مقالات

 ادارة الازمة بدل حلها: غزة بين اتفاقات الترقيع والكمائن السياسية بقلم مروان سلطان- فلسطين 🇵🇸

بقلم مروان سلطان -فلسطين 🇵🇸

 ادارة الازمة بدل حلها: غزة بين اتفاقات الترقيع والكمائن السياسية

بقلم مروان سلطان.        فلسطين 🇵🇸

23.11.2025

⸻———————————————

من يتابع تفاصيل السياسة الامريكية في الشان الفلسطيني يدرك ان واشنطن لا تتعامل مع الواقع باعتباره ازمة يجب حلها، بل باعتباره ملفا يجب ادارته والتحكم بإيقاعه. هذا النهج يتكرر في كل محطة، ومع كل تحول، لكن غزة تكشفه اليوم بأوضح صورة. فبدلا من البحث عن جذور المشكلة، تنشغل الادارة الامريكية بمعالجات مؤقتة، وكأن حياة الناس يمكن التعامل معها كمسكنات ظرفية لا اكثر. قطاع غزة في المنظور الامريكي لا يختلف عنه في العراق، وافغانستان، ولبنان، وليبيا، وكل المناطق الساخنة في العالم ، اذ تقوم الادارة الامريكية على ادارة الازمة ، واعتماد سياسة الترقيع لكل تلك الازمات ، وتركها دون حل.

افادت صحيفة هارتس ان الادارة الامريكية تبذل جهدا لنقل سكان غزة الى المناطق التي يتواجد فيها الجيش الاسرائيلي. هذا الخبر، وكثير من مثله، يحمل معاني واحتمالات كثيرة ترهق الفلسطينين بلا شك. اولا ادارة الازمات لا حلها، وسياسة الترقيع هي اهم معالم اتفاق غزة.

الذي يهمنا في هذه المعادلة هو الجمهور الفلسطيني الذي دفع ثمنا باهظا في هذه الحرب دون اي سبب. وتبرز اسئلة تحتاج الى اجابة واضحة وجلية: هل هذا هو الحل الذي توصلت اليه العبقرية الامريكية ومراكز الدراسات والابحاث المنتشرة في الجامعات الامريكية وفي مؤسسات الدولة؟ ام هو نتاج فكر الكاوبوي الامريكي؟

من الواضح ان الطرح خارج نطاق مراكز الابحاث، وهو جزء من سياسة الترقيع التي تخوضها الادارة الحالية. هذا الطرح لا يعكس فهما لمصير امة وشعب، بل يبدو كأن الجميع يحضر طبخة يضعون فيها كل ما هب ودب، ثم يقدمونها بيد من لا يتقن الطبخ. فكيف يكون المذاق؟ وكيف يكون المظهر؟ حدث ولا حرج.

صحيح ان هناك اتفاق وقف اطلاق النار، لكنه مليء بالكمائن التي تخدم التفسيرات الاسرائيلية التي لا يعترض عليها احد. ولا ينتقد احد نقض هذا الاتفاق، والملام دائما الفلسطيني، والضحية هم الناس. اعداد الشهداء والجرحى في تزايد يومي، وكان الذي يموت ليسوا بشرا.

وقف اطلاق النار هو مشروع الرئيس ترامب لانقاذ نتنياهو من استمرار الحرب ومن الغضب العالمي. وقدم لنتنياهو هدية تتيح له تنفيذ ضربات موجعة وقتما يشاء وتحقيق الاهداف التي يريدها.

كان الاجدى ان يطلب من الاسرائيليين انهاء احتلال غزة بعد الافراج عن الرهائن واستلام جثث من قتلوا منهم بسبب القصف. فلم يعد هناك اي ضرورة لوجود الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة. عندها يرتب الناس حياتهم وتمضي باقي بنود الاتفاق.

اما ان تؤول الامور الى مثل هذه الطروحات، فهذا يقود الى معنى واحد: ان امريكا تدير الازمة ولا تحلها. وبالتالي تتعقد الامور اكثر وتستمر معاناة الفلسطينيين، خاصة اننا ما زلنا نسمع الطروحات الاسرائيلية المتعلقة بالتهجير، ومناشدة نتنياهو لمصر بالسماح بخروج الفلسطينين من قطاع غزة عبر الحدود.

ما زالت الاكمة مليئة بالمفاجات والالغام التي لم تنفجر بعد، لكنها تحمل جهاز توقيت قابل للانفجار في اي لحظة. وفي المحصلة، ما يجري ليس خطة لحل، بل ادارة مستمرة لازمة مفتوحة على كل الاتجاهات. الحقيقة التي تتجنب واشنطن الاعتراف بها هي ان الاحتلال هو اصل الازمة وجذرها، وان كل محاولات الالتفاف تنتج مزيدا من التعقيد والانفجار. الناس في غزة يريدون حياة عادية، بيتا آمنا، وقدرة على اعادة بناء ما تبقى من تفاصيل يومهم. اما السياسات المؤقتة والاقتراحات المبتورة فلن تصنع واقعا جديدا، وسلاما .  المطلوب واضح: انهاء الاحتلال وترك هذا الشعب يرتب حياته بسلام، بعيدا عن حسابات حقل التجارب الامريكية والاسرائيلية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب