية منذ عقود، والذي أرسل قواتٍ للقتال في حرب روسيا ضد أوكرانيا.
كما استقبل شي قادةً آخرين مناوئين للولايات المتحدة بطريقةٍ ما، مثل بوتين والرئيس الإيراني، مسعود بيزشكيان، بترحيب كبير.
في الوقت نفسه، تبدو الصين معنيّة بالظهور كقوةٍ مدافعة عن النظام الدولي وليست مخربة له، وتضفي لمسة جديدة على جهودها المُستمرة لضمان مكانة متميزة في المؤسسات القائمة، مع تعزيز قدرتها على وضع المعايير والقواعد داخلها.
وحتى وقتٍ قريب، كانت الصين تسعى لتحقيق هذه الأهداف عبر مسارٍ أقل إثارة للقلق، مكتفية بانتقاد السياسات الأميركية غير الشعبية، وتركيز أنشطتها في مجالاتٍ لا تجذب اهتمامًا دوليًا يُذكر، مثل التنمية والثقافة وحفظ السلام.
ولكن، مع تشكيك ترامب القوي في الهدف الحقيقي للأمم المتحدة في خطابه أمام الجمعية العامة، أصبح لدى بكين جمهور دولي قد يكون أكثر استعدادًا لقبول مبادراتها.
ومن غير الواقعي انتظار تغيير إدارة ترامب لنهجها فجأة، أو أن ترى فائدة في احتضان الحلفاء والتنافس مع الصين على النفوذ في الأمم المتحدة.
ورغم أن مثل هذا التغيير سيحظى بدعم الشعب الأميركي، الذي تؤمن غالبيته بفائدة التحالفات الأميركية وبأن الأمم المتحدة تؤدي دورًا ضروريًا، وإن كان ناقصًا، فإن التغيير سيتعارض بشدة مع سياسة “أميركا أولًا”.
لذلك، من المرجح أن تترك الولايات المتحدة المجال مفتوحًا أمام الصين لتعزيز نفوذها في المؤسسات الدولية خلال السنوات القليلة المقبلة.
لكن نجاح الصين ليس مضمونًا. فقد تواجه بكين صعوبة في تحقيق طموحاتها الكبرى بإقامة نظام عالمي جديد يتمركز حولها.
فالعديد من دول العالم ترى أن عالمًا متمركزًا حول الصين سيكون مقيدًا بشروط، وقد لا تتمكن بكين من مقاومة تصعيد نزاعاتها الإقليمية العديدة في آسيا أو استعراض قدراتها أمام جيرانها.
وقد أدت نزاعات الصين الإقليمية وإجراءاتها ضد الأطراف الأخرى في هذه النزاعات إلى رد فعل عنيف من الدول المتمسكة باستقلاليتها.
ويمكن لهذه الدول مقاومة جهود الصين من أجل تشكيل النظام العالمي من خلال تقليل اعتمادها على كل من بكين وواشنطن.
ومعنى هذا أن أخطاء الصين أو مقاومة الدول الأخرى قد تُحبط خطط شي، وهو ما يمكن أن يمنح الولايات المتحدة بعض الوقت، حتى تتمكن قيادة مختلفة في واشنطن من استعادة رؤيتها للمستقبل، التي تتمحور حول ما هو أكثر من مجرد الاهتمام بمصالحها الخاصة.