صباح الخير يا عرب… متى تستفيقون من نومكم؟

صباح الخير يا عرب… متى تستفيقون من نومكم؟
بقلم: رئيس التحرير
صباح الخير يا عرب، على أوطانٍ أنهكها الانقسام، وعلى شعوبٍ طمست أحلامها طويلاً تحت وطأة الحروب، المؤامرات، والتشتت الداخلي. من فلسطين الجريحة إلى بغداد المثخنة، ومن بيروت المحاصرة إلى الخرطوم النازفة، يعلو سؤال يوجع الوجدان: متى تستفيقون من نومكم؟
لقد طال سبات الضمائر حتى صارت الدماء مشهداً عابراً، والتطبيع سياسة، والخيانة وجهة نظر. ينهبون الأرض، ويشوّهون التاريخ، ويزيّفون الوعي، فيما الأمة غارقة بين صراعات وهمية ومصالح ضيقة، لا ترى فيها سوى صور الخلاف الداخلي والتنافس على الكراسي. الصمت في زمن الانهيار ليس حياداً، بل مشاركة في الجريمة.
الواقع العربي اليوم يصرخ بأعلى صوته: دول تنهار من الداخل، اقتصاداتها تتقهقر، ومجتمعاتها تتفتت بفعل الطائفية والسياسات القصيرة النظر. كل ذلك يحدث بينما شعوب العالم تتقدم نحو العلم والتقنية والابتكار، في حين تبقى الأمة العربية أسيرة صراعات مفتعلة، تُدار من الخارج وتُغذّى من الداخل.
أسباب هذه الغفلة معقدة، لكنها واضحة: تبعية سياسية واقتصادية طويلة، إعلام موجّه، تعليم مفرّغ من قيم النهضة، ونخب فكرية وسياسية اختارت الصمت أو الولاء الذاتي على حساب المصلحة العامة. الكلمة التي كانت قادرة على إشعال الضمير والتحفيز على التغيير، صارت تُباع في أسواق الولاءات، وصار الصمت خيارًا مريحًا على حساب الحقيقة.
لكن التاريخ يعلّمنا أن الأمم لا تموت ما دام فيها من يؤمن بالنهضة. المسؤولية الكبرى تقع على الشعوب نفسها: أن ترفض الكذب، أن تسائل من يحكمها، أن تستعيد الوعي وأن تدرك أن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع بالإرادة والفعل الواعي.
اليقظة العربية تبدأ من وعي الفرد، وتستمر بالعمل المشترك، واستعادة الثقة بالذات، وإحياء قيم العروبة والعدالة، وبناء مشروع موحّد يعيد للأمة مكانتها بين الأمم. فالشجاعة في مواجهة الذات، والإقدام في مواجهة الواقع، هو ما يعيد للعرب تاريخهم الضائع ويصنع لهم مستقبلاً حقيقياً.
صباح الخير يا عرب، آن لكم أن تستفيقوا من نومكم قبل أن تشرق شمس غيركم على أوطانكم المطفأة. فالمستقبل لا يُصنع بالانتظار، بل بالإرادة، بالوعي، وبالعمل الجماعي الجاد، قبل أن تلتهم الفرصة من لا يعرف سوى الطمع والهيمنة.




